بهية مارديني من دمشق: هالني ما وجدته عند دخولي مقهى الانترنت في احد احياء دمشق الراقية تسعون بالمائة من المتصفحين شباب في عمر
الورد ولكن غالبيتهم اما يتكلمون عبر غرف الدردشة او يصفحون مواقع اباحية.
جلست في ركن منعزل وفتحت الجهاز وكم كانت صدمتي كبيرة اذ تطايرت صور الفتيات العاريات..
ذهبت الى مدير المقهى وهو شاب لايتجاوز عمره الثلاثين عاما وسألته بفضول واستنكار كيف تسمح بمثل ما يجري هنا؟..
اجاب ببرود :ماذا افعل هل نقفل لان هؤلاء يريدون ان يدخلوا الى مواقع اباحية.. هل انا قيّم على تربية الناس؟
صدقيني لو كان الامر عائدا لي لمنعت الدخول الى مثل هذه المواقع ولكن ماذا افعل لمجتمع مكبوت كل همه ينحصر في التنفيس عن الكبت اللامعقول الذي يعاني منه في بيته ومدرسته..
سألته ماذا كنت تعمل قبل ان تكون في هذا المقهى؟..
قال انا خريج علم نفس ولا اطيق انتظار الراتب المتواضع اخر الشهر لذلك فضلت ان استثمر هذا المقهى بمشاركة زملاء لي وصدقيني لولا هذه المواقع الاباحية التي يدخلها هؤلاء المراهقون لأفلسنا فبين كل خمسين مستخدم للشبكة هناك اربعين بل اكثر.
هذه المشكلة العويصة انتقلت الى منازل السوريين الذين حرص كثير منهم على ادخال الانترنت الى بيوتهم عبر الخطوط الهاتفية وهو واثقون ان تكلفة دقيقة الانترنت لاتساوي الا دقيقة هاتفية واكثر بقليل وهو مالن يشكل عائقا كبيرا امام العائلات الميسورة ولكن حدث مالم يكن بالحسبان اذ ان بعض المراهقين اخذ ينفذون الى شبكة الانترنت الدولية من منازلهم الى مواقع اباحية في دول بعيدة جدا تكلفة المكالمة فيها باهظة جدا وامام سيل الاعتراضات على فواتير الهواتف الباهظة اضطرت مؤسسة الاتصالات الى بث الاعلان التالي الذي يحمل معاني عديدة :"السادة مستخدمو الإنترنت، تُحوّل خوادم متطورة في البرتغال وجزر الماريشال المكالمات الدولية إليها لدى دخول بعض المواقع في الشبكة، ما ينعكس على قيمة الفواتير الهاتفية".
الاعلان وجد ترجمة سريعة جدا اذا ان الاباء فهموا ان ابناءهم يدخلون الى المواقع الاباحية في هذه الدول وهو الامر الذي انعكس سريعا في الغاء كثير من المستخدمين لاشتراكاتهم فيما اكتفى البعض باستخدام طريقة الحجب والرقابة الصارمة على ابناءهم لدى استخدامهم شبكة الانترنت فيما لجأ اباء اخرون الى توعية ابناءهم والثقة بهم مجددا والفئة الاخيرة بالطبع هي فئة قليلة.
ولكن مصادر في مؤسسة الاتصالات السورية التي تشغل خدمة الانترنت وجدت ان وراداتها انخفضت بعض الشيء و يبدو ان دور الاب الاكبر اقنعها بالابقاء عل تحذيرها والتنبيه المتكرر عبر الصحف ووسائل الاعلام لزبائنها بضرورة التيقظ والحذر.
ان المسألة لم تتوقف عند حدود الامور المادية بل انها تعدتها الى قضية قيمة اخلاقية تتعلق بسلوك مجتمع يتغير ويتأثر بالحياة ويبدو ان عجلة الزمن لن تعود الى الوراء فالمراهقون ان استمعت اليهم تجدهم يقولون سنجد طريقة نلبي فيها رغباتنا التي لا يتعامل معها اهلنا الا بالكبت وكلمة "عيب "نريد ان يستمعوا الينا فقط ان يستمعوا ماالذي يضر؟.