فشل الأقباط والمرأة وبقاء الإخوان والناصريين
الحكومة المصرية تسترد سلم نقابة الصحافيين
نبيل شرف الدين من القاهرة:
أفرزت النتائج النهائية لإنتخابات مجلس نقابة الصحافيين المصرية تشكيلة تنبئ بتغييرات كبيرة في أداء النقابة المنغمسة تمامًا في الشأن العام، كما كشفت عن مؤشرات مهمة من أبرزها فشل المرشح القبطي الوحيد في الفوز، وهو سامح فوزي، وفشل كافة العناصر النسائية باستثناء مرشحة واحدة من أصل 12 مرشحة، بينما فاز مرشحان محسوبان على جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; وهما: صلاح عبد المقصود، ومحمد عبد القدوس، حيث حصد عبد المقصود 1432 صوتًا، وحصد عبد القدوس 1406 أصوات، مما يؤكد أن نفوذ التيار الإسلامي داخل نقابة الصحافيين لم يزل عند معدلاته المعتادة (2 من 12) .
وفاز أيضاً بعضوية مجلس النقابة كلٌّ من: عبد المحسن سلامة (الأهرام- 1961 صوتًا)، حاتم زكريا (الأخبار - 1606 أصوات)، ياسر رزق (الأخبار- 1434 صوتًا)، يحيى قلاش (سكرتير عام المجلس السابق ـ 1325 صوتًا)، عبير سعدي (الأخبار- 1333 صوتًا)، محمد خراجة (الأهرام المسائي- 1313 صوتًا)، جمال عبد الرحيم (1060 صوتًا)، هاني عمارة (الأهرام- 887 صوتًا)، علاء ثابت (889 صوتًا)، جمال فهمي (813 صوتًا) .
والقراءة الأولية لنتائج انتخابات الصحافيين المصريين تشي بأن quot;سلم النقابةquot;، الذي ظل طيلة الأعوام الماضية مسرحًا للاعتصامات والاحتجاجات، قد عاد إلى quot;قواعدهquot; الحكومية أو المهنية مرة أخرى، بعد أن تصاعدت في الشهور الأخيرة اعتراضات الكثيرين، على ما أسموه quot;اختطافquot; النقابة من قبل قوى سياسية، وتيارات مناوئة وجماعات راديكالية، وأقحمتها في معارك يرى أنصار هذا الرأي ألا علاقة للنقابة بها .
وفاز مكرم محمد أحمد بمنصب نقيب صحافيي مصر خلال الانتخابات التي جرت في يوم أمس السبت، وحصل على زهاء 70% من أصوات الناخبين البالغ عددهم 3582 صحافيًا مصريًا.
مفارقات وطرائف
وشهدت أجواء الانتخابات مفارقات ومواقف مثيرة، فقد رفض مكرم محمد أحمد، الفائز باكتساح بمنصب النقيب، مصافحة الصحافي الإخواني محمد عبد القدوس، وأشاح بوجهه بعيدًا عنه، وذلك بعد أن سبق وسخر منه مكرم أثناء الحملة الانتخابية، وتندر على الميكروفون الذي يحمله عبد القدوس في كافة الفعاليات والوقفات الاحتجاجية، حتى كاد يصبح مرادفًا لشخصه، وصار يطلق عليه الصحافيون quot;ميكروفون عبد القدوسquot; .
واستعان أحد المرشحين بفرقة quot;مزمار بلديquot; اصطحبها لتقف عند مدخل النقابة لتؤدي وصلة موسيقية تتخللها دعاية للمرشح، الذي فشل في الفوز على الرغم من quot;الزفة البلديquot;، التي كانت بمثابة الوصلة الترفيهية التي خففت من الأجواء الساخنة التي اتسمت بها انتخابات النقابة .
وبدت المفارقة واضحة بين فريق الدعاية الانتخابية لمرشحين علمانيين ويساريين وحكوميين استعانوا بفتيات جميلات ـ قيل إنهن من العاملات كموديلات بشركات الدعاية ـ لتوزيع بطاقات الدعاية على الصحافيين، بينما تصدى لهذه المهمة لصالح مرشحي الإخوان شباب ملتحون جرى استقدامهم من خارج النقابة لهذه المهمة، كما وزع مرشح حكومي أسطوانات مدمجة عليها نسخة كاملة من القرآن الكريم بصوت أحد المقرئين المشهورين، وباختصار بدت quot;حرب الهوياتquot; واضحة على الرغم من إنكار الجميع اللجوء إليها .
نجوم وأطفال
أما الصحافي ومقدم برامج quot;التوك الشوquot; الشهير محمود سعد، فقد بدا كنجم سينمائي داخل مقر النقابة، إذ تسابقت بعض الصحافيات الشابات إلى الاحتفاء به ومعانقته وطلبت بعضهن التصوير معه، بينما استخدمت أخريات كاميرات الهواتف النقالة لتصويره، وهو بدوره راح يوزع القبلات بسخاء وسعادة .
ثمة مفارقة أخرى، كان بطلها الصحافي الشهير مفيد فوزي، الذي حضر ترافقه سكرتيرته الحسناء، تحمل حاجياته وهاتفه النقال ونظارته وظلت صحبته حتى باب لجنة الاقتراع حين استوقفها المنظمون، فظلت تنتظر quot;الأستاذquot; حتى اقترع وغادر القاعة، ليستقبله مكرم محمد أحمد في بهو مقر النقابة .
وظل مكرم محمد أحمد ومنافسه رجائي الميرغني داخل مقر النقابة في استقبال الصحافيين الناخبين، بينما نشط مؤيدوهما داخل طوابق النقابة وقاعاتها في مسعى حثيث لإقناع الناخبين باختيار مرشحهم، كما تجولت كاميرات الفضائيات التي يعمل مراسلوها صحافيين بالأساس، وبدا واضحاً أن تلك الكاميرات أدت quot;دورًا ماquot;، في هذه المعركة، على الرغم من حرص معدي البرامج والمراسلين على إلتزام الحياد، أو الظهور بهذا المظهر قدر الإمكان .
وعلى الرغم من سخونة المعركة إلا أن عملية التصويت هادئة ومنظمة ولم يحدث شيء يعكر صفوها .
كما شهدت الانتخابات دعاية مضادة لمكرم محمد أحمد. كما قامت المؤسسات الحكومية كالعادة بتوزيع الوجبات علي الناخبين. وشهدت الانتخابات اقبالاً واضحاً من جانب شيوخ المهنة الذين حرصوا على الحضور على الرغم من تقدم السن وإصابة معظمهم بالأمراض، ورافقتهم أسرهم أو ابناؤهم لمساعدتهم.
.
وكان لافتًا أيضًا لجوء أحد المرشحين لاستخدام صف كامل من تلاميذ المدارس ـ قيل إنهم من زملاء نجل المرشح ـ حيث ارتدى هؤلاء الأطفال قمصانًا تحمل صورة المرشح، وراحوا يوزعون البطاقات الدعائية على الصحافيين، وهو الأمر الذي انتقدته اللجنة الحقوقية التي راقبت سير العملية الانتخابية .
وجرت انتخابات ناقبة الصحافيين في مصر وسط اجواء ساخنة اشعلتها احكام الحبس الاخيرة ضد 11 صحافيًا منهم 5 رؤساء تحرير، واستخدام الحزب الوطني (الحاكم) لدعاوي الحسبة السياسية لملاحقة الصحافيين، كما شهدت الانتخابات طرح ملفات قديمة لم تنجح مجالس النقابة السابقة عن حلها وفي مقدمتها قضية أجور الصحافيين واهدار الحق في تداول المعلومات وقضايا المهنة، وما بات يوصف بحالة quot;الحرب الاهلية الصحافيةquot;، ممثلة في التلاسن بين الصحافيين على صفحات الصحف .