بري والجميّل يحاولان وصلاً بين طرفي البلاد بري: متمسك بعقد جلسة الثلاثاء لإنتخاب الرئيس على الرغم من اغتيال غانم صفير ينادي ضد المقاطعة والنصف +1 شبلي ملاط: أتساءل عن جدوى طرح بري
لبنان: الفصل السابع للرئاسة أيضًا؟
إيلي الحاج من بيروت: قبل يومين من موعد الجلسة التي حددها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لإنتخاب رئيس، لا تبدو البلاد على موعد مع حدث جلل، لا بل يسودها ضباب سياسي كثيف تخرقه اتصالات كتلك التي تولاها أمس الرئيس السابق أمين الجميل برفقة رئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني في زيارة مفاجئة للرئيس بري في مقره، ليقول فقط إننا نتمسك بشعرة معاوية . لكن المجلس الذي لن يشهد ولادة رئيس الثلاثاء سيحتضن حلقات تشاور، على أمل أن تمهد مثابة لتفاهم، لعله وعسى يحسم الإستحقاق توافقيًا فينقذ لبنان من الفراغ واحتمالات quot;الشر المستطيرquot; التي أشار اليها الرئيس بري عندما حذر من خطورة عدم التفاهم متحدثًا عن انقسام كل المؤسسات، حتى الأمنية منها.
وقال مصدر قريب من بري إن زيارة الجميّل وبقرادوني لمقر الرئاسة الثانية، تأتي في إطار المساعي الوفاقية ومبادرة الرئيس بري وتوسيع مروحة الاتصالات التي كان قد باشر بها أخيرًا. وأوضح أن بري اتصل بالجميّل بعد ساعات من اغتيال النائب أنطوان غانم، فعزاه وتوافقا على التحاور، سعيًا إلى توافق. وأكد ان الرئيس الجميّل حضر الى عين التينة موفدًا من قوى 14 آذار/ مارس التي عقد أركانها اجتماعًا في دارته في بكفيا الأسبوع الماضي. وشرح الجميّل في اللقاء النقاط التي أثارت لغطًا في بعض أوساط المعارضة، والواردة في البيان الصادر عن لقاء بكفيا.
وكشف المصدر أن الرئيسين بري والجميّل بحثا بالتفاصيل في سبل إتمام الإستحقاق الرئاسي، واتفقا على ان للموضوع مستلزمات وموجبات منها الأمني والسياسي والدستوري، وإن على فريقي 14 و8 آذار/ مارس تقديم تنازلات متبادلة. ولفت الى ان الرجلين اتفقا كذلك على أن يكون كل من جهته همزة الإلتقاء واللقاء بين الفريقين في البلاد .
وعززت الإنطباع أن أمام لبنان مرحلة من التشاور عودة السفير السعودي عبد العزيز خوجة الى بيروت ظهر امس (السبت)، لمتابعة محادثات يجريها بعيدًا من الاضواء مع القيادات المعنية، في حين كان كل من رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب quot;قوات اللبنانيةquot; سمير جعجع ارجأ مؤتمرًا صحافيًا كان يزمع عقده غداة اغتيال النائب غانم.
وأعلن قريبون من بري أنه لا يزال ينوي زيارة البطريرك الماروني نصرالله صفير لوضع الحل معه كما كان مقررًا قبل اغتيال النائب غانم، ومن ثم يعقد لقاء مع رئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري الذي سيتشاور بدوره مع البطريرك صفير في الاستحقاق، في حين يكون الرئيس الجميّل أطلع قادة قوى 14 اذار/ مارس على اجواء لقائه مع الرئيس بري من اجل رسم quot;خريطة طريقquot; للتوافق، توصلا إلى رئيس وفاقي قادر على جمع القيادات اللبنانية من جهة، ويحظى بتأييد ارادة وطنية جامعة من جهة. لكن هذا الجانب، هو الجانب المتفائل، والذي يغلب حسن النية ويدعي القدرة على ترجمتها قرارات.
جنبلاط والفصل السابع
وثمة وجه آخر للوقائع، فمن المقرر أن يزور النائب جنبلاط واشنطن مطلع تشرين الأول/ أكتوبر للمشاركة في ندوة دولية، وستكون زيارته مناسبة للقاء عدد من المسؤولين الأميركيين المعنيين بالشأن اللبناني. وتشير أوساط سياسية في بيروت إلى تقرير، نشرته صحيفة quot;الرايquot; الكويتية لمراسلها في واشنطن فحواه ان جنبلاط المعروف بحنكته السياسية، يدرك ان دمشق اتخذت قرارًا بتعطيل الانتخابات الرئاسية اللبنانية منذ زمن، وان الطريقة الوحيدة لاجراء الانتخابات هي بفرضها قسريًا كما فعل تحالف 14 آذار/ مارس حينما مضى في اقرار المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري متجاهلاً وقتها تحذيرات المعارضة اللبنانية بخراب البلاد او quot;بالشر المستطيرquot; حسبما جاء على لسان الرئيس بري اخيرًا.
ولفتت الى ان جنبلاط يعرف النظام السوري اكثر من غيره، وان هذا الاخير يتعاطى مع الملف اللبناني على قاعدة quot;يا قاتل يا مقتولquot; اي ان النظام السوري لن يمتنع عن مؤازرة كل انواع العنف في لبنان، حتى يتراجع اللبنانيون والمجتمع الدولي عن قرار انشاء المحكمة الدولية. ولأن جنبلاط يعرف ذلك، فهو لم يقع كآخرين في افخاخ الأحاديث عن النصاب الدستوري او البحث عن رئيس توافقي، وذلك على قاعدة أن لا توافق بين لبنانيي quot;انتفاضة الإستقلالquot; وبين اللبنانيين الموالين لسورية ما دام الخلاف على المحكمة الدولية قائمًا.
وأوضحت أن الزعيم الدرزي يريد انتخاب رئيس للجمهورية لا يساير دمشق في موضوع المحكمة، كما يريد انتخاب هذا الرئيس بأي ثمن لأنه يرى ان quot;الانصياع لأفخاخ المعارضة اللبنانية والتوافق سيكلفان لبنان اكثر من انتخاب رئيس من تحالف 14 آذار بقوة الأمر الواقعquot;.
ونقلت عن سياسيين في واشنطن على اتصال بالزعيم اللبناني ان جنبلاط اعلمهم بأنه لن يوفر وسيلة لانتخاب رئيس للجمهورية الا سيستخدمها. وعلى هذا الاساس، بدأ الاتصال بأصدقاء عرب واوروبيين في محاولة لادراج انتخاب الرئيس اللبناني في جدول مجلس الامن والمصادقة عليه تحت البند السابع الملزم دوليًا. ولهذه الغاية ارسل جنبلاط الى quot;الاشتراكية الدوليةquot;، وحزبه عضو فيها، رسالة للمطالبة بتحريك الموضوع لدى مجلس الامن.
كذلك نقلت عن اوساط جنبلاط في بيروت انه يدرك ان معركة رئاسة الجمهورية قد تكون الاخيرة التي ستؤدي الى ان يفقد النظام السوري تمامًا سيطرته على حكومة لبنان وانه في حال نجح تحالف 14 آذار/ مارس في انتخاب رئيس من بين اعضائه، فإن هذا سيترك للسوريين ولحلفائهم خيارًا واحدًا هو محاولة اشعال الحرب الأهلية، ولكنه خيار خطر ومكلف ما سيدفع بالسوريين الى الابتعاد عنه آنيا والاستمرار في مسلسل الاغتيالات حتى لو كلفهم ذلك اغتيال رئيس الجمهورية المنتخب اذا كان الرئيس الجديد من غير الموالين لهم، كما حصل في الماضي مع الرئيسين الراحلين بشير الجميل ورينه معوض.
التحذيرات الدولية
إلى ذلك، توقع ديبلوماسي اوروبي في بيروت أن يكون الملف اللبناني بندًا رئيسًا على هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي تبدأ الأسبوع المقبل ويحضرها الرئيس اللبناني الحالي إميل لحود، على الرغم من مقاطعته دوليًا.ولم يستبعد أن يحضر الموضوع اللبناني خلال مأدبة افطار دعا اليها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون مساء الأحد، مقدمة لإطلاق دينامية فاعلة وناشطة على امتداد الايام السبعة المقبلة التي ستجمع مختلف قادة الدول المعنية او المتأثرة بالوضع اللبناني.
ويجمع الدبلوماسيون الذين يتابعون التطورات بدقة في لبنان على إبداء الخشية من انفلات الملف الأمني فيه. ويقولون إن هذا الجو يدفع المسؤولين في الامانة العامة للمنظمة الدولية إلى تحذير الأطراف المعنيين في شكل شبه يومي من أخطار الفوضى التي تهدد وحدة لبنان واستقراره وتجعله مشرّعًا على احتمالات العنف المتنوعة، لكن هؤلاء المسؤولين الدوليين ليسوا واثقين أن جميع المعنيين في لبنان يسمعون جيدًا التحذيرات ويفقهون معناها.
التعليقات