أكد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية لن تبدأ من الصفر، وإنما هي امتداد للحضارة الإسلامية التي كانت متسلحة بـquot;العلمquot;، وأوضح في كلمته التي ألقاها أمام ما يزيد عن 3000 من حضور حفل الافتتاح: quot;الجامعة هي مكان للعلم وبيت للحكمة ودار للتسامحquot;، وأوضح أن فكرة هذه الجامعة كانت حلم تراوده منذ 25 عاماً وهاجسا ملحاً عاشه طويلاً، وأشار إلى استحالة أن يكون العلم والإيمان خصمين سوى في النفوس المريضة.
وقبل حديث الملك ولمدة تزيد عن 30 دقيقة صافح فيها ما يقارب 25 زعيماً وممثلين عن دولهم حضروا إلى بلاده للمشاركة في حفل افتتاح جامعة الملك عبدالله، واصطحبهم إلى جولة في فناء الجامعة ليستمعوا إلى شرحا موجزا عنها من وزير البترول رئيس مجلس أمناء الجامعة المهندس علي النعيمي.
وخلال الاستقبال قدم أمير منطقة المكرمة الأمير خالد الفيصل إلى مقر الجامعة ، ودخلها مع المدخل المخصص لدخول الرؤساء ليكون أمامه الملك عبدالله، وعند اقترابه منه رفض الفيصل قيام الملك عبدالله وانحنى له وقبله، وبعد محادثة قصيرة تمت بينهما، انحنى الفيصل ليقبل يد الملك، غير أن الملك رفض ذلك.
ومن بين الرؤساء الذين حضروا الرئيس التركي عبدالله غول، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد، والرئيس الجيبوتي عمر جيلا، ورئيسية الفلبين السيدة جلوريا، والعاهل البحريني الشيخ حمد بن عيسي، وأمير الكويت الشيخ صباح أحمد الجابر، والرئيس البنجلاديشي، والرئيس اليمني علي عبدالله صالح، والرئيس السوداني عمر البشير. والرئيس النيجيري، والرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الذي كان أول الواصلين إلى الجامعة وأول من استقبلهم الملك عبدالله. والرئيس الماليزي. والرئيس الموريتاني،بينما أرسلت كلاً من لبنان وعمان وقطر وتونس والجزائر والهند وأميركا وبريطانيا وروسيا وفرنسا ممثلين لهم في حفل الافتتاح.
وخلال استماع الضيوف بصحبة الملك عبدالله لشرح عن الجامعة. كشف النعيمي لهم أن هناك مقر مخصص لصناعة الابتكارات إذا نجحت.
وفي حفل الافتتاح تم عرض نموذج للطلبة الذين يدرسون في الجامعة ولم يتجاوز أعدادهم ستة ثلاثة نساء وثلاثة رجال. أحدهم من نيجيريا، وآخر من ألمانيا، وأخرى من البرازيل، بينما المتبقين من السعودية، واتفقوا أن الهدف من دراستهم هو ابتكار لكي يتم تغيير العالم.
ولاقت العروض التليفزيونية استحسان الضيوف ولا يقطعون مشاهدتها إلا بتصفيقات حارة في منتصفها وفي نهايتها مع قدوم شاب في كل نهاية العرض ليضع مجسم الذي على ضوء انطلقت أهداف الجامعة. وحضر الحفل عددا كبير من رجالات الدين في السعودية، وكذلك عدداً من كبير من النساء.
وتخلل الحفل كلمات لمدير الجامعة تشون فونغ شي ورئيس مجلس الأمناء المهندس علي النعيمي ووزير التعليم العالي الدكتور محمد العنقري، كان موجزها ابداء عن تفاؤلهم بهذه الجامعة وبمسيرتها خلال الفترة المقبلة.
ولم يشأ الملك عبدالله مغادرة الحفل دون تقدير لمن بذلوا جهداً في إنشاء هذه الجامعة، فبعد انتهاء من إلقاء كلمته قلد رئيس مجلس الأمناء المهندس علي النعيمي وشاح الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية، ووشاحي الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى لرئيس شركة أرامكو المهندس خالد الفالح، ونائب رئيس الجامعة الدكتور نظمي نصر.
وكان رئيس الجامعة البرفيسور تشون فونغ شي قال في كلمته :quot; لقد اجتمعنا على شاطئ البحر الاحمر هنا عند ملتقى الشرق والغرب ملتقى القديم والجديد ملتقى التحديات والفرص لنشهد ولادة أحدث جامعة في العالم ، لقد جئنا من جميع أنحاء العالم من المؤسسات الاكاديمية والصناعية من أروقة السلطة وقطاع الاعمال ومختبرات العلوم من مختلف مناحي الحياة توحدنا تطلعاتنا المشتركة quot;.
واضاف:quot; لقد اشترك كثيرون عبر فترات زمانية طويلة وبذلوا جهودا شاقة ووهبوا قلوبهم وأفرغوا طاقاتهم لإنشاء جامعة غير عادية في زمن غير عادي، ويشرفني أنني ساهمت مع جمع غفير من الناس المتفانين المخلصين لنصل إلى هذا اليوم المشهودquot;..
واشار في كلمته إلى أن quot;دار الحكمةquot; كان مركزا عظيما للتعلم ومستودعا للمعارف واجتذب العلماء من جميع انحاء العالم المعروف آنذاك اسهموا في تقدم المعرفة في مجالات عديدة مثل الرياضيات والطب وعلم الفلك وطبقوا اكتشافاتهم لتحسين حياة الناس القريب منهم والبعيد،
وفي أكثر من مناسبة سمعنا من خادم الحرمين الشريفين حديثه عن هذه الجامعة باعتبارها بيتا جديدا للحكمة واعتبارها ايضا هدية منه إلى شعب المملكة العربية السعودية وشعوب العالم.
وبين البروفيسور تشون فونغ شيه أن جامعة الملك عبدالله تهدف إلى اكتشاف المعرفة وتبادلها وتطبيقها وهي تجمع العلماء الرواد والواعدين من جميع انحاء العالم لمتابعة تحصيلهم العلمي ليكونوا في مقدمة صفوف الباحثين والمخترعين والمبتكرين والذين ستساعد انجازاتهم العلمية المنتظرة في رفع مستوى حياة الناس والتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه البشرية .
وأكد رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ثقته أنه سيأتي اليوم الذي نرى فيه الجامعة راسخة في هذا المركز الحيوي بينما يجري الاعتراف بدورها المحفز بالنمو الاقتصادي للمملكة العربية السعودية على نطاق واسع في الداخل والخارج كما نرى افضل الخريجين من أبرز جامعات العالم يختارون متابعة اهتماماتهم العلمية في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وقد اصبحت مركزا ذا شهرة عالمية للعلوم والتقنية والابتكار والمشاريع واصبحت تقف كتفا إلى كتف مع شركائها من الجامعات ومؤسسات الصناعة في جميع انحاء العالم سعيا وراء ايجاد احدث الحلول والتحديات العلمية الرئيسية.
وتوقع البروفيسور تشون فونغ شيه ان تحقق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بعد جيل واحد من الآن حلم خادم الحرمين الشريفين بأن تكون ملتقى للعلوم والبحوث ومنارة من منارات المعرفة للأجيال المقبلة، متمنيا لجامعة الملك عبدالله دوام النمو والازدهار وان تبقى هبة نابضة للحياة من اجل اجيال العالم المقبلة.
نص كلمة الملك عبدالله بن عبد العزيز:
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. أيها الحضور الكرام.السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.لقد كانت فكرة هذه الجامعة حلمًا راودني أكثر من 25 عاماً ، وكانت هاجساً ملحاً عشت معه طويلاً ، وإني أحمد الله - جل جلاله - أن مكننا من تجسيدها واقعاً نراه اليوم شامخا - بحول الله وقوته - على تراب أرضنا ، فباسم الشعب السعودي أعرب لكم عن شكرنا العميق لحضوركم ومشاركتنا احتفال مولد ذلك الحلم.أيها الحضور الكرام: لقد كان للحضارة الإسلامية في تاريخها دور عظيم في خدمة الحضارة الإنسانية بعد الله - جل جلاله - فقد أسهم علماء المسلمين في مجالات كثيرة ، منها الطب ودور ابن النفيس فيه ، وفي الكيمياء كان لجابر بن حيان تأثيره البالغ في مسيرته ، وفي الجبر كان للخوارزمي دور فاعل ، أما في علم الاجتماع فقد كان لابن خلدون تأثيره العظيم فيه.لذلك كله فالجامعة التي نحتفل بافتتاحها لا تبدأ من الصفر فهي استمرار لما تميزت به حضارتنا في عصور ازدهارها ، وهذا هو المعنى الأول للجامعة.أيها الحضور الكرام:لقد ارتبطت القوة عبر التاريخ - بعد الله بالعلم - والأمة الإسلامية تعلم أنها لن تبلغها إلا إذا اعتمدت - بعد الله - على العلم. فالعلم والإيمان لا يمكن أن يكونا خصمين إلا في النفوس المريضة. ولقد أكرمنا الله بعقولنا التي بوسعنا أن نعرف سنة الله في خلقه ، وهو القائل جل وعلا: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) ، وهذا المعنى الثاني للجامعة.أيها الأخوة الحضور:لقد تعرضت الإنسانية لهجوم عنيف من المتطرفين الذين يرفعون لغة الكراهية ، ويخشون الحوار ، ويسعون للهدم. ولا يمكننا أن نواجههم إلا إذا أقمنا التعايش محل النزاع ، والمحبة محل الأحقاد ، والصداقة محل الصدام. ولا شك أن المراكز العلمية التي تحتضن الجميع ، هي الخط الأول للدفاع ضد هؤلاء. واليوم ستنضم هذه الجامعة إلى زميلاتها في كل مكان من العالم دارا للحكمة ، ومنارة للتسامح وهذا هو المعنى الثالث للجامعة.وأخيرا أشكر أرامكو السعودية التي أشرفت على تأسيس هذه الجامعة خلال فترة وجيزة ، وأتمنى لمنسوبي الجامعة التوفيق والسداد.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعليقات