الكلام المحتبس فى الصدور يؤلم أشد الألم ويبحث عن متنفس للزفير. والزفير هنا فرض كفاية فإن زفر كاتب برأى فقد إرتاح وأراح القارىء أيضا الذى يود التعبير عما عبر عنه الكاتب. الزفرة الأولى هى عن إدراج مشكلة أقباط مصر على جدول لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بناء على شكوى منظمات الأقباط والتى إجتمعت فى مؤتمر واشنطن بناء على دعوة من منظمة الأقباط المتحدين بقيادة كبير أقباط المهجر المهندس عدلى أبادير. ليس مما يسر أى مصرى أن يرى إسم بلده مقترنا ببحث دولى عن حقوق أقلية مضطهدة فيه، بل أظن أننى أعبر عن شعور الكثيرين من المصريين أقباطا ومسلمين عندما اقول أن عرض القضية على هذا المستوى الدولى قد أوجع قلوب المصريين جميعا حتى من سعى إليه.
ولكن هل نقول للمظلوم لا تصرخ أم نقول للظالم لا تظلم؟ لقد دعوت الدولة المصرية على صفحات إيلاف من قبل المؤتمر المذكور ان تتعاطى بأريحية مع المؤتمر والداعين والحاضرين فيه، رجوت الحكومة المصرية أن ترسل سفير مصر ومعه طاقم عمل ليكون المؤتمر مؤتمر حوار بدلا من مؤتمر شكوى. رجوت الحكومة المصرية أن لا تتعامل مع المؤتمر عن طريق الإعلام المصرى بتشويه الحاضرين بماضيهم وأهدافهم، وطلبت من الحكومة أن تتعامل معهم على أساس ماهم عليه، مصريون مخلصون لهم مشاكل متقيحة مهملة منذ زمن وأن الوقت وقت حوار وليس وقت إستهبال.
ولكن الحكومة المصرية بعنادها المعروف أخذتها العزة بالإثم وأطلقت إعلامييها على المجتمعين فنهشوا لحمهم ميتا. ولما أدركت الحكومة المصرية أن الزمن غير الزمن، وان القطار مسرع نحو عالم تتضائل فيه المسافات، أرادت حكومة مصر أن تركب القطار على أن تتهرب من دفع ثمن التذكرة، فحاولت إطلاق الخوف الكامن لدى الأقباط من الإخوان بإنجاحهم فى الإنتخابات التشريعية، ولكن خذلها الأخوان وغيروا من خطابهم عندما رأوا أن الثمرة ناضجة، وصاروا بين ليلة وضحاها رجال سياسة وليسوا جنود إرهاب. ثم حاولت الدولة بقرار هنا وقرار هناك أن تمتص الغضب، فعينت محافظا قبطيا، وعقدت جلسة أو أكثر مع أحد زعماء أقباط المهجر الذى صار بين ليلة وضحاها مصرى شريف، وهو الذى لم يجف حبر تخوينه بعد من على الصحف الحكومية وشبه الحكومية. والعجيب أن الحكومة لم تعتبر أقباط الداخل وهم الذين أيديهم فى النار، وهو الأمر الذى يشى بمكنون لئيم عينه على الخارج فقط، حتى أن أحدا من المسؤلين لم يهتم بالإجتماع مثلا مع الأستاذ يوسف سيدهم وهو الذى خرج على إجماع مؤتمر واشنطن راغبا وراعيا للتهدئة!
سيدى رئيس مصر باستطاعتك أن تجنب مصرنا العزيزة والشعب الذى تترأسه منذ ربع قرن الحرج والخجل. باستطاعتك ياسيدى الرئيس أن تطلب المهندس عدلى أبادير ومايكل منير ويوسف سيدهم للحضور إلى مصر، وانا أكيد أن أحدهم لن يتخلف عن لقائك، ولا بأس إن أرتأيت رفعا للحرج أن يحضر معهم شيخ الجامع الأزهر ومفتى مصر ورئيس الكنيسة المصرية، وأنت ياسيدى الرئيس ومعك رجال الحكم لقادرون على أن تتعرفوا على مشاكل هؤلاء الذين ضاقت بهم الدنيا بما رحبت وان تعملوا على حلحلة تلك المشاكل.
سيدى الرئيس إن موقع مصر هائل فى العالم كله تاريخا وحاضرا فبالله عليك لا تخذل شعب مصر وتجعل سمعته مضغة فى فم من يسوى ومن لا يسوى. سيدى الرئيس مصر ليست السودان ولا هى ليبيا ولا الصومال، مصر دولة عريقة فى عراقة الهند والصين واليونان إن لم تكن أعرق، فلنلحق بهذه الدول الديمقراطية ولننافسها فى سجل إحترام حقوق الإنسان، ولا تلقى بنا سيدى الرئيس إلى حيث ألقى بالعراق الذى كانت عراقته كمثل مصر لكن حكامه أسقطوا عراقته وحولوه إلى ما هو عليه الآن، كانتونات طائفية لا تفرح حبيبا ويشفق عليه حتى العدو.

عادل حزين
نيويورك
[email protected]