حينما يطفو الاستبداد على السطح فالجميع لابد ان يدفع الضريبة، ضريبة الوطن.. والنضال والديمقراطية، وحرية الرأي بل ضريبة جميع مقولات الحياة الكريمة والتي دائما وابدا تنظر اليها الدكتاتورية بعين الخوف وهواجس التردد.
تاريخ العراق السياسي الحديث يعكس تلك الرؤية بشكل واضح للعيان، فان العراق وفي ظل وجود سلطات كانت في الغالب لاتمثل الا الفرد، مضافا الى حالة عدم الاستقرار في الحالة العراقية طيلة القرن الماضي، فإنه كان مسرحا خصبا لاختلاط الاوراق مما يعني تراجع فكرة تقديم الاولويات والاهتمام بالمستقبل السياسي للعراق.. وهذا ما عكس الفجوة الكبيرة بين السلطة وبين قطاعات كبيرة من الشعب.. وبالتالي تهيئة الاجواء المناسبة لذهنية التمرد على طبيعة الحكم تارة وعلى طبيعة الحكومة ورجالتها تارة اخرى.. وهكذا بدأت سلسلة الصراع مع الحكومات وبدأت قوافل الضحايا تتزايد وتتسع مساحات السجون ولاتهدأ البنادق.
فكان العراقيون في نضالهم مع الاستبداد في الهوا سوا فيشتركون في الاهداف ويتفاوتون في الآليات والمنهج، وبين طيف واسع من التمرد لا تخلو جبهاته من الاخطاء والتخبط ايضا كان الاكراد لهم وجود بارز في النضال ضد الدكتاتورية وما لا قوة من قمع يشتركون فيه مع اخرين هجروا وهاجروا وابيد منهم الحرث والنسل، انه منطق القوة والظلم وفي قباله منطق ينشد الحرية ويدافع عن الحقوق.
هذا هو الحال فلماذا نرى بعض الاخوة الكرد يضعون نزاعهم مع الحكومات بانه نزاعا عربيا كرديا..؟! فنحن هنا امام اشكالية كبيرة جدا تحاول اضفاء البعد الأيدولوجي العرقي لذلك الصراع وخلق روح عدائية بين الكرد والعرب تقف وراءها هذه المرة النخب الكردية للاسف الشديد من اجل دفع عجلة الاستقلال المحطمة الى الامام وهي فكرة يعرف الجميع انها ليست عملية في هذا التوقيت بالذات.
ان ذلك اجحاف بحق الوطن وهو روح الامومة التي تحن الى الجميع واجحاف ايضا بحق العرب الذين لاقوا من ظلم الحكومات ما يطول فيه الكلام، كلنا ياسداتي احرزنا مراتب متقدمة من التعذيب والتنكيل والاضطهاد على يد احفاد الاستبداد فلماذا المزايدات؟!!
نعم وبكل تأكيد فأن اصحاب ذلك الاتجاه وبعض المدافعين عمه ساهموا ( اضافة الى ماساة الماضي ) في دق اسفين الهوة والتجافي بين الاكراد والعرب مما يعني صبّ الزيت على النار وخلق اجواء اخرى اكثر حساسية في هذه المرحلة بالذات والتي نتمنى جميعا ان تكون البداية للدولة العراقية بداية بثوب جديد.
جمال الخرسان
كاتب عراقي
[email protected]
التعليقات