قبل أسابيع صدر التقرير السنوي لصندوق أبوظبي للتنمية الذي يشير للأرباح التي حققها خلال العام 2023. وقد أظهر نشاطه التشغيلي ارتفاعاً في المجموع التراكمي للتمويلات التنموية والاستثمارية، التي وصلت إلى أكثر من 216 مليار درهم. وقد بلغت قيمة إجمالي تلك التمويلات 120.5 مليار درهم حتى نهاية ديسمبر 2023، وهي تشمل 66 مليار درهم للقروض الميسرة، و54.5 مليار درهم للمنح الحكومية، كما استفادت من هذه التمويلات 106 دول في مختلف قارات العالم لتعزيز أهداف التنمية ونمو النشاط الاقتصادي ولتحسين جودة حياة المجتمعات. والتقرير بمجمله يسهم في الحفاظ على مكانة الإمارات بوصفها أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية على المستوى الدولي.

والصندوق منذ تأسيسه عام 1971 يواصل تحقيق إنجازات نوعية تشمل مختلف المجالات، وعلى مدى 53 عاماً وصل إلى نجاحات أسهمت في تصدر الإمارات قائمة دعم برامج التنمية المستدامة في عشرات الدول النامية، وهو النهج التي تسير عليه الإمارات منذ عقود.

على الصعيد المحلي، يعتبر صندوق أبوظبي للتنمية الذراع التنموي لحكومة الإمارات لكونه يدعم الاقتصاد الوطني، وكذلك الصادرات الإماراتية لتعزيز تنافسيتها في الأسواق العالمية. وقد أثبت الصندوق قوته من خلال عديد الإنجازات التي حققها في عدة محطات، بدءاً من توفير الفرص الواعدة للشركات الإماراتية، ومنحها الأولوية لتنفيذ وتطوير العديد من المشاريع المحلية بعد أن قدم لها تمويلات وصلت قيمتها إلى 1.94 مليار درهم.

ومن أهداف الصندوق في ما يتعلق بتلك التمويلات، تمكين الشركات الإماراتية من توسيع مجال الخدمات التي تقدمها محلياً لفسح المجال لها كي تكون قادرة على المنافسة، وكذلك توسيع نطاق أعمالها خارج حدود الدولة، وهو ما يسهم في نهاية الأمر في تنمية الاقتصاد المحلي وتمكينه.

من جهة أخرى، فإن الصندوق الإماراتي يساند المجتمع الدولي لتمكينه من تحقيق أهدافه التنموية، حيث يقدم القروض الميسّرة، ويعمل على إدارة المنح الحكوميّة لتمويل المشاريع الاستراتيجية في الدول الشريكة، وهو ما يعود بالفائدة على سكان الدول الفقيرة، فيحسن من مستوى معيشتهم، ويخفف من معاناتهم.

وفي هذا الباب، كان للصندوق دوره الرائد في دعم برامج التنمية العالمية من خلال عمله على تنفيذ وتطوير المشاريع التنموية ذات الأولوية لحكومات الدول الفقيرة، لا سيما في القطاعات الحيوية، كمشاريع الطاقة المتجددة، الزراعة والمياه، والنقل والمواصلات، إلى جانب الاهتمام بالقطاعات الخدمية، كالتعليم والصحة والسياحة، وغيرها من القطاعات الرئيسة. ولا شك أن تلك التمويلات التي قدمها الصندوق أسهمت في إنعاش اقتصاد عدد من تلك الدول.

كل ما سبق تم على مدار سنين طويلة، حيث تمكّن الصندوق من تعزيز مكانته ضمن أبرز مؤسسات العون التنموي داخلياً، وعلى مستوى العالم، والأرقام والنتائج التي حققها تثبت ارتفاع وتيرة نشاطه التنموي والاستثماري، وخصوصاً خلال العقدين الأخيرين.

ووفق الخطط - قصيرة الأجل منها وطويلة الأجل - التي وضعها الصندوق، فإنه يتطلع نحو آفاق مستقبلية واعدة، ولهذا يواصل مسيرته في مساندة الشركات المحلية من جانب، وكذلك في دعم مجتمعات الدول النامية من جانب آخر، في سبيل العمل على تحقيق نمو مستقر ومستدام.

والصندوق وعلى مدار تلك الفترة حظي بدعم مستمر واهتمام مباشر من قيادة الدولة التي كرست جهوداً تحتسب لها من أجل بناء الإنسان وإذكاء روح التعاون، والدفع بالعمل الخيري بطابعه الإنساني نحو الأمام، وبرغم التحديات التي واجهت وما تزال تواجه العمل الخيري والتنموي، إلا أن الصندوق لا يزال يمضي في طريقه، ليستمر في إنجاز المزيد من الأهداف والرؤى المرسومة له.