فاجأ رئيس الموساد السابق quot;افرايم هاليفيquot; الرأي العام الإسرائيلي عندما دعا للهدنة مع حماس، خلال مقابلة له مع صحيفة quot;يدعوت احرنوتquot; بتاريخ 26 مايو 2006، التي اعتبر فيها quot;أن التوصل إلى اتفاق هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل و الحكومة الفلسطينية برئاسة حماس خيار يستحق أن يخضع للدرسquot;.

ككل الآراء الغريبة و الراديكالية، لم يجد هذا العرض آذانا صاغية لدى الرأي العام بما فيه الطبقة السياسية في البداية. لكن صحة الآراء و نجاعة المبادرات لا تقاس بمدى شعبيتها خصوصا في المراحل الأولى. إذ تواصل النقاش حول المبادرة، و تبعه إصدار عدد من المثقفين الإسرائيليين لائحة تدعو للمفاوضات مع حماس، و تلا ذلك دخول وزير العدل الإسرائيلي السابق يوسي بيلين على الخط، الذي نشر مقال رأي في quot;الواشنطن بوستquot; في نوفمبر الماضي بعنوان quot;شرط نجاح انابوليس: وقف إطلاق النار مع حماسquot;، اقر فيه بعدم إمكانية دعوة إسرائيل حماس للمشاركة في مفاوضات السلام، و بناء على ذلك: quot; فان على إسرائيل أن تلجا إلى الخيار الوحيد المتاح أمامها الآن، ألا و هو الدخول في تفاوض مع حركة حماس، عبر طرف ثالث وسيط بينهما، بهدف التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النيران. و يتطلب ترتيب كهذا: الوقف المتبادل لكافة إشكال العنف، ترتيبات حدودية تسمح بحركة تصدير و استيراد البضائع من القطاع، و إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح جلعاد شاليت quot;. ثم جاء تصريح الجنرالين شاؤول موفاز و بنيامين بن اليعازر، الذي أوردته وكالة الأنباء الفرنسية بتاريخ 20 ديسمبر الماضي، و الذي أكد على ضرورة أن تدرس الحكومة الاسرائيلية بجدية أي مقترح جدي للهدنة تتقدم به حماس. لاحظ أن الدعوة جاءت من الجنيرالين و ليس من باقي الوزراء الإسرائيليين، و هما يقدران ndash; بحكم خلفيتهما العسكرية - الدور الذي لعبته الهدنة، التي قبل بها العرب عام 1948، في تحويل العصابات الصهيونية غير المنظمة إلى جيش إسرائيلي منظم و مسلح، استطاع بعد 8 سنوات فقط منذ تأسيسه سحق الجيش المصري بأكمله في سيناء في العام 1956، قبل تدخل القوات الفرنسية و البريطانية في المعركة، و لم تنسحب القوات الإسرائيلية بعدها إلا بالتزام عبد الناصر بحرية الملاحة للبواخر الإسرائيلية في البحر الأحمر. من المهم التنويه أيضا بما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلي من أن quot;مسئولين كبارا في الجيش مستعدون للحوار مع حماس حول هدنة طويلةquot;.

كما لم افاجا شخصيا بتأكيد بن اليعازر quot; ليس من الضروري أن تعترف حماس مسبقا بإسرائيل، المهم أن توقف إطلاق الصواريخ و أي هجمات أخرى quot;. فإسرائيل لها من القوة التي تجعلها في غنى عن اعتراف حماس و غيرها. و المهم اليوم للإسرائيليين الإيقاع بحماس في فخ الهدنة، مما سوف يعني تملص إسرائيل النهائي من متطلبات خريطة الطريق و انابوليس. و بذلك تضيف حماس جريمة جديدة لسجلها في حق الفلسطينيين، خصوصا بعد انقلابها المشئوم عن السلطة الشرعية.

أبو خولة

[email protected]