فضاء الرأي

حماس تفقد السيطرة.. ماذا بعد؟

نازحون فلسطينيون ينتظرون أمام مركز لتوزيع المياه في دير البلح بوسط قطاع غزة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

من يتابع الأحداث في غزة، سيعرف حتماً حجم المأساة التي يعاني منها القطاع، الذي تحول إلى أكوام من الركام نتيجة العمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، التي نفذتها حركة حماس تجاه المستوطنين الإسرائيليين. بعدها اندلع هجوم غير مسبوق من جانب الاحتلال انتقاماً من حماس، ويدفع ثمنه حتى الآن سكان غزة الأبرياء.

بالتأكيد، أرادت حماس توجيه ضربة قوية لجيش الاحتلال للدفاع عن الأرض، ولكن لم تدرك جيداً عواقب القرار، الذي قد يبدو أنه اُتخذ بشكل غير مدروس. وظهرت عواقبه على القطاع بالكامل؛ إذ دفع عدد من قيادات الحركة البارزين حياتهم ثمناً لهجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بخلاف الخسائر التي لحقت بالهيكل التنظيمي للحركة على المستوى السياسي واللوجستي.

مع مرور الوقت، فقدت حماس العديد من مصادر الدعم، وأصبحت تواجه أصعب فترة منذ تأسيسها في الثمانينيات. ولحق بقطاع غزة خسائر فادحة في البنية التحتية. ووفقاً للإحصائيات الأممية، فإن ثلثي إجمالي المباني في قطاع غزة لحقت بها أضرار، تمثل 66 بالمئة من المباني المتضررة في القطاع، وما يقرب من 68 بالمئة من حقول المحاصيل الدائمة في قطاع غزة سجلت تراجعاً كبيراً في صحة المحاصيل وكثافتها.

وفقدت حماس السيطرة على الحالة الأمنية في القطاع، وظهر ذلك من خلال عمليات النهب التي طالت المساعدات الإنسانية الموجهة لسكان غزة. تورطت في هذه العمليات العشائر المحلية بدعم من جيش الاحتلال، الذي يقوم بتفتيش كافة السيارات المحملة بالمساعدات ويتولى الإشراف على خط سيرها ومراقبتها. تعرضت القوافل لعمليات سطو ممنهجة تحت أعين الجيش الإسرائيلي، الذي يمنع الجنود الذين يراقبون الحدود ويشاهدون عمليات النهب من إطلاق النار على مهاجمي القوافل.

إقرأ أيضاً: أين الحكومة من معاناة سكان غزة؟

بيان الأمم المتحدة في هذا الشأن ذكر أن مسلحين في غزة يوقفون نقل المساعدات ويطلقون النار على إطارات الشاحنات، ويطلبون من السائقين دفع رسوم مرور بقيمة خمسة آلاف دولار. من يرفض يتعرض للاختطاف أو نهب المساعدات الإنسانية. ومعظم حالات سرقة المساعدات الإنسانية متشابهة في روايتها، وتتم تحت أعين جيش الاحتلال الإسرائيلي. يتم نهب المساعدات بصورة مستمرة، مما يشير إلى انهيار النظام المدني وخروج الوضع عن السيطرة.

وباتت المساعدات الإنسانية تباع في الأسواق المحلية، ويظهر جلياً انتشار كراتين إغاثية مكتوب عليها مساعدات مقدمة من الأمم المتحدة وغير مخصصة للبيع. تقوم العشائر ببيعها بزيادة تصل إلى 1050 بالمئة عن سعرها الأصلي. ويفوق حجم المساعدات الإنسانية التي نُهبت مئات ملايين الدولارات في ظل غياب الأمن وعدم تأمين سلامة القوافل.

إقرأ أيضاً: لهذه الأسباب طويت صفحة حماس

وحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلصاق تهمة نهب المساعدات بحركة حماس، مدعياً أن الحركة تقف وراء سرقة المعونات لتدمير شعبيتها تماماً بين سكان غزة، والتي تراجعت بالفعل وفقاً لمراكز الاستطلاع. ونفى أحد الدبلوماسيين الأميركيين المشاركين في المساعدات الإنسانية لغزة مزاعم إسرائيل بأن حماس وراء سرقة المساعدات، مؤكداً أنه لا توجد أدلة محددة على تحويل أو سرقة مساعدات من قبل الحركة.

لا شك أن قدرة حركة حماس على السيطرة على قطاع غزة أصبحت شبه معدومة بعد توغل جيش الاحتلال في مختلف المناطق داخل القطاع. كما أن انعدام الأمن والسطو على المساعدات أكبر دليل على ذلك. ومن المؤكد أن قيادات حماس أنفسهم أصبحوا يدركون ذلك جيداً، بعد الأنباء التي تداولت عن إبداء الحركة مرونة من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، أملاً في الحفاظ على كيان الحركة الذي أصبح يواجه مخاطر كبيرة قد تنهي مسيرتها السياسية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف