مريض يقبل ميت هو لايستمتع والميت لا يحس

لشد ما ينطبق هذا المثل بلهجته وألفاظه الشعبية المصرية على ما تحاول قناة لهلوبة الفضائية أن تفعله مع المشاهد العربى تعيس الحظ. حاولته سابقا عند القبض والحكم على مراسلها أبو وش حلو، الذى جلب النحس على كل بلد ذهب إليه، إذ سرعان ما ينهار نظامه، فعل ذلك مع طالبان وفعله مع صدام بن حسين، المهم لم تفلح تلك القناة فى حشد أكثر من عشرة أشخاص من العاملين بها لإرسال ما تيسر من إيميلات لمؤازرة ذلك المذيع القاعدى أبو وش حلو.
كررت القناة محاولتها تجييش الرعاع مع القبض على أحد منتسبيها وإرساله إلى معتقل جوانتاناموا. ثم حاولته مرة أخرى عندما تلككت (أى تسلبطت) على نكتة أو قفشة جرت بين الرئيس بوش وبلير عن قصف تلك القناة. فاغترت وظنت أن فى القبة شيخ بينما هو فى الحقيقة شبه قرد، لاهو فى العير ولا فى النفير.
الآن تقتل القناة نفسها من أجل إستنفار الدهماء. تعيد وتزيد فى نشر الصور التى تثبت قيام بعض المجرمين فى الجيش الأمريكى بتعذيب بعض المساجين، وتدعى أن الموضوع يتفاعل ويثير حفيظة الجماهير، فى إستجداء واضح للمشاعر وشحاذة لرد فعل همجى كرد الفعل الذى لم تنطفىء جذوته بعد.
اليوم هو يوم الجمعة وقد وقع المصلون فى حيرة من أمرهم. فهل يستمرون فى التظاهر والتصايح إستنكارا للرسوم الدانماركية، أم إحتجاجا على صور هتك الأعراض والتعذيب فى سجون العراق؟ كلاهما مر عليه زمن وأصابهما ما يمكن أن يطلق عليه إنتهاء تاريخ الصلاحية. القناة المريضة تحاول التقبيل بإفتعال واضح،والهمج والرعاع الذين تتسول القناة رد فعلهم كالموتى لا يحسون.
***
عندما تفضلت إيلاف بنشر مقالة بعنوان: quot;الهولوكست حقائق أم أكاذيبquot;جاء ذكر الهولوكست فقط كمثال على قصور التفكير وفساد الإستدلال لدى الغوغاء، وعلى إلتقاطهم لما يحشوه المتفيقهين فى أدمغتهم من منطق مريض وقياس فاسد. لكن وبكل أسف، وعلى النحو الذى تظهره التعليقات التى جاءت على المقال المذكور، تبين إفتقاد أغلب التعليقات للفكرة من المقال. فتركوا أصل الفكرة وتناقشوا فى الهولوكست الذى ما جاء ذكره إلا على سبيل الإسترشاد والتمثيل.
فمثلا ذبح الإرهابيين للأسرى (بفرض أنهم أسرى) تحت رايات الإسلام وسط التهليل والتكبير، فإن ما يفعلونه يلصق بالإسلام وبرسول الإسلام، ويصير أهل الغرب معذورون فيما لو ظنوا أن ذبح الأسرى والإرهاب ثقافة إسلامية.
وعندما يصيح المتفيقهون بالمقارنة بين هذا وما جرى مثلا خلال الحرب الصليبية أو ما هو مكتوب لدى اليهود فى توارتهم من أوامر مماثلة بالقتل والسلب، يلتقط العامة ذلك المنطق المريض. والفارق الذى يحاول ذلك المنطق التدليس عليه أن ما يفعله المتأسلمون يفعلونه الآن وعلى الشاشات بالصوت وبالصورة، أما الحرب الصليبية فقد جرت منذ إثنى عشر قرنا من الزمان، وأوامر إله اليهود كانت قبل ذلك بقرون عديدة، لذلك فالقياس فاسد ولا يصح الإعتداد به.

يقول الشاعر: على نحت القوافى من مقاطعها... وليس على إن لم تفهم البقر.

عادل حزين
نيويورك
[email protected]