سلطان القحطاني من لندن:
حين يطالع عاهل السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز صحف الصباح، اليوم الجمعة، في جنيف، التي يزورها لأربعة أيام في إطار إجازة خاصة، فإنه حتماً سيفتقد ذلك القصف الإعلامي الذي واجهته به الصحف البريطانية خلال زيارة الدولة التي بدأها إلى بريطانيا منتصف الأسبوع الماضي لمدة ثلاثة أيام.
وقرأ محللون ذلك الهجوم الصحافي، على مدار الأيام الثلاثة، بأنه يأتي انعكاساً لما تمثله هذه المملكة الغارقة في الصحراء والنفط والتدين من ثقل على المستوى الدولي والإقليمي في عموم الشرق الأوسط من منطلق اقتصادي أولي كونها أهم بلد مصدر للنفط في العالم، فضلاً عن ميزتها الجغرافية ودورها السياسي في المنطقة.
وفي سياق ملاحظتهم على ما أثاره تواجد الملك السعودي في لندن من عاصفة الانتقادات فإن محللين قالوا إن مثل هذه الضجة لم تصاحب زيارة أي زعيم سياسي في العالم إلى بريطانيا، عدا عن ثلاثة رؤساء دول عظمى، هم الرئيس الأميركي جورج بوش، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الصيني جيانق زيمن، وكان رابعهم عبد الله بن عبد العزيز.
ولطالما زار لندن عدد من الزعامات الخليجية والعربية، وقضوا فيها أياماً طوالاً، لكن زياراتهم مرت حفيفاً دون أن تُثير ولا تثار على صدور الصحف اللندنية الأولى، التي تعتبر الصفحة الأولى فيها دلالة الأهمية، وربما يغادر الزعيم في العالم العربي منصبه أو دنياه دون أن تظهر فيها صورته حتى لو زارها مرات عديدة.
وفي بلد يعتبر أن خبر إضراب عمالي في المترو، أو تحويل شارع quot;أكسفورد ستريتquot; إلى شارع مشاة لا مركبات فيه، أكثر أهمية من تواجد أي زعيم دولة على أراضيه مهما بلغ حجم الاحتفاء الملكي به، فإن حصول الملك عبد الله على الصفحة الأولى ثلاثة أيام متتابعة يعني أنه يمثل بلداً quot;لا جدال على أهميتهquot; حسب ما يرى محللون.
وتعتبر الزيارة اللندنية للملك عبد الله هي quot;بيضة القبّانquot; في جولته الأوروبية التي ستقوده أيضاً إلى ثلاثة بلدان هي ألمانيا وإيطاليا رغم أنه سيلتقي في الأخيرة بابا الفاتيكان للمرة الأولى في تاريخ المملكة المحافظة. وهذه ستكون الإثارة الثانية في تاريخ هذه الزيارة بل في تاريخ المملكة السياسي أيضاً.
ويقول صحافي عربي مقيم في لندن عن هذا القصف الإعلامي :quot; هناك دول في العالم العربي تنسى حجمها متوقعة أنها صارت دولة عظمى .. لكن زيارة واحدة إلى لندن أو واشنطن تكشفان حجم البلد في هذا العالم الكبير .. لقد أثبتت السعودية من جديد أنها دولة عظمى ولو بمقاييس مختلفةquot;.
وعلى الرغم من الرضا الإعلامي السعودي على نتائج هذه الزيارة التي كانت ناجحة بكل المقاييس فإنها لم تخل من كارثة إعلامية وبروتوكولية وقع فيها أفراد الوفد الإعلامي الرسمي الذي رافق الملك منذ بدء زيارته من مطار الرياض، وهو مكون من رؤساء تحرير الصحف السعودية ومدراء تحرير بعضها، ومؤسسات إعلامية ذات صلة.
ومصدر ذلك كان عدم ارتدائهم ربطات العنق المناسبة خلال حفل العشاء الذي أقامه عمدة بلدية لندن جون ستوتارد برفقة دوق يورك الأمير أندرو على شرف الملك عبد الله، إذ كان من المفروض بروتوكولياً أن يرتدوا quot;عقدة بابيونquot; أو quot;عقدة الفراشةquot; التي تُرتدى في المناسبات الكبرى، كما فعل نظراؤهم من رجال الأعمال المرافقين للملك.
وبالنظر إلى خريطة الدعوة التي أشارت إلى ضرورة ارتداء بذلة سوداء فإن الخطأ ربما يقع على المراسم التي كان على مسؤوليها أن يتولوا إيضاح الأمر للإعلاميين المدعوين، الذين وإن عُذر كبر سن البعض منهم، فإن الآخرين من الشبان الذين ربما قضوا في لندن 11 عاماً لا مجال لعذرهم باعتبار أنهم عرفوا بروتوكولات المناسبات كهذه.
التعليقات