الموالاة والمعارضة تختلفان في تقويم معركة quot;الباردquot; والنتائج
جدالات سياسية حول انتصار عسكري في لبنان
لكن ذلك لم يمنع تسجيل ملاحظات وتساؤلات. أبرز الملاحظات هيأن قوى 14 آذار / مارس المناهضة لسوريا أكدت quot;أبوتهاquot; للنصر العسكري الذي مدته بالدعم السياسي منذ البداية من دون إغفال حق الآخرين بالتنعم به، خصوصًا قوى 8 آذار / مارس التي برز ترددها وتشكيكها في جدوى إقحام الجيش في المعركة من البداية، وتسأل مصادر الغالبية: كيف قامت منظمةquot; فتح الإسلامquot;؟ وهل كانت حقًا تمثل التقاطع المعروف بين المخابرات السورية وتنظيم quot;القاعدةquot; على ما هو الوضع في العراق؟ وأي دور أدى السوريون فعلا وفي مختلف المراحل من المعركة؟
وتضيف إلى أسئلتها: هل صحيح ان ضباطا من المخابرات السورية جرى تهريبهم من المخيم في الأيام الأخيرة من المعركة؟ وهل تحولت المخابرات السورية في منتصف المعركة من دعم quot;فتح الاسلام quot; الى مساندة الجيش اللبناني للقضاء عليها؟ وأخيرا وليس آخرا، كيف قتل رئيس هذا التنظيم شاكر العبسي ومتى وأين بالتحديد؟ وهل ذهب وجماعته ضحية تبدل الرياح السورية التي استخدمته ثم ضحت به، على ما رأى السفير السابق والمدير السابق للمخابرات اللبنانية العقيد جوني عبده؟
في المقابل، تعرب مصادر في المعارضة عن تمسكها بمسألة المحاسبة واعادة تقويم أحداث مخيم البارد التي لا ترى فيها نهاية لمعركة بقدر ما قد تؤشر إلى صراع مفتوح مع هذه الجماعات المتشددة المدعومة مخابراتيا .
وتحدثت مصادر في قوى 8 آذار عن quot;خيبة quot; لدى بعض أركان الغالبية التي quot;خاب مخططها في اضعاف قائد الجيش العماد ميشال سليمانquot; ، معربة عن أملهاquot; ان يكون خطاب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة حول المساواة بين الجنود والمقاومين (عناصر حزب الله) اعادة تقويم للتجربة الماضية وليست أمرا ظرفياquot;.
وترى هذه المصادر ان الأولوية يجب ان تكون بعد الآن لتشكيل لجنة تحقيق نزيهة تتولى كشف كل ملابسات وخلفيات قضية تنظيم quot;فتح الاسلامquot;، مبدية خشيتها أن يستعمل مقتل شاكر العبسي ومسؤولين آخرين في التنظيم مبررًا لطي هذا الملف بكل ألغازه وأبعاده. وتقول مصادرالمعارضة إن لدى قوى 14 آذار/ مارس خطة لاستثمار انجاز الجيش تقضي بتكبير حجم هذا الانجاز من أجل تكبير قدرات الجيش ثم دفعه الى مواجهة جديدة بهدف القضاء على من يرى رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط فيهم الخطر علىquot; أمنه القوميquot;، والمقصود مواقع quot;الجبهة الشعبية ndash; القيادة العامةquot; المتحالفة مع دمشق والموجودة خارج المخيمات في الناعمة وفي البقاع الغربي.
وتوقعت هذه المصادر quot;أن تشهد الفترة المقبلة حملة اعلامية أمنية سياسية قد تترافق مع أحداث لا يعرف أحد حاليًا كيف ستقع، بقصد إلزام الجيش القيام بخطوات عملياتية في هذا المجال. أما الأمر الآخر وهو غير متوافر الآن بيد فريق 14 آذار/ مارس، فهو ربط برنامج المساعدات الغربية النوعية للجيش اللبناني بموقف من مسائل عدة بينها ما يتصل بالعلاقة مع سوريا وبالتالي الاستغناء عن أي علاقة تعاون او تبادل خدمات مع الجيش السوريquot;.
وأيًا يكن مآل هذا السجال غير المباشر، ترى مصادر محايدة ان ملف مخيم نهر البارد لن يدخل دائرة النسيان قريبا، وهو مرجح لأن يكون مادة سياسية بامتياز من منطلقات أمنية. وطرحت أسئلة عدة منها: هل ماتت أسرارquot; فتح الاسلامquot; مع شاكر العبسي وquot;أبو هريرةquot;، أم ان الجيش أمسك ببعض الخيوط مع من تبقى على قيد الحياة؟ ما حجم الخلايا النائمة والمنتشرة في كل لبنان وعددها، وهل يمكن الاطمئنان إلى أن القدرة الأمنية والتنظيمية لهذه الخلايا تم تعطيلها وشل قدرتها على الحركة؟ ومن هي الجهة التي ستحصد quot;الجوائزquot; من انتصار الجيش الذي خاض المعارك باللحم الحي؟
وأين المعارضة من الوقوف خلف الجيش وهي التي انشغلت طيلة المعركة بدفع التهم عنها ومحاولة تبرئة نفسها؟ وهل ثمة خطة فعلاً لإعادة النازحين الفلسطينيين إلى المخيم المدمر، أم ان مخيم نهر البارد بات من الماضي؟ وهل سيكون هذا المخيم نموذجًا للمخيمات الأخرى في لبنان، أم أن الدرس كان كافيًا لتلافي هذا النموذج؟
وتشير المصادر الى أولوية اعادة تفعيل الحوار اللبناني الفلسطيني في سبيل تنظيم العلاقات لتجنب أي مشكلة جديدة، لأن تأجيل هذا الأمر مع بقاء المشاكل نفسها وعدم تحسين أوضاع اللاجئين في لبنان قد يخلق أوضاعًا جديدة شبيهة بما حصل في البارد.
وتضيف ان التشديد يبقى سيادة الدولة وشرعيتها في البارد وغيره من المخيمات، مع ابداء أهمية لترميم العلاقة أيضًا بين الفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني، كمرحلة أولى في سبيل الاتفاق بهدوء على خطة مشتركة أساسها عودة اللاجئين والاعمار عبر شراكة فلسطينية - لبنانية تتفق أيضًا على تنظيم السلاح الفلسطيني وإقرار الحقوق الانسانية وفق قوانين وتشريعات تزيل قلق اللاجئين .
في المقابل تؤكد مصادر فلسطينية ضرورة عدم اسقاط وضع البارد على أي مخيم فلسطيني آخر، وعدم اغفال حقيقة أن تنظيم quot;فتح الإسلامquot; ليس فلسطينيًا، اضافة الى تشديدها على رصد أي اختراق تخريبي للمخيمات. أما عن الموقف الفلسطيني من امساك الجيش بزمام الأمن في مخيم نهر البارد واعتبار الامر تجربة نموذجية لما يجب ان يكون الوضع عليه في في المخيمات الأخرى، فتقول إن quot;لا مشكلة في الأمر ولكن يجب البحث في شأن المرجعية وطرق التعامل والتنسيق مع التنظيمات، وهذا مرهون بالحوار الذي نعوّل على معاودته في أقرب فرصةquot;.
التعليقات