ثقافات

شعر

مشاهدُ قصيرةٌ

جزء من لوحة La Récolte des Foins, Éragny للفنان كاميل بيسارو
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في ليلةِ الحصادْ

تمرّدتْ سنبلةٌ صارخةً:

بئسَ الغدُ الذي إذا نجوتُ فيهِ من مخالبِ الجرَادْ

فلسْتُ أنجو من رحىً تطحَنُني

لِتُشبِعَ الجلّادْ

***

كلُّ شيءٍ على حالِهِ

مثلَما كانَ قبلَ سنينْ

فإناءُ الزهورِ على حافّةِ النافذةْ

غيرَ أنّ الزهورَ اختفَتْ

والمجلّاتُ مصفرَّةٌ

لكأنَّ الغُبارَ دموعُ الجمادِ علينا

كأنَّ الغبارَ ثلوجٌ تُغطِّي اشتعالَ الحنينْ

***

في مثلِ هذا اليومْ

أبي وعمّي التقيا بعدَ ثلاثينَ سنةْ

وصاحَ كلٌّ منهما: ربّاهُ كم كبُرْتْ!

كانَ أبي ينظرُ في المرآةِ كلَّ صبحْ

لكنّهُ لم ينتبِهْ قطُّ لهذا الجرحْ

حتى التقى أخاهْ

وصاحَ: كم كبُرتْ!

***

فراشةٌ حبيسةٌ في بيتِنا

تنقّلَتْ من غرفةٍ لغرفةٍ

ولم يكنْ في البيتِ من أحدْ

وحينما همَّتْ بأن تغادرَ البيتَ

نسَتْ من أيِّ شِقٍّ دخلَتْ

وهكذا ظلَّتْ إلى الأبدْ

فراشةً حبيسةً في لعبةِ الجسدْ

***

نحتاجُ للجَّمَالِ كلَّ يومْ

نحتاجُ أن نكلِّمَ النساءَ كلَّ يومْ

نحتاجُ أن نرسُمَ في السماءْ

شمساً لنا جديدةْ

تُشرقُ من أرضٍ بلا دماءْ

تغرُبُ في القصيدةْ

***

من زمانٍ وأنا لم أستمِعْ للماءِ يجري في الطبيعةْ

إنَّ صوتَ الماءِ في بيتي رتيبٌ في الأنابيبِ السريعةْ

تخدِشُ الماءَ فيأتي لَزِجاً لا روحَ فيهْ

والحصى في النهرِ ماءٌ شاخَ لم يُزعِجْ بنيهْ

مُطمَئِنّاً نامَ في قاعٍ سحيقٍ يشتهيهْ

***

إنَّ من يُطبِقُ عينيَّ على أمسٍ تليدْ

هوَ من يفتَحُ عينيَّ على يومٍ جديدْ

***

في المِصْعَدِ

كنّا عشرةَ أشخاصٍ نتلاصَقُ

وكأنّا لحمٌ مسلوقٌ في قِدْرِ بُخارْ

في الحافلةِ العامّةِ

كانت رجلي اليمني داخلَها

واليسرى خارجَ بوّابَتِها المفتوحةْ

في المسجدِ

داسوا قدمَيَّ فلم أخشَعْ بصلاتي

في المكتبِ

أوراقٌ وأضابيرُ أراها أطولَ منّي

وأخيراً في البيتِ

دخلتُ الغرفةَ كي أرتاحْ

فإذا فوقَ سريري سبعةُ أولادٍ

وامرأتانْ!

***

الناسُ مبتسمونَ في هذا الصباحْ

وكأنَّ شيئاً لم يكنْ

أوَهكذا يا أهلَنا تُنسى الجراحْ

ويُعافُ مُغتَصِبُ الوطنْ

أولى إذن بِكُمُ المقابرُ والمِحَنْ

ولْتطحنيهم يا دوائرُ يا زمنْ

***

يقطُنُ قُربي جارٌ قد بلَغَ التسعينْ

لا ألمَحُهُ غيرَ لِمامٍ

يجلِسُ في الشرفةِ ويُحدِّقُ في المجهولِ

فأُومِئُ بيدي لكنْ ليسَ يردُّ

وبعدَ المغرِبِ بقليلٍ

تُطفَأُ أضواءُ البيتِ

ويغرَقُ في الظلماتْ

بينَ الجارِ وبيني أرضٌ فارغةٌ

وكلامٌ مكنونٌ لا أعرِفُ أنَّى أبدأُهُ

ودموعٌ من وحشتِنا نحنُ الاثنينِ بهذي الأوقاتْ

***

وكانَ الشجرْ

رفيقي طَوالَ السفرْ

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف