بعد إيقاظ تفجيرات الثلاثاء لـquot;شياطين العنفquot;
الجزائريون قلقون لإحتمال عودة quot;كابوسquot; التسعينات
62 قتيلاً وإصابة العديد من الأجانب بإعتداءين في الجزائر روسيا تدين اعتداءي الجزائر وتعرض تعاونها |
كامل الشيرازي من الجزائر: أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي مسؤوليته عن الاعتداءين اللذين استهدفا العاصمة الجزائرية الثلاثاء، في بيان نشره موقع اسلامي على الانترنت. واعلن انهما نفذتا quot;على ابواب quot; عيد الاضحى المبارك quot; وانهما استهدفتا quot; المرتدين quot; وجاءتا quot; نكاية في الصليبيين وعملائهم من عبيد اميركا وابناء فرنسا quot; . ونشر الموقع صورتين لمنفذي العملية وهما يحملان بندقيتي كلاشنيكوف وخلف كل منهما علم اخضر يحمل كتابات اسلامية. وبدا احدهما شابا والثاني في الخمسين من العمر. واكد البيان الذي يتعذر التأكد من صحته، ان المنفذين استهدفا بشاحنتين تحمل كل منهما ما لا يقل عن 800 كيلوغرام من المتفجرات في الوقت نفسه quot;وكر الكفر العالمي المقر الرئيسي للامم المتحدة في الجزائرquot; في حي حيدرة، وquot;مقر المجلس الدستوري وبالقرب منه المدرسة العليا للشرطة المتواجدين ببن عكنونquot;.
واعتبر البيان ان العملية المزدوجة quot;جاءت لتنسف اسطورة القضاء على النواة الصلبة للتنظيمquot; في الجزائر. واضاف ان العملية quot;جاءت لتذكر الصليبيين المحتلين لديارنا والناهبين لثرواتنا بوجوب الاصغاء جيدا لمطالب وخطابات شيخنا واميرنا أبي عبدالله الله اسامة بن لادنquot; زعيم تنظيم القاعدة الذي يتفرع عنه quot;تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلاميquot;. واكد ان العمليات ستستمر حتى quot;يتحرر كل شبر من ارض الاسلام وما لم توقفوا حربكم على اهل الاسلام ودعمكم للخونة المرتدين من جلدتناquot;. وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي حل محل quot;الجماعة السلفية للدعوة والقتالquot; التي كانت تنفذ عمليات ضد قوات الامن الجزائرية.
وقتل عشرة على الاقل من موظفي الامم المتحدة واعتبر quot;بعض منهمquot; في عداد المفقودين، كما اعلنت الامم المتحدة ،وكانت الحصيلة الاولى خمسة قتلى.
وقالت المتحدثة باسم الامم المتحدة ماري اوكابي ان quot;حصيلة القتلى ارتفعت الى عشرة بين موظفي الامم المتحدة، وما زال عدد من الاشخاص مفقودا والوضع الميداني غير واضحquot;. وكانت اوكابي تحدثت عن خمسة قتلى و14 مفقودا.
ويخشى الجزائريون الذين أغضبتهم تفجيرات الثلاثاء، من عودة البلاد إلى مآسي العشرية السوداء، وبات الشارع المحلي متخوّفا من احتمال العودة إلى ما كان يطبع تسعينات القرن الماضي، في حين عبّر كثيرون عن مخاوف متزايدة من احتمال دفع التفجيرات نحو مزيد من التعفين في الجزائر.
ثلاثاء أسود أعاد الخوف
قال شيخ في الستين: quot; هجمات الجزائر أيقظت شياطين العنف الذي اعتقدنا أنه تم احتواؤه quot; ،وقال أمين لعجالي ( محاسب في شركة خاصة) : quot; اعتقدنا أنّ أيام الرعب انتهت، إنني مازلت أشعر بصدمةquot; ، فيما تنهدت عجوز في السبعين :quot; الخوف عاد quot;، وأضاف كهل انتحى جانبا : quot; طلبت من شقيقي الاصغر أن يتوخى الحذر عندما يستقل وسائل النقل العام. لا يعرف أحد ماذا يمكن ان يحدث quot; .
وألقى البعض باللوم بطريقة غير مباشرة في التصعيد الجديد لموجة العنف، على السلطات التي لم تكن صارمة بحسبهم مع المتمردين، بينما ركّز محمد وهو ميكانيكي سيارات quot;يجب وضع الارهابيين امام الحائط وضربهم بالرصاص. وكف اليد الممدودة بسلام صار لا يجدي مع مروعي الجزائريينquot; على حد تعبيره.
ووسط تعاظم المخاوف إزاء ما يمكن أن تفعله quot;فرق الموتquot;، صار الشارع منشغلا الآن بتساؤلات عما تخفيه quot;أشباح الموتquot; في المرحلة القادمة، ويبحث مراقبون عن خلفيات تصعيد الاعتداءات الإرهابية في بلد اعتاد التشويش منذ تسعينات القرن الماضي، رغم جزم السلطات الجزائرية أنّ التهديد الإرهابي للأشخاص والممتلكات أصبح محدود التأثير.
وإذا كانت أشباح الموت قد دشنت مرحلة جديدة في مخططات التعفين، ما يكرّس انطباعا بعودة البلد إلى نقطة الصفر، بعد شهر رمضان الدموي (70 قتيلا)، بيد أنّ الشعور العام بالارتياح سرعان ما تلاشى، وتبيّن أنّ ما شهده الشهر الماضي، من تقلص quot;قياسيquot; لرقعة الاعتداءات وسقوط أربعة قتلى فحسب، لا يعدو أن يرتقي إلى مستوى بارومتر يعبّر عن سيرورة الهدوء في الجزائر.
اعتماد تكتيكات مغايرة
أمام السيناريو الحاصل، يرى محللون، بحساسية انتصار السلطات لتكتيكات مغايرة تمنع حدوث تفجيرات أو اعتداءات في الأماكن العامة، في وقت يلقي فريق آخر باللائمة على السلطات، وترجع التدهور الأمني إلى ما أنتجه ميثاق السلم، ويزعم هذا الفريق أنّ العفو العام زاد من قوة مجموعات الإرهاب.
ويلّح معلقون على أنّ الأجهزة الأمنية مدعوة لتحصيل معلومات ميدانية تتعلق بنشاط فرق الموت، حتى لا تستنسخ الاعتداءات المدوّية التي شهدتها الجزائر منذ 11 أبريل المنقضي، علما أنّ الداخلية الجزائرية تعتزم تنفيذ مخطط أمني صارم يعتمد على التعبئة الشاملة للأجهزة الأمنية على طول شهر رمضان الفضيل، بجانب رفع حالة الاستنفار القصوى في البلاد، من خلال تجنيد 18 ألف رجل أمن، فضلا عن زيادة عدد الفرق الخاصة بالوقاية التي ستعنى بتأمين الأسواق والشوارع والساحات العامة على مدار ساعات اليوم.
لغز الخطط الأمنية
يطرح مراقبون استفهامات بالجملة عن مدى نجاعة الخطط الأمنية المتبّعة، ولاسيما أنّ السلطات كانت سباقة قبل 20 يوما، إلى إبراز علمها -بناء على معلومات استخباراتية- باستعداد ما يعرف بـquot;قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلاميquot; للقيام بعمليات انتحارية كبيرة الحجم في الجزائر العاصمة، ولجأت قوات الأمن إلى مواجهة محاولات تسلل سيارات مفخخة إلى العاصمة، بتأمين جميع المداخل المؤدية إلى المدينة الأولى في البلاد، بيد أنّ ذلك لم يحل دون وقوع تراجيديا الثلاثاء الأسود، ما يدل على عدم نجاعة هذه الخطة، طالما إنّ محاولات الجماعة السلفية ضرب قلب العاصمة هي من صميم استراتيجيتها الارهابية منذ تولي المتشدد عبد الملك دروكدال زمام قيادتها قبل ثلاث سنوات.
ويرى خبراء الشأن الأمني في الجزائر، إنّ السلطات وجدت ضالتها مع افتتاح وشيك لمعهد للأدلة الجنائية سيسهل مستقبلا تحديد هوية الانتحاريين بوساطة السيارات المفخخة، ويدعم إمكانية التصدي للعمليات الإرهابية، فضلا عن تحديد هوية الفاعلين عن طريق تحريات دقيقة وفاعلة، على أن يقوم المعهد أيضا بإجراء تحاليل علمية لآثار الجريمة ومحاولة تحديد هوية الفاعلين، وتشرف على التحريات كوكبة من الخبراء.
التعليقات