تحولات مثقف عربي من الهزيمة إلى الصهيونية فالكاثوليكية
علام: من إيديولوجية الموت إلى ثقافة الحياة... قصتي
أسامة العيسة من القدس: يعتبر الكاتب والصحافي الإيطالي، من أصول مصرية، مجدي علام، أحد المؤيدين بشدة لإسرائيل ، وهو ما عرضه لانتقادات لاذعة من الجاليات العربية والمسلمة في إيطاليا ، وكذلك من صحافيين وكتاب إيطاليين داعمين للحقوق العربية في فلسطين. وعرف عن علام، المولود في حواري القاهرة الشعبية ، اتخاذه لمواقف تتصف بالتطرف والصدامية ضد الاراء العربية الشائعة ، وتجسد ذلك في كتابه الذي أصدره العام الماضي بعنوان لافت هو quot;تعيش إسرائيلquot; مع عنوان فرعي quot;من إيديولوجية الموت إلى ثقافة الحياة.. قصتيquot;.
ويروي علام كيفية انتقاله وهو فتى عمره 15 عامًا لدى اندلاع حرب عام 1967، من تأييد بلاده ورئيسها جمال عبد الناصر، إلى الانتقال إلى الصف الآخر ، ودفاعه عن حق إسرائيل في الوجود ، وتبريره لعملياتها العسكرية ضدquot;أعدائهاquot;. ولدى صدور كتابه، نظر إليه في إسرائيل كبطل، لان إصداره لكتاب من هذا النوع عرض نفسه للخطر، من قبل المنظمات الإسلامية. وقدم علام نفسه للإعلام الإسرائيلي، كشخص مطارد من المنظمات الإسلامية، وبأن حركة حماس أصدرت عليه حكمًا بالإعدام عام 2003 ، لموقفه من العمليات التفجيرية التي تنفذ داخل إسرائيل. وبسبب ما تردد انه تهديد وجهته له حماس، فإن الحكومة الإيطالية وفرت له الحماية على مدار الساعة .
وفي مقابلة أدلى بها لصحيفة هارتس الإسرائيلية في شهر تموز (يوليو) 2007 قال علام إنه غير خائف من تهديدات حماس بقتله. وأضاف بأنه على استعداد لدفع الثمن، من اجل أن يكتب ويتحدث بحرية، رافضًا أن يخضع لمن اسماهم قاطعي الألسنة والحناجر. وتحول كتابه، إلى أحد اكثر الكتب مبيعًا في إيطاليا، الذي وصفه علام، بأنه جزء من حربه التي لا هوادة فيها ضد ما يسميه الإسلام المتطرف ودعمًا لحق إسرائيل في الوجود، وهو ما جعل أوساط إسرائيلية تصفه بالمسلم الصهيوني، واعتبرته أحد أصدقاء إسرائيل.
واعتبر علام إسرائيل، معلمًا أخلاقيًا، يؤشر للفرق بين ما وصفهم عشاق الحضارة، وأولئك الذين يدعون الى أيديولوجية الموت، ولا يحترمون قدسية الحياة. ورزق علام خلال فترة صدور كتابه بطفل جديد، من زوجته الإيطالية، فأطلق على الوليد اسم دافيد، إشارة لما قال إنها معركة من اجل الحياة عاشتها زوجته أثناء الحمل، وهو حال اسرئيل التي تصارع من اجل الحياة، ولان الاسم ينسجم مع كتابه (تعيش إسرائيل). ولم ير علام في اسم كتابه استفزازًا، وقال بأن بعضهم يصفونه بأنه عميل لإسرائيل وللموساد، وسيعتبرون صدور الكتاب دليلاً على انه خائن للقضية العربية والإسلام، ولكن بالنسبة إليه فإن عنوان الكتاب هو أنشودة مديح لإسرائيل، وإعلانًا عن قدسية الحياة لكل إنسان.
وحول حركة حماس وما يجري في قطاع غزة قال علام، بأنه لم يكن لديه أي أوهام حول هذه الحركة، وانه كان يعتقد بأنه من الخطأ أصلاً السماح لها بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية. واعتبر أن نجاح حماس ورفضها الاعتراف بإسرائيل، يؤكد صحة ما ذهب إليه، في حين أن كوندليزا رايس، وطوني بلير اخطآ بالسماح لحماس بدخول الانتخابات. وقال إن حماس تسعى لفرض حكم مطلق من اجل تطبيق الشريعة الإسلامية، واحياء الخلافة الإسلامية، وانها مثلما ارتكبت ما اسماها مجزرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ستحاول أن تفعل الشيء نفسه في الضفة الغربية. ويرى علام، أن المشكلة هي لدى العرب دائمًا، مشيرًا إلى الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وقطاع غزة، لم يوقف نشاطات من يسميهم بالمتطرفين، الذين يعتنقون ما يسميها أيديولوجية الموت، ويرفضون حق إسرائيل في الوجود، فالمشكلة إذن كما يرى علام هي لدى العرب وليس في إسرائيل.
ويحتفظ علام، كما يروي في كتابه بذكريات صعبة عن مصر عام 1967، وعمّا يصفها عمليات الدعاية وغسيل الدماغ، التي يقول إن النظام الناصري كان يمارسها. ويقر بأنه خرج مع الجموع إلى شوارع القاهرة، لمطالبة عبد الناصر بعدم التنحي، ومواصلة المسيرة بعد الهزيمة الماحقة. ويحتفظ بصورة وردية إلى حد ما عن قاهرة ذلك الزمان، وما يطلق عليها شوارع نجيب محفوظ، والفتيات اللواتي يرتدين الملابس القصيرة، والفتيان الذين يقصون شعورهم مثل فريق البيتلز (الخنافس). ولكن الصورة لم تعد وردية، عندما يعتقل علام، وعمره 15 عامًا، بتهمة التجسس لإسرائيل، وبسبب ما يقول إنها علاقة حب ربطته مع فتاة يهودية التي كانت الحب الأول الحقيقي في حياته.
واثرت تجربة التحقيق هذه عليه كثيرًا، وبقيت معه ذيولها حتى سافر إلى إيطاليا للدراسة عام 1972، ويقول إنه محروم من العودة إلى مصر منذ عام 2002، لأسباب يقول إنها تتعلق بأمنه الشخصي. ويحذر علام الأوروبيين مما يسميه اسلمة بلدانهم ويقول إن quot;أوروبا هي بالفعل معقلا للتطرف الإسلاميquot;، ويشير إلى الهجوم التفجيري الذي نفذه اثنان من مسلمي بريطانيا في تل أبيب خلال انتفاضة الأقصى لحساب حركة حماس، والى ما يقول أنها عشرات الهجمات الإرهابية التي تم إحباطها في بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، وهولندا. واعتبر أن ما اسماه التطرف الإسلامي، يتحصن في شبكة واسعة من المساجد، ومدارس القرآن، والهيئات المالية، والمؤسسات الخيرية المرتبطة بالإخوان المسلمين.
ويهاجم علام، حتى quot;المثقفين المعتدلينquot; الذين يدينون أعمال العنف الإسلامي في أوروبا، الذي يقول بأنهم يؤيدون في كثير من الاحيان، العمليات ضد إسرائيل، ويميزون بين quot;إرهاب جيد وهو المجازر ضد الإسرائيليين وإرهاب سيئ هو الذي يهدد حياتهمquot;. وحول رأيه في كيفية تعامل إسرائيل مع quot;التهديد الإيرانيquot; قال علام لهارتس، بانه على إسرائيل أن تتصدى لحكومة احمد نجادي التي وصفها بالنازية، مشيرًا إلى انه ليس لديه أية أوهام بشان تحرك مرتقب للرئيس بوش ضد ايران، لأنه يبحث عن طريقة للخروج من العراق دون أن يفقد ماء الوجه، وهو ضعيف ولا يمكن التعويل على ضعيف مثل بوش. وقال quot;اعتقد بأن إسرائيل هي آخر معقل لمحاربة الإرهاب الإسلامي، دفاعًا عن الحضارة الإنسانية. واتمنى أن يكون لإسرائيل حكومة وحدة وطنية قوية، وتصميمًا على مواجهة أخطر تهديد لامن العالم منذ الحرب العالمية الثانيةquot;.
وفي عام 2006، زار علام إسرائيل، للمرة الرابعة لتسلم جائزة دان دافيد، وزار متحف ياد فاشيم، لضحايا النازية ووصف الزيارة بأنها quot;تجربة تركت انطباعًا لا يمحى علىquot;. واضاف quot;أتمنى أن تتمكن إسرائيل من السيطرة على احمدي نجاد في يوم ما وإجباره على عيش بقية حياته بين جدران ياد فاشيمquot;. وعلى الرغم من تعاطف علام مع الصهيونية وإسرائيل وصاحب كتاب يهتف باسمها، فانه ترك quot;الإسلام المعتدلquot; الذي كان ينتمي إليه، ليتحول، إلى الكاثوليكية، ويعمّد على يد بابا الفاتيكان، عشية عيد الفصح، مثيرًا حوله الكثير من الجدل، من جديد.
التعليقات