إيلاف على كرسي الاعتراف 2-9
من مأمن الاخبار يأتي الحذر!
إيلاف: تشكل العلاقة بمصادر الأخبار والمعلومات رأسمال أي صحافي، وقد تتوثق العلاقة بين الصحافي ومصدر أخباره للدرجة التي تغني عن التحقق من صدقية الخبر من مصادر أخرى. ولأننا في إيلاف نعمل على جبهتين جبهة السرعة في نقل الأخبار والمعلومات مستفيدين من مزايا العمل من خلال شبكة الإنترنت وجبهة العمق في التحليل والشمول في التغطية بسبب سقف الحرية العالي الذي تتمتع به من جهة وتوفر مساحات اكبر من جهة ثانية، فإننا نواجه ظروفًا مختلفة تجعلنا فريسة لبعض الاخطاء كما يعرضها في الحلقة الثانية من سلسلة الاعترافات الزميل عبد الرحمن الماجدي.
عبد الرحمن الماجدي*: في السابع من أكتوبر الماضي، هاتفني الزميل نزار جاف من بون طالبًا بضرورة نشر الخبر الذي ارسله توًا لبريدي في ايلاف حول مقتل 11 عنصرًا من الحرس الثوري الإيراني في منطقة حاج عمران في اقليم كردستان العراق، حسب مصادره داخل الإقليم. ولأن اخبار الزميل نزار جاف دائمًا صحيحة ومصادره موثوقة لعلاقته بعدد من المستشارين والقريبن من صناعة القرار في اقليم كردستان؛ نشرت الخبر بالتنسيق مع الزميلة المناوبة مساء في ديسك التحرير في ايلاف. لكننا نشرناه في احد المربعات ريثما تكتمل لدي دائرة اليقين حول الخبر لنرفعه وقتها للرئيس بعد تطعيمه بالاضافات المستجدة مع الوقت. لكن بعد ساعة من جولتي على الوكالات خاصة الوكالات الايرانية وفرانس بريس ورويترز لم يرد أي خبر حول مقتل عناصر من الحرس الثوري في إقليم كردستان، بل اجمعت هذه الوكالات بعد وقت على مقتل ذات العدد من قبل حزب العمال الكردستاني BKK لجنود اتراك في المنطقة الجغرافية ذاتها.
حينها اتصلت بالزميل نزار معاتبًا، وقد رفعنا الخبر من الواجهة فوعد بالاتصال بمصادره في كردستان للتأكد من صحة الخبر. فعاد الزميل نزار منكسرًا خجلاً من الفخ غير المقصود الذي وقع فيه وأوقع ايلاف فيه لساعة من الزمن، واعتزل ايامًا مؤنبًا نفسه دون ان يكون ارسال نشر الخبر مغلوطًا اذ كان مصدره وهو قيادي كردي اشتبه عليه الخبر اثناء وصوله اليه وسارع لايصاله لايلاف التي تحظى بعدد كبير من القراء في اقليم كردستان، ولم يكلف هذا القيادي نفسه تصحيح الخبر للزميل نزار جاف وبقي مكابرًا مؤكدًا صحة الخبر وان اختلفت التفاصيل!!!
هذا احد الاخطاء التي ساهمت بارتكابها وسارعت بتصحيحها، ونشرنا الخبر الصحيح وهو مقتل عناصر من الجيش التركي من قبل مقاتلي حزب العمال الكردستاني، تلك الحادثة التي ما زالت تبعاتها تتواصل فصولاً قصفًا وتوغلاً من الجيش التركي لمناطق في اقليم كردستان لتعقب عناصر حزب العمال الذي يتخذ من سلسلة جبال قنديل العالية ملاذًا لمقاتليه.
الخطأ الثاني الذي وقع خلال العام 2007 كان خبرًا ورد لي من مصدر صديق هو مستشار احد قادة الكتل السياسية العراقية الذي نشرنا اعتمادًا على تسريباته لـ quot;ايلافquot; عدة تقارير موثوقة. الخبر كان في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي حين ابلغني المصدر ان الدكتور احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي سيشكل حكومة انقاذ بتنسيق مع الاميركيين، واكد المصدر لي ان احد قادة الكتل وكان قريب الصلة بالجلبي عرض عليه المشاركة في حكومة الانقاذ هذه لكنه رفض. الخبر كان خاصًا وحديثًا جدًا ولم يصل لأي وسيلة اعلام بعد ويغري بنشره فعمدت للتورية عليه مع ابرازه، لكن ليظهر بطريقة قابلة للتأكيد وللنفي فجعلت العنوان ان الاميركيين يدعمون حكومة انقاذ عراقية من دون المالكي. وهو كلام صحيح تحليلاً ومعلومات. لكن اشرت في تفاصيل الخبر الى ما اورده مصدري من بغداد حول تكليف الجلبي بتشكيل حكومة انقاذ مع اضافة وجود مرشح لهذه الحكومة هو اياد علاوي رئيس الوزراء السابق. معتمدًا على مطالب زعماء كتل سياسية وقادة عشائر بأن يكون علاوي رئيسًا لحكومة بديلة عن الحالية.
لكن بعد يومين من نشر الخبر، زارني صديق قادمًا من بغداد، وكان قد إلتقى برئيس الوزراء نوري المالكي قبل ايام من زيارته لي، وأكد لي على ثقة المالكي بنفسه ولقاءاته بالاميركيين في بغداد، وعدم ملاحظته خلال فترة وجوده ببغداد وقربه من صناعة القرار العراقي في المنطقة الخضراء اي بوادر تشكيل حكومة جديدة. وزاد ذلك لقاء المالكي عبر دائرة فيديو مع الرئيس الاميركي جورج بوش وفترة الهدوء التي حصلت مؤخرًا في العراق وبغداد خاصة، وتبني المالكي لها ابعدت تشكيل حكومة انقاذ بدعم اميركي ولم يكن ما وصلني سوى تسريب لحلم احد الطامحين برئاسة الوزارة بالعراق. ولم يظهر اي تحقق لما وردني من مصدري في بغداد. فكان رد فعل ذلك اقل من رد فعل خبر مقتل عناصر الحرس الثوري الحديث عن تشكيل حكومة عراقية بديلة لحكومة المالكي لم يتوقف وان اختلف شخص البديل.
ومن اظرف الاخطاء التي حصلت معي وبسببي في العام 2007 هي تغيير اسم كاتب مقال من دون قصد. اذ حصل اكثر من مرة اتابع تجديد المقالات في قسم اراء في نفس الوقت الذي اكون فيه منشغلاً بإعداد تقرير عن الوضع السياسي بالعراق، او اتابع مؤتمرًا صحافيًا من على شاشة احدى الفضائيات، فاختار اسم كاتب غير كاتب المقال بسبب وجود اسماء الكتاب في قائمة منسدلة داخل لوحة التحكم ومنظمة ابجديًا، ويكون الانتباه عادة فوريًا من كاتب المقال الاصلي بعيد النشر ولم يحصل ابدًا ان ينبه لهذا الخطا الكاتب الذي يكون اسمه ظهر على مقالة لم يكن هو كاتبها!
هذه الاخطاء التي تكررت لاربع او خمس مرات خلال عام 2007 جلعتني أؤخر اظهار النشر في الاولى حتى اعمل نظرة اخيرة على المقالات واسماء كتابها في نهاية كل مقال. وهو جهد اضافي لكنه مطلوب في صحيفة محترفة مثل إيلاف. واخيرًا كان الاعتراض الاكثر ظرافة ما وردني من احد الكتاب، كان اسم كاتب آخر ظهر مكان اسمه، يقول فيه ان ما حصل جزء من مؤامرة ضده، فاعداؤه كثيرون!
*عبد الرحمن الماجدي نائب مدير التحرير
التعليقات