الموقفون quot;فكرواquot; ولم يفعلوا شيئاً وكلام كثير على quot;تضخيمquot;
شكوك في صحة خبر التخطيط لاغتيال نصرالله

إيلي الحاج من بيروت : لم يصدق المطلعون على قدرات جهاز أمن quot;حزب اللهquot; في الضاحية الجنوبية والتدابير التي يتخذها، تحديداً في حارة حريك حيث أمانته العامة ومقر إقامة السيد حسن نصرالله، أن مجموعة ضئيلة الإمكانات من quot;أهل الدعوة والتبليغquot; في محلة الطريق الجديدة في بيروت يمكنها التخطيط فعلاً لاغتيال الأمين العام ل quot;حزب اللهquot;. وعزز شكوكها هذه تصريح للقاضي جان فهد الذي طلب توقيفهم مفاده أن هذه القضية quot;جرى تضخيمهاquot;.

كذلك فعل وزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت الذي دعا الى انتظار نتائج التحقيقات القضائية وquot;عدم الانجرار وراء الإشاعاتquot;، موضحاً في حديث إذاعي أن quot;مخابرات الجيش هي التي أوقفت هذه المجموعة. والمعلومات التي وصلتني من مخابرات الجيش ان ما نشر في الاعلام تم تضخيمه. الموضوع جدي، لكنه لم يصل الى هذه الدرجة من الخطورةquot;.

أما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة فاكتفى بالقول عندما سئل عن كلام فتفت إنه لا يتبنى وجهة نظر هذا الفريق او ذاك وquot;نحن نستطلع جميع المعطيات. وهذا الموضوع يخضع للتحقيق للإحاطة بكل جوانبهquot;، ودعا الى quot;عدم الاستعجالquot;. لكنه أكد أي عمل تآمري مرفوض في أي شكل ومن أي جهة أتى، وبالتالي يجب ان يضرب بيد من حديد quot; . ودعا إلى الهدوء.

وراوحت أجواء المراسلين الصحافيين الذين نقلوا خبر توقيف المجموعة من قصر العدل بين القول بأن quot;لاخلفيات سياسية لهم، على ما يبدوquot;. في حين نقل آخرون عن quot;مصادر التحقيقquot; ان افراد الشبكة التسعة الذين أوقفوا من أصل 14 عزوا اقتناءهم السلاح الى quot;التحسب من حصول حوادث امنية معينةquot; كالتي تحصل في العراق ، وانهم quot;فكرواquot; في حال حصول مثل هذه الاحداث في لبنان باللجوء الى اغتيال شخصيات سياسية، بينها السيد حسن نصرالله. لكنهم لم يصلوا إلى مرحلة التخطيط لشيء عملياً.

ولفتت المعلومات quot;شبه الرسميةquot; الى ان عناصر الشبكة الذين لم يتبين ارتباطهم بجبهة خارجية هم من quot;انتاج محليquot;، لكنهم تأثروا بالمناخات السائدة في بعض أنحاء المنطقة كما ان تدريبهم عادي. ولم يكن باستطاعة الشبكة ان تنفذ أي عملية انتحارية ضد موكب السيد نصرالله وتبين من مراقبتها انها لم تكن تتمتع بالخبرة الكافية حتى في أعمال التنظيم، اذ كان من السهولة بمكان كشف الشبكة بمعظم أفرادها، وربما توارى بعضهم عن الأنظار وتسللوا الى أحد المخيمات القريبةquot;.

واضافت quot;مصادر التحقيقquot; نفسها ان احد المدعى عليهم في الملف quot;كلف قريبا له مدعى عليه ايضاً، ان يراقب خلال تجوله في سيارة أجرة يملكها، السيد نصرالله في الضاحية الجنوبيةquot;. وقد باشر بالفعل مهمته، الا انه اعتذر بعد يومين عن عدم متابعتها نظراً الى quot;صعوبة الأمرquot;. وعلى هذا الحد اقتصر عمل المجموعة، بحسب المصادر الرسمية نفسها التي رفضت الافصاح عن انتماء افراد الشبكة الى تجمع ديني معين. واستغربت هي أيضاً quot;تضخيم الامور وتحديد زمان معين للقيام بعمليةquot;.

لكن المطلعين على الإجراءات الأمنية التي يتخذها quot;حزب اللهquot; لحماية قادته في الضاحية يسخرون من هذه الروايات ، ويوضحون أن أمن الحزب يحصي كل الناس والتحركات في منطقة نفوذه أو عرينه، أو quot;مربعه الأمنيquot; كما يذهب بعضهم إلى وصفه. وبالتعاون مع السكان يبقى حتى العابر تحت المراقبة. فالقول تالياً أن سائق سيارة أجرة كلف مراقبة السيد نصرالله في الضاحية الجنوبية هو كلام أقل فيه إنه مضحك، لكأن السيد نصرالله يتجوّل كأي مواطن عادي هناك . ويذكر هؤلاء بأن عملية بحجم اغتيال الأمين العام للحزب تحتاج إلى قدرات توازي إن لم تكن تفوق القدرات التي كانت بتصرف قتلة رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، وليس مسدسات وبعض رشاشات وقاذفات صواريخ في الطريق الجديدة، على ما تردد في الحديث عن quot;الشبكةquot; التي اكتشفت.

ويضيف هؤلاء أن حتى الإمكانات التقنية لا تكفي، إذ تحتاج عملية من هذا النوع إلى quot;اختراقquot; في أمن السيد نصرالله، باعتبار أن مواكب عدة تخرج من مقره تمويها لدى توجهه إلى جلسات الحوار الوطني في مبنى البرلمان. وإذا افترضنا أن أحدها مر بالطريق الجديدة ، فبأي وسيلة تتأكد الشبكة أن نصرالله هو في عداد الموكب ، وأنه في سيارة محددة فيه لتقترب quot;الروايةquot; من احتمال الصحة والصدقية؟

ويذكّرون بأن اغتيال الأمين العام السابق للحزب السيد حسين الموسوي خلال مرحلة الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب ما كان ليتحقق لولا خرق أمني في صفوف مواكبته، أتاح زرع جهاز في السيارة التي كان يستقلها، فأرشد مروحية عسكرية إليها بأشعة ليزر فقصفت السيارة بصاروخ أتى عليها. ولا تنطبق هذه الحال إطلاقاً مع ما يجري الحديث عنه حالياً.

quot;أهل الدعوة والتبليغquot;
ويقول خبير في شؤون التنظيمات الإسلامية في لبنان إن جماعة quot;أهل الدعوة والتبليغquot; محض دينية لم يسجل لها أي نشاط سياسي أو استفزازي إطلاقاً في السابق، وتبين بعد البحث في شأنهم أنهم مسالمون، يميلون إلى الزهد والتصوف، لكنهم لا يسلكون مسلك الجماعات الصوفية ، ويعتمدون خطاباً بسيطاً يركزعلى الصلاة وأمور ما بعد الموت ولا يتناول مسائل سياسية أو معقدة إطلاقاً.

وكانت سادت ضجة في بعض مساجد منطقة الطريق الجديدة في بيروت في النصف الثاني من شهر آذار/مارس الماضي مع تكاثر الأخبار فيها عن استدعاءات وتوقيفات لبعض quot;أهل الدعوة والتبليغquot;، وهي جماعة أسسها أحد أغنياء المسلمين في عقد الخمسينات من القرن الماضي، وانتشرت في بلدان كثيرة في الشرق والغرب ، وثمة عشرات الأفراد من المنضوين إليها في لبنان يلبسون quot;اللباس الشرعيquot; أي القميص الأبيض الطويل إلى ما تحت الركبة، والسروال الواسع إلى ما فوقها ، ويدعون الناس برفق إلى الصلاة ويعتكف كل منهم 40 يوماً في المسجد سنوياً، ومرة في العمر 4 أشهر.

ويلاحظ أن سياسيين لبنانيين أقلقهم تضخيم قضية كشف ما سمي quot;شبكة إرهابيةquot; كانت quot;تفكرquot; باغتيال الأمين العام لquot;حزب الله quot; ، وتساور بعض أركان الأكثرية الحكومية والنيابية المناهضة لسورية أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، وهم يتساءلون كيف تكتشف الأجهزة الأمنية اللبنانية بالتعاون مع جهاز أم quot;حزب اللهquot; شبكة quot;فكرتquot; في تنفيذ عملية اغتيال، في حين تعجز عن كشف جرائم اغتيال ومحاولات اغتيال فعلية ولم تقبض على أي متهم فيها؟
ويتذكر هؤلاء السياسيون تحديداً انفجاراً غامضاً وقع ليلاً في مدينة بعلبك وقيل أنه كان يستهدف اغتيال أحد قادة quot;حزب اللهquot;، ثم اغتيل بعد ذلك بأيام قليلة النائب والصحافي جبران تويني. فهل يكون لبنان اليوم أمام احتمالات مشابهة؟