أزمة إدارة الأزمات بمصر فجرتها الطيور

محمد نصر الحويطى من القاهرة: زلزال (كانون أول) 1992 الذي ضرب مصر.. كارثة قطار الصعيد التي أودت بحياة ما يقرب من 4000 مواطن مصري .. غرق العبارة السلام 89 ومن قبلها العبارة 95 والتي فقدت فيها مصر أرواح ما يزيد عن 1500 مواطن, وأخيرا أنفلونزا الطيور التي أصابت مصر وأهلها بالهلع الشديد وأثارت توقعات بخسائر مالية فادحة ناهيك عما قد يحدث مستقبلا جراء هذا الوباء القاتل ... كل تلك الكوارث والأزمات التي شهدتها مصر في مراحل وفترات مختلفة كان من الواجب أن يتم التعامل معها وفق أطر ومعايير موضوعه لادارة مثل هذه الأزمات الضاربة ..ولكن وللأسف الشديد وعلى الرغم من وجود جهاز تابع لمجلس الوزراء المصري يدعم مجابهة الكوارث والأزمات إلا أن هذه المواقف الصعبة أظهرت أن مصر بالفعل تفتقد لعدم وجود خبرة كافية بكيفية مواجهة تلك الأزمات الكبيرة و هذا ما جعلنا نتسائل كيف تعاملت الدول المختلفة مع الأزمات التي مرت بها..؟ وكيف خرجت منها بأقل الخسائر الاقتصادية..؟ وهذا ما دعانا أيضا إلى فتح ملف (أزمة إدارة الأزمات في مصر ).

الاستفادة من الأزمات

بالفعل استنفدنا من الأزمات السابقة والدليل على ذلك أننا قمنا بالتعامل مع أزمة أنفلونزا الطيور الحالية على وجه صحيح هكذا يقول محمد أبو العنين العضو بمجلس الشعب المصري ورئيس لجنة الصناعة والطاقة والذي يؤكد انه في جميع الأزمات السابقة كانت هناك عمليات تعتيم من أجهزة الأعلام المصرية على الحقائق خاصة أزمة العبارة الغارقة بداية الشهر الحالي والتي لم يتم الإفصاح عن أية معلومات بشأنها مشيرا إلى أن الأزمة الأخيرة المتعلقة بأنفلونزا الطيور شهدت مبادرة من الجهات الإعلامية المصرية بالإعلان عن ظهور المرض وكيفية التصدي له والمناطق التي انتشر بها وهذا يعنى أننا بدون شك قد استفدنا من الأزمات السابقة وبدأنا نخطو خطوات جادة نحو تخفيف آثار تلك الأزمات.
ويصيف أبو العنين أن الجهات المعنية قد سارعت بالتحرك لمواجهة تلك الأزمة وبدأت التحركات على جميع الجوانب سواء الصحية منها أو البيئية أو الإعلامية أيضا كما انه حاليا يتم دراسة كيفية تعويض المتضررين من هذا الوباء من أصحاب مشروعات تربية الدواجن والطيور والمزارع والمشروعات المتعلقة بهذا المجال سواء بالقطاع الخاص أو العام خاصة وان الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالعاملين في هذا القطاع لا يستهان بها وبالتالي فان الدولة سوف تقوم بمساندتهم جميعا ومساعدتهم على تغيير نشاطاتهم حتى تنتهي الأزمة .
وحول التغطية الإعلامية للأزمات يقول أبو العنين أن الأعلام المصري قد راعى أهمية إبراز وتوضيح كيفية تعامل المواطنين مع الحالات المصابة وكيفية دفن الحالات النافقة الموجودة لديهم وتوضيح كل الأساليب العلمية التي تساعد على التخلص من الطيور النافقة بشكل لا يتسبب في أي أضرار في زيادة انتشار المرض.
أما بالنسبة لتعامل مصر بشكل عام مع أزمة أنفلونزا الطيور وهل جاء ذلك كما يحدث في جميع دول العالم يقول أبو العنين أننا تصدينا بالفعل للأزمة كباقي الدول الأخرى أن لم يكن افضل وهذا يتضح من خلال الإجراءات الوقائية التي نشرتها الجهات المسئولة في كل محافظات مصر ونواحيها حتى التي لم يظهر بها المرض ولكن الاختلاف الوحيد الذي يمكن أن نقول عليه انه سلبيا في مصر هو مجموعة العادات والتقاليد والمورثات التي تقف حائلا أما عمليات التوعية والتي قد تساهم بشكل مباشر في تفاقم الوضع وانتشار المرض مشيرا إلى انه على الرغم من ذلك فأن كل الجهات الحكومية تفرض العديد من الغرامات على المخالفين تأكيدا منها على أهمية استيعاب الموقف.
وفيما يتعلق بكيفية إدارة الأزمات بشكل عام في مصر يؤكد عضو مجلس الشعب أن الجهات المصرية والمسئولين عادة ما يتعاملون مع الأمور بحنكة وتصرف حكيم إلا أن هناك أخطاء لا يمكننا تحميلها للجهات الرسمية والحكومية كما حدث في حادث العبارة المصرية المنكوبة فالعبء الأكبر يقع على عاتق الشركة صاحبة العبارة وجهات أخرى خارجية لم يكن للحومة المصرية دورا بها خاصة وان العبارة كانت قادمة من السعودية لمصر وليس العكس مما يعنى أن المسئولية لا تعود بشكل مباشر على الجهات المصرية.

تحركات إيجابية

ومن جانبه يقول الدكتور سمير رضوان المدير التنفيذي لمنتدى البحوث الاقتصادية للدول العربية وإيران وتركيا أن تعامل مصر مع أزمة أنفلونزا الطيور كان مختلف تماما عن تعاملها مع أي أزمة سابقة حيث تعاملت مصر مع هذه الأزمة بقدر كبير من الحرص والتدقيق وتشابهت إلى حد كبير مع الدول المتقدمة في تعاملها مع ظهور فيروس الطيور أن لم يكن تفوقت عليها إلا أن بعض الأزمات الأخرى والتي منيت بها مصر وآخرها المتعلقة بغرق العبارة السلام 98 لم تتمكن مصر وللآسف الشديد من التعامل معها على الرغم من انه قد سبقها غرق اكثر من حالة شبيهه مما يؤكد أن ا الجهات المسئولة في مصر لا تستفيد من الخبرات السابقة إلا بعد أن تحدث الكارثة مما يكرر وقوع المأساة.
ويضيف سمير رضوان أن زلزال 1992 لم تقوم وسائل الأعلام المصرية بالإعلان عنه وانتظرنا القنوات الفضائية الأخرى حتى أن بعض القنوات المصرية نفت أن هناك كارثة مما يؤكد أن سياسة إدارة الأزمات لا تزال تفتقر إلى مزيد من الدقة التي قد تتسبب في كوارث فادحة كل عام أو اثنين.
أما في أزمة أنفلونزا الطيور فلا نستطيع أن ننكر أن الجهات المصرية قد قامت بتحركات إيجابية ممن جميع الأجهزة المعنية سواء الزراعة أو الصحة أو البيئة أو الأعلام فالأعلام المصري كان أول من أذاع نبأ ظهور المرض في مصر كما نه بدأت سلسة من البرامج الخاصة بتوعية المواطن لكيفية التعامل مع الطيور المصابة وعلى الجانب الأخر قد شكلت العديد من الوزارات المختصة وعلى رأسها مجلس الوزراء لجان طوارئ للتعامل مع الأزمة وتم تخصيص أرقام تليفونات يتصل بها أي مواطن يريد التأكد من وجود إصابات لديه في الطيور أم لا .
وبسؤال رضوان عن كيفية إدارة مصر لأي أزمة مقارنة بدول العالم فانه يؤكد أننا لدينا مشكلة خطيرة وهى أننا نتحمس لأي أمرا طارئ في بدايته إلا أننا نهدأ بعد قليل متجاوزين كل المعايير المطلوبة ولذلك لا يتم وضع إجراءات وقائية لتجنب حدوث أزمات متشابهة.
وبشكل عام فان رضوان يؤكد أننا في مصر في حاجه ماسة إلى إنشاء وحدة صغيرة على مستوى عالي من التقنية تكون ملحقة بمجلس الوزراء لكي تتعامل مع أي أزمات قد تحدث بدلا من الجهاز العقيم الذي يتبع لمجلس الوزراء حاليا ولا يقدم أي مساعدات في دوره في تتبع وادارة الأزمات.
ويوضح رضوان أن الوحدة التي يقترحها من المفترض أن تكون مسئوليتها التنبؤ بأي أزمة قبل حدوثها خاصة وان هناك كوارث يمكن التنبؤ بها مثل الزلزال وبعض الكوارث الطبيعية الأخرى ومن ثم يمكن لهذه الوحدة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها والتصدي لها كما يجب أن تقوم تلك الوحدة التي يقترحها بدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية جيدا لكي يكون لديها المؤشرات التي تساعدها على التنبؤ بأي أزمة أو كارثة قد تحدث ووضع المخطط اللازم للتعامل معها.

التدابير الوقائية

ويوضح الدكتور اشرف كمال عباس عضو الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي انه يجب أن تكون إدارة الأزمة بها قدر من التوازن بين اعتبارات مختلفة و أول هذه الاعتبارات هو انه يجب أن تكون صحة المواطنين والتدابير الوقائية اللازم اتخاذها محل مزايدة مع الأخذ في الاعتبار أنه طبقا للمعلومات المتاحة لدى جميع المتخصصين لم يتم انتقال الفيروس من الدواجن إلي البشر في مصر حتى الآن وانه لم يأخذ شكل وبائي بين البشر على مستوى العالم حتى الآن .
أما الاعتبار الثاني الذي يجب مراعاته مع إدارة هذه الأزمة هو أن هناك صناعة هامة وحيوية للاقتصاد المصري وهى صناعة الدواجن والتي تأثرت بشكل كبير سواء على مستوى الشركات الكبيرة أو على مستوى على مستوى المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر مع العالم أن هذه الأزمة قد تكون بداية جيدة لنا للتعامل معها أو مع أزمات أخرى يحتمل حدوثها في أي قطاع من قطاعات الاقتصاد القومي .
ويؤكد دكتور عباس انه من الواضح أننا يجب أن نقوم بدراسة وضع نظام متكامل لمواجهة المخاطر في مختلف القطاعات الاقتصادية اعتمادا على آليات محدودة كصندوق لمواجهة الكوارث يتم تمويله من نفس المشاركين في تلك الصناعة والعاملين بهذا القطاع في أيام الرواج لمواجهة الأزمات والكوارث والكساد ومواجهة مختلف أنواع المخاطر خاصة في المنتجات الزراعية التي تتسم بوجود مختلف المخاطر سواء كانت طبيعية أو بيولوجية أو سعرية أو تسويقية .
وفيما يخص الاعتبار الثالث فانه قد تكون تلك الأزمة فرصة سانحة للمجتمع لان يعتاد التعامل معها ومع مثيلاتها من الأزمات بشكل متكامل وليس اعتمادا على دور الحكومة فقط ذات الرعاية الأبوية .
حيث يبرز هنا دور مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ومراكز الشباب وجمعيات المرأة في قضية الوعي البيئي وإنجاز بعض المهام البسيطة المتعلقة بتلك القضية ومنها على سبيل المثال إتاحة تسهيل قيام أجهزة الدولة بالتخلص من الطيور النافقة عن طريق تكييس تلك الكميات البسيطة منذ البداية والتعامل مع الأجهزة التي تقوم بجمعها فضلا عن التأكيد على مواجهة الشائعات خاصة تلك التي لا يكون مصدرها الأجهزة الرسمية في الدولة وفى ظل ما نشهده من قدر كبير من الشفافية في هذه القضايا الأمر الذي بدأ يخفف من الموروث الكبير من عدم الثقة ما بين الجماهير والأعلام الحكومي لفترة طويلة .
ويؤكد دكتور اشرف عباس أن أزمة أنفلونزا الطيور ربما يكون لها تأثير فقط على صناعة الدواجن والصناعات المرتبطة بها أما الاستثمارات القائمة بشكل عام والاستثمار الأجنبي القادم من الخارج فلن يكون لها عليه أي تأثير.

التعامل الثوري مع الأزمة

من حيث المبدأ فان الخسائر الاقتصادية بعد أي أزمة أمر طبيعي ومؤكد هكذا يقول الدكتور رشاد عبده الأستاذ بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية والذي يشير إلى أن المواطن المصري قد يتساهل في أي شيء إلا فيما يخص صحته ومن هنا فان طبيعة الأزمة الأخيرة المتعلقة بانتشار وباء أنفلونزا الطيور فرضت على الجميع نوعا من الوعي الذاتي فضلا عن أنها أظهرت ولأول مرة في مصر وفى العالم الثالث أيضا تعامل (ثوري) مع الأزمات اتضح في تكاتف الوزارات والجهات المعنية جميعها وكذلك الهيئات والوزارات الاقتصادية والتأمينية التي تعهدت بتقديم تعويضات ومساندات للخاسرين من وراء تلك الكارثة.
ويضيف رشاد عبده أن الشفافية والتوعية الصادقة عن الأزمة جزء هام في الحد من خسائرها وتقلقل أضرارها سواء الاقتصادية أو البشرية أو المعنوية أيضا وبالتالي فان للأعلام دور محوري في إدارة أي أزمة وللرسالة الإعلامية مفعول السحر على المواطنين.
وعن دور الجهات الاقتصادية في تخفيف الخسائر المتوقعة للأزمة بقول رشاد عبده أن البنوك تحديدا لها دور مؤثر وفعال في ذلك خاصة بعد منحها تسهيلات في سداد القروض واعطاء أصحاب تلك المشروعات مهلة كافية لتعويض خسائرهم وعدم فرض نسب وفوائد في المراحل الانتقالية للأزمة فضلا عن الدعم الذي يجب انه تقدمه الوزارات المعنية في مساعدة العاملين والمستثمرين بهذا القطاع في عملية التحول إلى استثمار بديل لفترة مؤقتة حتى تستقر الأوضاع .
وفيما يخص دور المواطنين في تسهيل وتخفيف خسائر الأزمات يوضح أستاذ الاقتصاد انه يجب على المواطن اتباع كافة التعليمات الموجهة من قبل الجهات المعنية والحكومة وتنفيذها وفقا لما يتطلبه الموقف دون أي تقصير أو تهاون مؤكدا أن دور المواطن في هذا الشأن يعتبر رئيسي وفعال .
ويناشد رشاد عبده الحكومة المصرية بضرورة إعداد لجنة متابعة دائمة لمعالجة الأزمات لتكون وسيطا بين الحكومة والمواطنين الأمر الذي يساهم دون شك في تخفيض حجم الخسائر التي قد تتركها أي أزمة سواء اقتصادية أو سياسية مع مراعاة كافة الأبعاد سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.

المواطن وتنفيذ التوجهات

ومن جانبه يقول الدكتور أسامه الشبراوى نائب رئيس المركز القومي للبحوث أن تكاتف وتضافر جهود جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية والمواطنين هو السبيل الوحيد لأدارة الأزمات دون إحداث إضرار ضخمة بالاقتصاد المصري خاصة وان جهود الحكومة وحدها بدون مشاركة المواطن واسهامه في تخطى هذه الأزمة لن يكون له أي تأثير مؤكدا أن المشاركة الإيجابية مطلوبة من الجميع وتحديدا تعاون المواطن في تنفيذ التوجهات التي تتخذها الحكومة في هذا الصدد للحد من الآثار السلبية للأزمة وبالتالي يتم تقليصها والقضاء عليها ويمكن تخطي مصر لهذه المرحلة الحرجة بعد دخول هذا الفيروس مصر وما تبعه من تأثيرات سلبية على صناعة الدواجن والصناعات المرتبطة بها علما بأن الأزمة اتخذت شك لا متسعا .
ويوضح نائب رئيس المركز القومي للبحوث انه مع الاعتراف بخطورة المرض وانتشاره العالمي الذي لا يمكن تجاهله أو تخفيف حدة خطورته إلا انه يجب أن يعلم الجميع انه حتى الآن لم تحدث إصابات بشرية بالفيروس فضلا عن أن عدد الحالات البشرية المصابة في العالم لم تتعدى 169 حالة وقد حدثت بسبب تعايش هؤلاء المصابين مع الطيور واحتكاكهم بهم بشكل مباشر لفترات طويلة كما أن عدد المتوفين من هؤلاء هو 91 متوفى فقط.
وعن دور المراكز البحثية في التصدي لهذه الأزمة فان الدكتور أسامه الشبراوى يؤكد أن دور تلك المراكز ينحصر في شقين الأول هو تقديم إمكاناتها البشرية والمادية في لتشخيص المرض بمساعدة الجهات المسئولة عن التحاليل والعينات المراد تشخيصها أما الدور الثاني فيتعلق بالتوعية بمعنى أن الجهات العلمية عليها مسئولية تبسيط المعلومة للمواطن العادي لتعريفه بكيفية انتقال المرض والعدوى وكيفية التخلص من الحيوانات النافقة وهو ما قام به المركز القومي للبحوث ويقوم به حاليا فبمجرد الإعلان عن ظهور المرض بمصر تم تشكيل لجنة للطوارئ بالمركز للتعامل مع هذه الأزمة واستقبال أي حالات من المواطنين الذين يمتلكون دواجن ويريدون الكشف عليها للتأكد من إصابتها بالمرض من عدمه وكيف يمكن التخلص منها في حالة ما إذا كانت مصابة .
ويضيف الدكتور أسامه أن هذه الأزمة تحديدا تختلف كليا وجوهريا عن باقي الأزمات التي تعرضت لها مصر من قبل وتعيد للأذهان أزمة وباء الكوليرا الذي تعرضت له مصر في أربعينات القرن المنصرم مشيرا إلي انه من الممكن أن تكون هذه الأزمة خطوة هامة للقضاء على تربية الدواجن العشوائية الموجودة فوق أسطح المنازل وكذلك عمليات ذبح الدواجن في أماكن غير صحية وتوجيه المواطنين إلى التحول إلى الشكل المركزي في البيع والتربية والاعتماد على المزارع المركزية في الحصول على الطيور .
وبشكل عام فان الدكتور أسامه يؤكد أن الإدارة الجيدة لهذه الأزمة من خلال التعامل معها بعقل وهدوء هو الفيصل لتخطيها بدون أحداث أي أضرار للاقتصاد المصري وخاصة وأنها أزمة عالمية ومتواجدة في عدد كبير من دول العالم .

أولويات

إن التنظيم الإيجابي في إدارة الأزمات بشكل عام يقوم على مرتكزين أساسيين هما التخطيط وترتيب الأولويات كما يقول الدكتور حاتم القرنشاوى الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لرئيس الوزراء والذي يوضح أن هناك أولويات في عمليات إدارة الأزمات منها ما هو خاص بالأعمال الهامة و غير العاجلة ، وهي الأعمال التي ننجزها والرؤية التي نصوغها من خلال التخطيط الاستراتيجي وادارة المستقبل مشيرا إلي أن معظم المديرين يتجاهلون هذه الأولوية لأن نتائجها بعيدة المدى ، ولأتهم يعتقدون أنه لا داعي للتخطيط مادام العمل يسير بشكل مقبول ، ولأنهم لم يجربوا العمل وفق هذه الأولوية ولم يجربوا منافعها من قبل .
وهناك أيضا تعامل مع ما يتعلق بالأعمال العاجلة وغير الهامة وهي الأعمال التي ننجزها لأرضاء الآخرين ، أو لعدم إدراكنا لضآلة قيمتها ، أو لأننا غير مدربين على إدارة الذات واستثمار الوقت كمورد استراتيجي ومجال للمنافسة وهناك أيضا كما يقول القرنشاوى الإدارة الفعالة للذات والتي تتطلب استثمار معظم الوقت في إدارة الأولوية.
ويؤكد القرنشاوى أن هذه الأنشطة لا تدخل في صميم العمل ، لأنها نتاج الوقت المهدر والمجهود الضائع في أنشطة تضر بالعمل ، مثل الاتصالات التلفونية الشخصية للحديث في أي شيء ، والاجتماعات الجانبية الناتجة عن صراع في داخل المؤسسة ، والبطالة المقنعة التي تؤثر سلبيا على الروح المعنوية ، والزيارات المفاجئة التي تربك العمل هذه الأولوية السلبية التي تسود في المجتمعات المتخلفة يمكن القضاء عليها بالتخطيط المسبق واستثمار جزء من الوقت المتاح في الأولوية لوضع سياسة يكون من ضمن أولوياتها التخلص من الأنشطة .
وفيما يخص الخسائر الاقتصادية الناتجة عن بعض الأزمات مثل انتشار أنفلونزا الطيور الذي شهدته مصر هذه الأيام فيقول القرنشاوى أن كل أزمة لها طبيعتها وتحتاج إلى مزيدا من التخطيط للخروج منها بأقل الخسائر الاقتصادية والتي من الصعب تلافيها نهائيا كما يقول الخبير الاقتصادي موضحا أن الأزمة الأخيرة الخاصة بأنفلونزا الطيور لابد وان تكون لها خسائر اقتصادية خاصة وان صناعة الدواجن في مصر ترتكز على استثمارات تفوق أل 17 مليار جنيه مصري مهدده جميعها .
ولتلافي الخسائر الكثيرة في هذه الأزمة يقول القرنشاوى أن الحكومة والجهات المسئولة يجب أن تضع في الاعتبار حجم الخسائر وتوزيعها لتشمل كل الجهات العاملة في الدولة من خلال مساندة المستثمرين بهذا القطاع الداجنى فضلا عن سرعة التحرك دون تهويل الكارثة وفى نفس الوقت دون تخفيف أو لا مبالاة.
ويقول القرنشاوى أن المتابع للأزمات في الدول الخارجية يرى أن معظم تلك الدول تخرج من أزماتها بالقليل من الخسائر وذلك لعدة أسباب أهمها أن تلك الدول تسعى بشكل مباشر إلى نشر الوعي بوسائل الأعلام حول حجم الأزمة بكل شفافية ووضوح وتقف في نفس الوقت مع الجهات الأكثر تضررا من وراءها ولعل هذا يرجع في حد ذاته إلى أن مثل تلك الدلو تملك اقتصاديات تساعدها على ذلك على عكس الدول النامية والتي تتكبد دائما خسائر فادحه من وراء اقل الأزمات.
ويتحول القرنشاوى قائلا أن الحكومة المصرية في أزمة أنفلونزا الطيور تقوم بجهد موفور يتضح من خلال عمليات التوعية الشاملة التي تبثها وسائل الأعلام وتقوم بها الوزارات والجهات كلها بداية من ظهور الأزمة فضلا عن المشاركة الواسعة التي نشاهدها من جميع الهيئات الاقتصادية والمصرفية لمساندة القطاعات المتضرر هو بالتالي فان هذا يدعوا إلى التفاؤل بان تلك الأزمة لن تحقق أضرارا اقتصادية كثيرة كما يتوقع البعض .