خبير قانوني: يستحيل أن يكون الحكم الصادر على الطبيبين المصريينسببه خطأ طبي
مثقفون يستغربون الأسلوب المصري ومدونون يطالبون بعقوبات أشد
أحمد البشري من الرياض:
لماذا جعلت الصحافة المصرية فتحية شاهين زوجة الطبيب رؤوف، الشاهد الوحيد والرئيس للرواية التي تبناها المصريين ودافعوا عنها بشراسة، في الوقت الذي كانت فيه الشاهدة فتحية تقيم في القاهرة على بعد ما يقارب ساعتي طيران فوق البحر الأحمر، وقت وقوع الحادثة، التي أدت إلى صدور الحكم الشهير.
هذا ما أثار حفيظة الإعلاميين السعوديين والنخب، من ردة الفعل التي لم تستند على أدله حقيقة، وإستغربوا الحملة الإعلامية التي قادتها الفضائيات المصرية تجاه الشعب والقضاء السعودي، بالإضافة إلى مثقفين سعوديين، وكتاب استغربوا ربط الإعلام المصري، لأغلب التجارب السيئة التي تحدث بين الجانبين بالأمراء السعوديين، بطريقة تؤثر على الرأي العام، وتشير إلى تأثر الجهات القضائية في كلا الجانبين من كون أحد أطراف القضية شخصية مهمة، يجل الحكم إما مخففًا فيما لو كان الجاني، أو مغلظًا في حال كان هو المجني عليه.
ففي بداية العام الحالي، وجهت نيابة وسط القاهرة تهمة القتل الخطأ والإصابة الخطأ لـ quot;سارة الفهدquot; (سعودية الجنسية) بعد حادث مروري، ويمكن التنبؤ من الإسم أن السيدة السعودية لم تكن أميرة ولم تكن زوجة أمير كما أثبتت مصادر quot; إيلافquot; الخاصة، بعكس ما أشارت إليه وسائل الإعلام المصرية، الأمير يتكرر مرة أخرى في القضية الحالية، مع إحدى ضحايا الأطباء التي ذكرت الصحافة المصرية بأنها زوجة أمير كذلك، بالإضافة للعديد من القضايا السابقة.

حَبلُ قضية الطبيبين المصريين، إنتقل إلى الشارع في كلا الجانبين الذين واصلا الجذب بالقوة ذاتها، فمن خلال جولة الكترونية واستطلاع شعبي قامت بها quot;إيلافquot; يظهر أن السعوديين يريدون ما هو أقسى من الجلد بحق طبيبين مصريين أدينا بتخدير المريضات واغتصابهن لدرجة أن الكثير من رواد الانترنت تعهدوا بملاحقة الطبيبين ان نجيا من القضاء، كاتب (إنترنتي) قالquot;الحق هو القصاص وقتلهم تعزيرًاquot;. وقال أحدهم quot;لو أعرف أين هما لنفذت فيهما الحكم بنفسيquot;.

مدونون سعوديون طالبوا السلطات السعودية بكشف بقية الأسماء المتورطة، التي أشارت لها بعض التقارير الصحافية، كما طالب آخرون بإنزال عقوبات أشد، أحدهم أشار إلى أن الأطباء خانوا كل المواثيق، وذكر بأن المريضات سلمن أجسادهن إلى الطبيب من أجل العلاج، ولكن المتهم (وصفه بالمريض النفسي)، إستغل مهنته ومعرفته بالعقاقير الطبية، ليحقق أهدافًا جنسية دنيئة.

الجالية السعودية في مصر، وحسب مصادر quot;إيلافquot; حصلت على تعليمات من السفارة في القاهرة، بتجتب الإحتكاكات والنقاشات، خصوصًا تلك التي تتعلق بالقضية، بينما يشير طلاب (طب) سعوديين إتصلت بهم quot;إيلافquot; هاتفيًا، بأن هناك تغيرات حدثت في مستوى التعامل، خصوصًا من الإطباء (أعضاء هيئات التدريس)، كما تحدثوا لـ quot;إيلافquot; عن التهميش الذي يتعرضون له بعد القضية، والكثير من التلميحات الجارحة.
وبإهتمام بالغ، يتابع الشارع المصري في السعودية تحركات وسائل الإعلام، حول قضية هذه القضية، والذين أختلفت الروايات حول الجنح التي نسبت إليهم، وأستحقت هذا الحكم المغلظ (حكم على رؤوف محمد العربي وعلى شوقي عبد ربه بالسجن ١٥ عاما، مع جلدهما ١٥٠٠ جلدة، بواقع ٧٠ جلدة لكل منهما كل ١٠ أيام.) المصريون هنا يقفون على مقربة من الحدث دون الأنحياز إلى جانب دون آخر، وهذا هو حال الجالية المصرية في الرياض، مابين رفض بعضهم التام لما يحدث وإستنكارهم لهذه الأحكام، وبين آخرين يرون أنه إذا صدقت الرواية الأولى، فإن الجانيان يستحقان أكثر مما هو عليه الآن، ويتسرب خوف من أعينهم في أن يكون الحكم ظالمًا فيما لو صدقت الرواية الثانية.
كما وأصدرت السفارة السعودية بالقاهرة بيانا، حول المصريين المسجونين في المملكة، من أجل أيضاح بعض التفاصيل التي غابت، وسببت الكثير من الجدل في الأوساط الشعبية في كلا البلدين. وقد حوى البيان على العديد من التهم التي وجهت إلى كل من الطبيبن، كما وصف البيان الحكم الصادر بمتوسط القسوة.
خمس تهم موجهة إلى الطبيب الأول شوقي عبد ربه إبراهيم، منها اتهامين رئيسين تم توجيههما له، الأول هو الاتجار بالمخدرات، والثاني هو هتك عرض مريضاته واغتصابهن من دون علمهن.
أربع تهم وجهت إلى الطبيب الثاني وهو رؤوف أمين العربي، والإتهام الرئيسي كان يتعلق بحقن زوجة كفيله بنفس هذه العقاقير بهدف التسبب في إدمانها بقصد الكسب غير المشروع.
إيلاف بدورها تنشر الروايتين التين تداولتهما الحكومات ووسائل الإعلام والمنظمات المهتمة.
الرواية الأولى
وهي الرواية التي تبنتها السلطات السعودية، ومصادر إعلامية مطلعة بالإضافة إلى الصحافة السعودية، والتي تفيد بأن الحكم الصادر، نتيجة خمس تهم موجهة إلى الطبيب الأول شوقي عبد ربه إبراهيم، تتعلق أربع تهم منها بجلب وشراء وسرقة أنبولات من عقاقير طبية تندرج ضمن المواد المخدرة المحظور استعمالها من دون استشارة الطبيب المختص وإلا باتت نوعا من المواد المخدرة التي يحظر بيعها وتداولها، واتهام خامس يتعلق بإقامة علاقة محرمة مع عدد من النساء اللاتي كان يحقنهن بهذه العقاقير والإختلاء المحرم بهن، وهو ما يعني أن هناك اتهامين رئيسين تم توجيههما لهذا الطبيب الأول هو الاتجار بالمخدرات، والثاني هو هتك عرض مريضاته واغتصابهن من دون علمهن.
وأشار بيان صدر عن السفارة السعودية في القاهرة، الى أن هناك أربع تهم موجهة إلى الطبيب الثاني وهو رؤوف أمين العربي، تتعلق ثلاث منها في الاشتراك في جلب وبيع وشراء أنبولات من عقاقير طبية تندرج ضمن المواد المخدرة المحظور استعمالها من دون استشارة الطبيب، أما الاتهام الرابع فيتعلق بحقن زوجة كفيله بنفس هذه العقاقير بهدف التسبب في إدمانها بقصد الكسب غير المشروع، رغم أنه يعلم أن هذا العقار لم يكن موصوفا لها، وهو ما يعني أن هناك اتهامين رئيسين تم توجيههما لهذا الطبيب، هما: الاتجار بالمخدرات، وخيانة اليمين، والتسبب في إدمان مريضته بهدف التربح غير المشروع.
وقال البيان: إنه بعيدا عن ملابسات القضية، التي هي مسألة يحسمها القضاء السعودي، مثلما يُترك للقضاء المصري حسم تلك المسألة بالنسبة للمتهمين السعوديين في قضايا مماثلة داخل الأراضي المصرية، بغض النظر عن تلك المسألة، فإن حجم الحكم الصادر بحق المتهمين يعد من الأحكام متوسطة القسوة، علما بأن نظام العقوبات المقررة لجرائم المخدرات في المملكة العربية السعودية يقرر عقوبة quot;الإعدامquot; لمهرب المخدرات، والطبيب الذي يتاجر بالعقاقير المخدرة التي تدخل البلاد تحت بند العلاج يندرج ضمن المهربين .وأوضح البيان أن تعريف المهرب في القانون السعودي لا ينصرف إلى الشخص الذي يستورد المخدرات من الخارج وحسب، بل وكذلك الشخص الذي يتلقى المخدرات من الخارج فيوزعها على المروجين، وعلى ذلك فإن العقوبة المفروضة على الطبيبين تندرج ضمن الأحكام متوسطة القسوة، بعد أن اعتبرهما القضاء السعودي مروجين وليساً مهربين للمواد المخدرة، والمروج تكون عقوبته الحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أو بهذه العقوبات جميعاً حسبما يقتضيه النظر القضائي.
كانت نتيجة ضبط الأجهزة الأمنية أحدهما وهو يستخدم دواءً سائلا محظوراً، ويمنع دخوله إلى الأراضي السعودية، يؤخذ عن طريق الحقن، وتقول المصادر أن التحقيق مع الطبيب كشف أنه بالفعل قد قام بإعطاء هذا المستحضر، وعلى شكل جرعات لمجموعة من النساء المريضات في المستشفى؛ وهو ما يتسبب في تخديرهن ليمكنه بعد ذلك من الإختلاء بهن خلوة غير الشرعية دون معرفتهن، كما أدى هذا الفعل إلى إدمان الكثير منهن على الجرعات بمجرد تناولهن لأربع منهاquot;.
وهناك أنباء عن تورط عدد من العاملين، ممن استدعتهم لجان التحقيق، وتفاوتت أحكامهم بين الجلد والسجن.
الرواية الثانية
وهي الرواية التي تبنتها فتحية شاهين زوجة الطبيب رءوف، والتي تقول ( نقلاً عن الصحف مصرية) quot;منذ ٥ سنوات استدعى رجل سعودي الطبيب رؤوف لعلاج زوجته في قصره، وتبين له أنها أصيبت بكسر في الظهر، ونقلت للعلاج في أمريكا؛ حيث حقنت هناك بالمورفين المخدر لتسكين آلامها، غير أنها أدمنته بعد عودتها للمملكة، فقرر زوجي بالاتفاق معه، علاجها من الإدمان حتى تعافت تماماquot;.
وتابعت الزوجة: quot;إثر ذلك قرر رءوف تخفيض جرعة المورفين الذي كان يحضره من بعض المستشفيات بأوامر من زوج المريضة.. وبعد شفائها قرر زوجي العودة إلى مصر ففوجئ بأنه ممنوع من مغادرة المملكةquot;.
الدكتور حسن السرحاني خبير قانوني، ومحامي سعودي إتصلت به quot;إيلافquot;، إستبعد تمامًا أن يكون الحكم الصادر بالجلد سببه خطأ طبي، حيث ان الطبي البحت لا يستوجب الجلد، ورجح أن يكون هناك جناية لم تتضح الرؤية حولها.
هذا وكان عشرات من الأطباء وأقارب الطبيبين المصريين رؤوف العرابى وشوقى عبدربه، وقفوا مؤخرًا وقفة احتجاجية أمام نقابة الأطباء للمطالبة بتدخل المسؤولين المصريين ، وطالبوا إما بوقف الحكم أو إعادة محاكمتهما. حيث رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها quot;حكم ١٥٠٠ جلدة غير مسبوق فى تاريخ الإسلامquot;، ورددوا laquo;يا ريتنى كنت فلبينى كنت هلاقى حكومة تحمينىraquo;، وlaquo;يا حكومة السعودية راجعى نفسك فى القضيةraquo;، laquo;ياريس ادخّل لينا.. زى الحضرى من قبليناraquo;.
مدون سعودي رد على أحد هذه اليافطات التي رفعت من قبل أقارب الطبيب المصري، تحديداً على (حكم ١٥٠٠ جلدة غير مسبوق فى تاريخ الإسلام)، فذكر بأن القضاء السعودي سبق أن أوقع هذه العقوبة على 6 شبان سعوديين لمدة ١٥عاماً وجلد كل واحد منهم ١٥٠٠ جلدة على خلفية قيامهم بخطف قاضي وسرقة أمواله وسيارته وهاتفة تحت تهديد السلاح.
كما نظم الاتحاد المصري لحقوق الإنسان وقفة احتجاجية أمام السفارة السعودية في القاهرة، شارك فيها عشرات الأطباء المصريين، مطالبين بإلغاء العقوبة الجائرة عن زميلهم والإفراج عنه. وكانت النقابة العامة للأطباء المصريين قد تقدمت بالتماس للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، للعفو عن الطبيب، مشددة على ضرورة laquo;الحفاظ على كرامة الأطباء في مواقع عملهم بالخارجraquo;.
عدد من علماء من الأزهر الشريف تصدوا لهذا الحكم، وأعتبروه من الأحكام القاسية ومبالغ فيه ومخالف لثوابت الشريعة الإسلامية، في وقت نفى مكتب شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي علمه بالواقعة من أصله.
يذكر أن السلطات السعودية أرجأت تنفيذ الدفعة الثانية من الجلد، بعد أن أكدت اللجنة الطبية بعد الكشف عليهما قبل تنفيذ الحكم إصابة المتهم الأول رءوف محمد العربي، بضيق في التنفس وضعف في عضلة القلب، وإصابة الثاني شوقي عبد ربه بارتفاع في ضغط الدم، على أن يتم التنفيذ في مدة أقصاها أسبوع، وفقا لتقرير نشرته