توجد مشكلة في اظهار اسماء عدد من الكتاب في الصفحة الرئيسة.. نعتذر للكتاب والقراء..نعمل على اصلاحها.

ناهد بنت أنور التادفي

كما يطير غبار النار في يوم عاصف، طار إلى العالم الخبر الحزين.
وأعلنت المملكة وفاة مليكها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، ليلحق بركب الذين سبقوه كراماً أتقياء بررة.
فلا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم..
إنها غصّة الألم تكاد تخنق فسحة الروح..
وستائر من سواد تغلق فسحات المرايا..
سكنت الخيول، ولوت الورود أعناقها، وآوت الطيور إلى أعشاشها.. ولولا سعة الفضاء، ورحابة رحمة الله سبحانه، لأغلقت السماء ستائرها..
وأغمضت البوادي عيونها على طيوف أحلام عبرت بومض سريع، ولم تغب.. لكنها حفرت على جدران الزمن سيرة رجل كان.. ومضى.
لكننا نقول كما قال الله في كتابه العزيز: (إنك لميت وإنهم لميتون.) صدق الله العظيم..
وسيشرق صباح جديد، فهي فطرة الكون، ونواميس الخالق العظيم..
ولا نملك وسط هذه الغصّة الحزينة الذابحة، إلا أن نرفع أكفّنا للسماء، ونسأل الله خالق الأكوان أن يتغمد فقيدنا الغالي برحمته الواسعة، وأن يغدق عليه من فضائل نعمه، وأن يجعل مرتبته في أعلا العليّين، مع الشهداء وأولياء والصديقين، إنه سميع بصير، وبنا وبالأمة خبير.
فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون..
وهكذا يعبر الزمن، فيتراءى أمام نواظرنا شريطاً من الذكريات التي ما غادرتنا وما غاردناها..
ملكٌ كبير، وفعاله كبيرة، وحضوره كبير على كل الساحات، الوطنية والإقليمية والإسلامية والعربية والعالمية والإنسانية..
حكم فعدل، وأعطى فأجزى، وكانت كفّاه أطهر من الندى، وللخير والعطاء أسرع من خيول البرّ.
كان الرجل الحكيم الحصيف الفاهم العادل..
وكان السياسي المحنك، والربّان الماهر الذي استطاع أن ينجو بسفينة الوطن والأمّة من رياح الأعاصير، ومن قسوة الأنواء، ويصل بها وبنا إلى شواطئ الأمان.
كان رجل المواقف الصعبة، الهادئ في وقت القلق، الحكيم في زمن الغباء، الراشد القادر على اتخاذ القرارات الصائبة، والوصول إلى نتائج إيجابية شهد له بها العالم قاطبة.
كان المؤمن الذي سار على خطى شريعة الخالق، وكان الإسلام دستوره، والقرآن الكريم عطر حياته.
بنى وعمّر، وأشاد وكبّر، وأقام ورفع.. فاستحق رضا الله، وحب شعبه.
ونحن في هذه اللحظات العصيبة التي تلفّنا بوشائج الذهول، نرضى بحكم الله، فهو الحكيم ولا راد لقضائه.
لكننا في الوقت نفسه ونحن نعتصر قلوبنا حزناً وألماً، نخضع لحكم الله، ولنا العزاء كل العزاء بخليفته من بعده مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، وأعانه وسدد خطه، ومعه وليّ العهد سيدي صاحب السموّ الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وبطانتهما من رجالات الأسرة الطيبة الذين كانوا بطانة سلفه الصالح، وسيكونون البطانة الصالحة لخلفه.
والملك عبد الله بت عبد العزيز ومن معه من النسيج ذاته، ومن الأصل ذاته، ومن المعين ذاته..
وهو الرجل الذي ما توانى عن الفروسية يوماً، عايشناه فكان الصلب العود، الوفيّ الأمين، المسلم العربي.
ولا بد أن يشرق صباح جديد.. ويوم جديد، تسطع الشمس من جديد وتفرش أشعتها على مساحة الوطن، لنقول.. رحم الله الملك فهد.. وعاش الملك عبد الله.
مولاي الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظك الله آمين.
لنا فيك الأمل، وأنت لنا السراج. وأنت الآن تحمل همّ الأمّة، وأنت لها بكل جدارة وثقة.
نبايعك ونبايع وليّ العهد الأمير سلطان بأرواحنا ودمائنا وقلوبنا..
فسر بنا يا سيدي على درب الأمجاد، لنواصل بك ومعك رحلة الشموخ.
رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وأفسح له مقاماً في جنّته..
وهاك العرش يا مولاي الملك عبد الله بن عبد العزيز.. فاستلمِ..

[email protected]

الرياض -