فضاء الرأي

أنا ولجنة التحديد والتحرير (7)

لم يكن العديد من الأكراد في سوريا على دراية بمخططات دمشق، وانجرف بعضهم في التيار القومي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

اللجنة المكلفة بتنفيذ قرار الاستيلاء، لم تخطط المساحات المستثمرة من قبل فلاحي قرية نصران ولا التخوم الفاصلة بينهم وبين الملاك، ولم تمس ملكية أسر القرية، بل اكتفت بتخطيط بيوتهم فحسب. وجدير بالقول هنا إنَّ السلطة كانت على دراية بما يستثمره الفلاح، وهو أقل بكثير مما أعطيت لعائلات المستوطنين، ويمكن القول إنها لم تتجاوز ربع ما ملكه الغمريون، والمثير للجدل أنها احتسبت من ضمن حصة الملاك، كما نوهنا إليه سابقاً.

على سبيل المثال، حصلت أربع عائلات غمرية على أراضي في نصران تتجاوز 166 هكتاراً، أي قرابة 42 هكتاراً لكل عائلة، في الوقت الذي كان فلاحو القرية يملكون ما بين عشرة إلى خمسة عشر هكتاراً (ثمانية عشر بيتاً بمساحة 205 هكتاراً)، وفيما لو كانت الغاية إنصاف الفلاح، لتم تطبيق قانون الإصلاح الزراعي بما يخدم الفلاحين دون تمييز. وهنا يجدر بنا أن نلفت انتباه القارئ الكريم إلى حرمان الفلاحين الكورد من الإفادة من قانون الإصلاح الزراعي، وكان القصد من ذلك التضييق عليهم، ليهجروا الأرض كي تتسنى لعملية الصهر أخذ مجراها.

في البداية، لم يكن واضحاً لجموع الكرد أن هذا الإصلاح جاء لإفقار الملاكين الكرد وحرمان فلاحيهم، وهو أسلوب من أساليب محاربة الشعب الكردي برمته. وكان الإصلاح الزراعي خير وسيلة لتمرير هذه الغاية، وتمت تغطيتها بالترويج الممل للأفكار اليسارية، علما أن الشعب الكردي آنذاك كان بحاجة ماسة إلى وحدة شاملة لجميع أطيافه وشرائحه، حتى يكون بمقدوره مواجهة الخطة الموضوعة لاقتلاعه جذرياً من أرضه، أرض الآباء والأجداد، التي سطر عليها ملاحمه وبطولاته، وفيها قبور أسلافه وذكريات ماضيه... وهكذا تم التغيير الديمغرافي بشكل طبيعي ودون عناء.

لنعد إلى خطة السلطة لمحو الشعب الكردي من الوجود، فبدؤه بالإحصاء أولاً ومن ثم الحزام، وقبلها تجربة القريتين على نهر دجلة، كان من المفروض أن يكون كافياً للواعين من الكرد بأخذ زمام المواجهة بشكل واعٍ مستفيدين من النضال العالمي في الظروف المشابهة! صحيح أن الملاك الكردي لم يكن على دراية بما تخططه له ولأبناء جلدته سلطة دمشق مستقبلاً؛ لذا لم يكن مبالياً بالحد المطلوب، إلا أن مخططات الدولة حياله باتت تتوضح شيئاً فشيئاً فأمالت بعضاً منهم إلى الحس القومي. للأسف لم يكن وعي الحراك كافياً حينئذٍ ليوحد فئات الشعب الكردي المؤثرة ليقوي بها ظهره، والنتيجة بادية للعيان راهناً.

فالملاك المطعون كردياً والمهان لذات السبب لم يمس ما كان وزعه على فلاحيه، بالرغم من أن السلطة طلبت منه أخذ ما بحوزتهم، واحتجت الدولة أنها حسبتها من مستحقاته، لذا ليس من حقه أن يطالب الدولة أنها ظلمته في استحقاقاته.

يتبع...

إقرأ أيضاً: أنا ولجنة التحديد والتحرير (1)

إقرأ أيضاً: أنا ولجنة التحديد والتحرير (2)

إقرأ أيضاً: أنا ولجنة التحديد والتحرير (3)

إقرأ أيضاً: أنا ولجنة التحديد والتحرير (4)

إقرأ أيضاً: أنا ولجنة التحديد والتحرير (5)

إقرأ أيضاً: أنا ولجنة التحديد والتحرير (6)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف