المطلوب خطوة دولية أخرى ضد النظام الإيراني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لم يسبق للنظام الإيراني أن واجه ضربتين سياسيتين دوليتين غير مسبوقتين كالتي حدثتا خلال الأيام الأخيرة، إذ ولأول مرة بادرت منظمة الأمم المتحدة إلى الاعتراف بمسؤولية النظام الإيراني عن مجزرة آلاف السجناء الذين أبادهم النظام في صيف عام 1988، وهو ما شكّل ضربة قاصمة له ويُعدّ بمثابة البداية لجرجرة مسؤولي النظام من أجل محاسبتهم عن تلك الجريمة التي اعتُبرت جريمة بحق الإنسانية.
أما الضربة الثانية التي تلقّاها هذا النظام، فقد كانت بعد مصادقة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوم الخميس 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2025، على القرار الذي اقترحته الترويكا الأوروبية (ألمانيا، بريطانيا، وفرنسا) والولايات المتحدة ضد البرنامج النووي للنظام الإيراني. وقد نصّ القرار على إعادة إدراج امتثال طهران لاتفاقية الضمانات (NPT) وقرارات مجلس الأمن ضمن جدول الأعمال الدائم لمجلس المحافظين، مع إلزام المدير العام للوكالة بتقديم تقارير دورية تحت هذا البند، مما يضع النظام تحت مجهر الرقابة الدولية الصارمة بشكل غير مسبوق.
هاتان الضربتان اللتان فاجأتا النظام على حين غرة وهو في خضمّ لعق جراحه العميقة من الهزائم القاسية التي تكبّدها والتي جعلته في أسوأ حال، بحيث إنه ومن فرط حالة الذعر التي يشعر بها قام بمضاعفة ممارساته القمعية ولا سيما الإعدامات إلى حدود غير مسبوقة، وهو يعلم جيداً كيف يتابع الشعب الإيراني بغضب كبير كل هذه التطورات التي هي في الحقيقة نتيجة وحاصل تحصيل سياسات حمقاء لم تأخذ إلا مصالح النظام بنظر الاعتبار.
من دون شك، فإن كلا القرارين يعكسان عدم ثقة المجتمع الدولي بهذا النظام من حيث مراعاة حقوق الإنسان. وحتى إن الاعتراف الدولي الذي جاء في القرار رقم 72 الصادر بشأن مجزرة 1988، هو في حد ذاته تأكيد على أن ماضي وحاضر النظام من حيث انتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب الجرائم بحق الشعب الإيراني لا يختلفان عن بعضهما، ولذلك فإنه لم يعد هناك أي ثقة به.
وبالنسبة إلى قرار مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد عكس أيضاً قلق المجتمع الدولي البالغ إزاء استمرار تكديس النظام لمخزونات اليورانيوم عالي التخصيب، والتي بقيت خارج نطاق التحقق والمراقبة لأكثر من 5 أشهر، وهو قلق مشروع، ولا سيما أن لهذا النظام تاريخاً طويلاً في ممارسة الكذب والخداع وطمس الحقائق، خصوصاً أنه كان يستغل على الدوام السياسات الدولية المتسمة بالمرونة معه، ويمارس في ظلها نشاطاته السرية وفق السياق الذي يرتئيه، وهو سياق مخالف أساساً للمطالب الدولية.
إنَّ توجيه هاتين الضربتين القويتين للنظام الدكتاتوري وفي وقت متزامن، يؤكد حقيقة أن العالم بات يعلم عدم جدارة هذا النظام ليس فقط بالثقة الدولية، بل حتى بأن يحكم الشعب الإيراني. وإن القرار رقم 72 الصادر عن اللجنة الثالثة للجمععية العامة للأمم المتحدة قد أكد ذلك بوضوح. والمطلوب دولياً أن تكون هناك خطوة أخرى إلى الأمام باتجاه دعم وتأييد النضال المشروع الذي يخوضه الشعب الإيراني من أجل الحرية، والاعتراف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بديلاً له، فمن خلال ذلك يتم التعامل مع الملف الإيراني وحسمه بأقصر وأفضل طريقة.
وفي سياق هذه الإدانة، وجّهت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية، رسالة إلى مؤتمر حقوق الإنسان في جنيف بتاريخ 20 تشرين الثاني (نوفمبر)، جاء فيها: "مما يبعث على الارتياح أن اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة أشارت في قرارها إلى مجزرة السجناء السياسيين في إيران عام 1988. إن هذا القرار، بعد تقرير المقرر الخاص البروفيسور جاويد رحمان في تموز (يوليو) 2024، يعد خطوة مهمة. ففي تقرير جاويد رحمان، اعترفت الأمم المتحدة، لأول مرة، بإعدامات عقد الثمانينات ومجزرة السجناء السياسيين عام 1988 على أنها إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية."
وقالت السيدة رجوي في جزء آخر من رسالتها: "يتعين على الأمم المتحدة أن تطالب الدول الأعضاء بتقديم قادة النظام والمسؤولين عن الجريمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية إلى العدالة، بالاستناد إلى الولاية القضائية العالمية (الاختصاص القضائي الدولي). وأخيراً، يجب على الأمم المتحدة أن تضغط على النظام الإيراني للسماح بزيارة الأمم المتحدة والمؤسسات الأخرى المدافعة عن حقوق الإنسان لسجون ومعتقلات إيران، وخاصة السجناء السياسيين".