التغيير الحكومي في الأردن بنكهة سياسية خالصة |
عامر الحنتولي- إيلاف: قال مسؤول أردني كبير اتصلت به quot;إيلافquot; أن الأمر قد حسم تمامًا، وأن قرارًا سيصدر في أقرب وقت عن العاهل الأردني بإقالة وزارة نادر الذهبي، وتأليف وزارة أردنية جديدة من المحتمل جدًا أن ترى النور قبل عطلة عيد الفطر المقبلة، خصوصًا أن كل المؤشرات في العاصمة الأردنية عمان تشير حتى الآن إلى أن وزارة الذهبي تلفظ فعلاً أنفاسها الأخيرة، حتى أن المحركات الحكومية توقفت تمامًا واستسلمت على الأرجح لنذر التغيير التي تلت خطاب العاهل الأردني مباشرة يوم الثلاثاء الماضي، في حين أن جهات أردنية عدة قد رفضت صرف توقعات وتحليلات بشأن الخطوات المقبلة للعاهل الأردني الغاضب تمامًا بشأن العبث السياسي والإعلامي المتطاير على الساحة السياسية في بلاده.
ووفقًا لمعلومات quot;إيلافquot; فإن النية تتجه لدى المرجعيات الأردنية العليا إلى التغيير الشامل على صعد كثيرة في الداخل الأردني، إلا أن المعلومات ذاتها لا تستبعد أن يكلف العاهل الأردني رئيس الوزراء الحالي على إعادة تشكيل وزارة جديدة، على الرغم من ضآلة هذا الإحتمال، في حين أن المصادر لا تستبعد أيضا أن يكسر العاهل الأردني القاعدة التي سار عليها منذ أن آل إليه عرش المملكة الأردنية الهاشمية في فبراير/شباط 1999، حين رفض تجريب المجرب من الشخصيات السياسية التي سبق لها أن تولت منصب رئاسة الحكومة الأردنية إن في عهده، أو عهد والده الراحل الملك حسين بن طلال، علمًا أن أكثر من رئيس حكومة في عهد الملك الحالي لم يعطوا الفرصة كاملة من قبل، وأن ظروف إقليمية قد أثرت وضغطت على أداء حكوماتهم، فكان أن رحلت سريعًا تحت وطأة تلك الأزمات الخانقة، إلا أن هؤلاء الرؤساء ظلوا موضع التقدير الملكي في مناسبات عدة، وقيل لـquot;إيلافquot; أن العاهل الأردني أبقى على خطوط مفتوحة معهم لتلقي النصيحة منهم، ومشاورتهم في شؤون كثيرة بعيدًا عن أعين الإعلام، في بلد يمسي ويصبح على شائعات التغيير أو التعديل الوزاري.
وحتى الآن لا يمكن التقاط أي إشارة بشأن خيارات العاهل الأردني تجاه شخصية رئيس الوزارة الجديد، الذي لا يزال علمه عند الله عز وجل، وعبدالله الثاني الذي يوحي عدم إصطحابه رئيس وزرائه الى مقر القيادة العامة للجيش بأن الملك غير راض البتة عن أداء الذهبي، كما أن العاهل الأردني أحجم تمامًا عن أن تكون رسالته للشارع في بلاده من مقر الحكومة الأردنية، حتى لا تفسر الخطوة الملكية بأنها إشارة رضى ملكية عن وزارة الذهبي التي وسمت بعد التعديل الوزاري الأول عليها شهر شباط/فبراير الماضي بأنها وزارة التخبط والإرتجال، على الرغم من أنها شكت مرارًا من تدخل جهات أخرى في عملها، مما يعيق عملها، إلا أن العاهل الأردني منحها الفرصة كاملة، لكنها فشلت تمامًا في المهمة.
وخلال السنوات العشر الماضية فإن العاهل الأردني قد نوع مرارا خياراته بشأن شاغل منصب الوزير الأول، وقائد السلطة التنفيذية ما بين الرئيس الإقتصادي، والرئيس الأكاديمي، والرئيس العسكري، والرئيس الشعبي، إلا أن جميع تلك الوصفات أخفت على رأس الحكومات التي غالبًا ما كانت تظهر غير منسجمة، ومفككة الصلة، وكانت أعراض الضعف والوهن تظهر عليها بعد أسابيع قليلة من تشكيلها، إلا أن تلك الوصفات تبقى حاضرة في الذهن الملكي لأنها تلائم تمامًا الحالة السياسية الأردنية، وهي وصفات تراعي خصوصية المشهد الأردني الداخلي وتتفاعل معها. إذ كان رئيس الوزراء السابق عبدالرؤوف الروابدة وهو الوزير المنتسب الى الطبقة الشعبية أول رئيس للوزارة في عهد العاهل الأردني، قبل أن يأتي الملك عبدالله الثاني بالإقتصادي علي أبوالراغب الذي شكل ثلاث حكومات أردنية وكان الأكثر صمودًا في موقعه، إلا أن عاهل الأردن استبدله لاحقًا بوزير بلاطه في القصر الملكي فيصل الفايز، وتلاه الأكاديمي عدنان بدران، ليخلفه الجنرال العسكري معروف البخيت، ليتلوه الرئيس الحالي الذهبي وهو شخصية تجمع أكثر من وصفة في آن معًا فهو طيار محترف، وتقلد الحقيبة الوزارية أكثر من مرة، وأشرف على نهضة منطقة العقبة الإقتصادية الخاصة، ليأتي عبر بوابة الإقتصاد والتنمية نحو الموقع التنفيذي الأول.
وتستطيع quot;إيلافquot; أن تقرأ في عجالة في سيرة أكثر من مرشح أردني لخلافة الذهبي في المرحلة المقبلة، مع إضاءة مختصرة على أبرز محطات تلك الشخصيات التي قد لا تتعداها خيارات الملك الأردني، مع الإشارة الى أن تقديم الأسماء على بعضها البعض لا علاقة له بقوة الترشيح من عدمه:
الدكتور عدنان بدران: قد يكون رئيس الوزراء الأردني السابق أبرز المرشحين من نادي رؤساء الحكومات السابقة للعودة مجددًا إلى موقعه السابق، بسبب قناعة لدى العاهل الأردني أن الظروف الإقليمية الدولية قد ظلمت تجربته، وحكومته، إذ في عهده تحالف البرلمان السابق ضدها ليفرض عليها تعديلاً إضطراريًا لكونه تجنب المحاصصة الجغرافية، ولم يشاور البرلمان في مسألة التشكيل، كما أن وزارة بدران قد فوجئت بثلاثة تفجيرات دموية ضربت فنادق أردنية وقتلت 60، في أول تماس للأردن مع إرهاب من هذا النوع، إذ أجرى عاهل الأردن لاحقًا سلسلة تغييرات أطاح بموجبها ببدران، يشغل بدران الآن رئيس الهيئة الملكية لحقوق الإنسان، وهو حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة ميشيغن الأميركية بتخصص العلوم، وكان قد شغل في عقد الثمانيات حقيبتي الزراعة، والتربية والتعليم، وخارج الأردن بلغ منصب النائب الأول لرئيس منظمة اليونيسكو الأممية.
الدكتور صلاح الدين البشير : يعد رجل القانون صلاح الدين البشير من أقوى المرشحين لتأليف الوزارة الجديدة، فهو شخصية رائدة دوليًا في حقل قوانين التجارة العالمية، وتقلد مناصب وزارية مهمة جدًا في أكثر من حكومة أردنية فقد تولى الرجل حقيبة وزارة العدل، والتجارة والصناعة، ووزيرًا للخارجية عند تشكيل الحكومة الحالية، كما أن الرجل يدير مجموعة قانونية ضخمة لها توكيلات حول العالم، وخرج من وزارة الذهبي في التعديل اليتيم عليها لإصرار الذهبي بإيعاز من شقيقه الجنرال محمد الذهبي مدير المخابرات الأردنية السابق المطرود من منصبه على إخراج البشير بسبب تصدي الاخير للفريق الذهبي في الإرتجال والعبث الذي كان يمارسه في ملف العلاقات الخارجية للأردن، إذ أخرجه الذهبي بعد أن رفض إبقائه وزيرا للخارجية، لكن يقال أن الملك الأردني شرف منزل البشير وقتذاك وأبلغه بضرورة الإسترخاء السياسي وذلك للحاجة إليه في المستقبل القريب.
يشار الى أن البشير هو النجل البكر لوزير الصحة الأردني السابق محمد البشير الذي قضى في حادث تحطم المروحية التي كانت تقل ملكة الأردن السابقة علياء طوقان التي قضت هي الأخرى خلال جولة تفقدية لها الى محافظة الطفيلة عام 1979 بسبب سوء الأحوال الجوية، ومذ ذاك فإن أسرة البشير تحظى برعاية وقرب القصر الملكي، كما أن البشير حاصل على درجة الدكتوراة في القانون المدني من جامعة ماكجيل مونتريال الكندية، وعلى درجة الماجستير في القانون من جامعة هارفرد الأميركية.
عيد الفايز: على الرغم من أداء الرجل الراقي في أكثر من وزارة أردنية آخرها وزراة الداخلية، إلا أن الشارع الأردني صدم تماما بإخراج عيد الفايز من وزارة نادر الذهبي خلال التعديل الأخير، إذ تصرف الرجل بمنتهى الأدب والوقار السياسي حين ارتضى الواقع وغادر وزارته بعد أن ناب عن الذهبي أكثر من مرة رئيسا للوزراء، ولم تسجل أي بوادر للإنقلاب على رئيسه، أو الإستقواء عليه، وقيل إنه بعد خروجه من الوزارة تلقى ثناءا ملكيا كبيرا، أعطى الإنطباع بأن إبتعاد الفايز مؤقت، وأنه عائد الى منصب أعلى وأهم قد يكون رئيس الوزراء المقبل، علمًا أن الفايز حائز على الشهادة العلمية العليا في الإقتصاد من أحد الجامعات اللبنانية.
سمير الرفاعي: شغل من قبل منصب وزير البلاط الملكي، وكلفه الملك مرارًا مهمات خاصة في الظل أداها بصمت لافت، وعمل من قبل في وظائف عدة ومرموقة داخل القصر الملكي في عهد الملك الأردني الراحل حسين بن طلال، وعين أخيرا في منصب المستشار الخاص للعاهل الأردني، لكنه اعتذر لاحقًا عن البقاء في القصر الذي لا يتيح له العمل داخله بحث وقبول عروض إستثمارية لقيادة شركات إقليمية استثمارية، إذ تولى إدارة أحد أفرع شركة دبي كابيتال العالمية، فيما يرأس الآن منصب رئيس مجلس إدارة بنك الإنماء الصناعي، يشار الى أن الرفاعي هو إين وحفيد رئيسي الحكومة السابقين زيد الرفاعي، وسمير الرفاعي.
الدكتور مروان المعشر: يقفز الى الواجهة بإستمرار إسم نائب رئيس الوزراء الأردني السابق مروان المعشر، ووزير الإعلام والخارجية في حكومات سابقة، والسفير لبلاده في أميركا وإسرائيل مع كل موجة تغييرات أردنية بسبب سعة اطلاع الرجل وعلاقاته الدولية الواسعة، علمًا أنه يشغل الآن منصب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الإعلام والإتصال، وهو يعد من أبرز الوجوه الليبرالية في الأردن، كما أنه لا يزال موضع الثقة والتقدير لدى العاهل الأردني، خصوصًا أن كتابه الأخير قد أعاد تسليط الضوء على مهمات الظل التي نفذها الرجل بحرفية شديدة عبر المناصب العامة التي تولاها، إلا أن الرجل كونه مسيحيا فإن هذا الأمر قد حيده بإستمرار عن الترشيح للمنصب، رغم عدم وجود ما يمنع في الدستور الأردني أن يتولى أتباع الديانة المسيحية الموقع التنفيذي الأول، على اعتبار وجود وزراء مسيحيين في جميع الحكومات الأردنية، لكن العرف السياسي امتنع دائما عن صرف أي أسباب لعدم وجود أي رئيس وزراء مسيحي في الأردن منذ نشأته حتى الآن.
عون الخصاونة: رشح الرجل مرارًا ليكون رئيس الوزراء الأردني، إلا أن عون الخصاونة الحاصل على درجة الماجستير في القانون الدولي من جامعة كيمبرج، يعتبر دومًا أن عمله كرجل ثان في محكمة لاهاي الدولية التابعة للأمم المتحدة يريحه نفسيا، ويرضيه مهنيًا، وأنه رجل قانون لاعلاقة له بدهاليز السياسة، علمًا أن الموضوعات المعروضة على محكمة والتي يفتي ويحكم بها هي قضايا سياسية بإمتياز، بيد أنه يصر على أنه يعالج أمراض السياسية بعقاقير القانون، إلا أن الرجل يبقى مرشحا بقوة لأن يكون رئيس الوزراء الأردني المقبل، وتردد في عمان على مدى اليومين الماضيين أن مرجعية سياسية أوعزت للرجل استمزاج الآراء الإنطباعية لحكومته، لكن أحد أفراد أسرته الذين اتصلت بهم quot;إيلافquot; قال أن القاضي الأممي عون الخصاونة غير موجود في عمان منذ أسابيع عدة، وأنه موجودا الآن في العاصمة الهولندية. يشار الى أن الخصاونة قد تولى رئاسة الديوان الملكي في العام 1996.
الدكتور باسم عوض الله: يعد أبرز وثيقي الصلة بالعاهل الأردني ومستشاره الخاص، والمقرب منه جدًا، وهو الشخصية الإقتصادية الفذة التي لقيت ثناء مرجعيات أردنية عدة خلال السنوات الماضية، إلا أن العاهل الأردني قام بسحبه الى الخطوط الخلفية خريف العام الماضي بعد أن تأكد من تسليط مدير المخابرات الأردني الأسبق، والمطرود من منصبه بضعة أقلام صحافية، ضده في مسعى لخلخلة ثة العاهل الأردني به، وإثارة الزوابع حول عمله للتشويش عليه، إلا عوض الله الموسوم بأنه رجل المهمات الخاصة حتى وهو خارج المنصب العام يعطى دائمًا موقع الصدارة بشأن ترشيحات موقع رئاسة الحكومة، علما أن الرجل يبدي زهده دائما بالمناصب، ويبلغ الملك الأردني أنه جندي من جنوده في أي موقع أو مهام يكلفه بها صاحب القرار الأردني الأعلى، فالرجل يملك شبكة علاقات دولية واسعة، ويعد مهندس المؤتمر الإقتصادي العالمي quot;دافوسquot; في نسخته الأردنية، ووصفه الملك دائما بأنه رجل الجد والعطاء والعمل بصمت وإيثار.
عوض خليفات: شخصية أكاديمية مثقفة ومنفتحة جدا، وتحظى بثقة القيادة السياسية في كل المراحل السابقة، علمًا أن الرجل الذي تولى المنصب الوزاري أكثر من مرة كان قاب قوسين من أن يكلف بتشكيل وزارة جديدة في العام 2005، وكذلك العام 2007، خليفات المتخرج من الجامعات البريطانية، وعالم التاريخ صاحب المؤلفات الواسعة شغل من قبل المنصب الوزاري أكثر من مرة كان أقواها تعيينه وزيرًا للداخلية، ونائبًا لرئيس الوزراء، إلا أن إختياره لعضوية مجلس الملك (الأعيان) مؤخرا كان ذا دلالة قوية على تأهيل الرجل ليتقدم خطوة الى الأمام. علما أن أسماء أخرى تتردد في الداخل الأردني، إلا أن العاهل الأردني تعود على مباغتة الشارع الأردني بأسماء شحصيات لا خطرت من قبل على البال.
التعليقات