أهاج مفتي أستراليا الدنيا، أقامها وأقعدها، شبه النساء باللحم المكشوف، إذا لم يتنقبن أو يتحجبن. خطب في بلاد تقدر الحرية الفردية، تقدسها، تحترم الرجال والنساء بنفس القدر، فيها عاش وامتلأ ونطق بما لو قال عُشره في بلاد المسلمين لاختفى من علي وجه البسيطة. سمح لنفسه بالإقامة عشرات السنين وسط اللحم المكشوف، انقلب كالعادة علي المجتمع الذي أواه، أساء ورفض فهم الآخرين، غضب وكابر لما هاجموه، يعيش في وهم صوابه المطلق وأخطاء الغير المؤكدة، يعطي لنفسه سلطة الكلام باسم رب الجميع والتعبير عنه.
منطق احتكار الصواب وعدم فهم العالم المحيط، صفة سائدة فيمن يتصورون الدفاع عن الإسلام وقضاياه، نفس الصياغات والأفكار والروايات والتشنج والعصبية والصراخ، ما يرددونه هنا يبغبغونه هناك، بلا تقدير لطبيعة المجتمعات، كأنها جميعاً سواء، كأن الثقافات واحدة، كأن الأمية هي السائدة بنفس القدر. تولوا الخطابة واستولوا علي الدعوة، بوضع اليد، صدقوا أنفسهم، تصوروا أنهم أصحابُ فكرٍ، يفرضون أنفسهم وكأنهم مبعوثو العناية الإلهية، يجدون من السذج والموتورين من يدافع عنهم، بلا فهم أو تدبر، بحد دون الأدنى من كل ما يمت للعقل.
مشكلتنا الأزلية، فينا من يحكمون بمنطقهم علي منطق غيرهم، يقيسون بمقياسهم متغافلين عن تعدد المقاييس، ينكرون ما عداهم، لا يرون سوي أنفسهم، في إطار من الظلمة، الأبواب مغلقة والنوافذ، بإحكام، العقول مختنقة، مكبلة، لا أمل في شعاع ضوء.
ا.د. حسام محمود أحمد فهمي
التعليقات