محمد الشرقاوي من القاهرة : بعد النجاح المحدود لبرنامج الخصخصة المصري بدأت الحكومة تكشف عن نواياها للاتجاه نحو خصخصة التعليم العالي وقصره على بعض الفئات دون الأخرى. وقد وجدت الحكومة أنها تتحمل أعباءا تصل إلى 5 مليارات جنيه سنويا موجهه للتعليم العالي ،فبدأت تطل فكرة خصخصة التعليم وتحويله لمصدر للدخل القومي ، إلا أن الخبراء والاقتصاديين عارضوا بشدة هذه الفكرة مؤكدين أن الحكومة لا تقوى على فعل ذلك خاصة وأن التعليم حق دستوري للجميع .

فيما اقترح فريق آخر فتح الباب على مصراعيه أمام القطاع الخاص لتمويل منظومة التعليم باعتباره المستفيد الأول والأكبر منها .و يؤكد هذا الحديث ما يتردد في أروقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على لسان الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي بأن هناك خطة لتحويل التعليم العالي إلى مصدر للدخل القومي،بدلا من أن يشكل عبئا علي الموازنة العامة للدولة كما هو الحال حاليا .

إلا انه نفى وجود أي نية لدى الحكومة بالمساس بمجانية التعليم أو خصخصة الجامعات الحكومية خاصة بعد اقتراح رئيس جامعة الإسكندرية ببيع أراضي الجامعة والانتقال لمباني أخرى وترشيد موارد الجامعة ، مؤكدا أن رؤية الوزارة لتطوير القوانين التي تحكم مؤسسات التعليم العالي تستهدف الملكية الخاصة بالجامعات عن الإدارة وإعطاء استقلالية مالية وإدارة اقتصادية للجامعات .


تعليم لأبناء الذوات
ويعارض الفكرة بشدة الدكتور احمد الشربيني أستاذ الاتصالات بكلية الهندسة جامعة القاهرة ويقول انه لا يتصور وجود توجه نحو خصخصة التعليم العالي في مصر ، نافيا أن تكون موارد الدولة تساعد على توفير تعليم متميز عالي الجودة لكل مواطن مشيرا إلى ضرورة البحث عن مصادر واليات جديدة للتمويل .

وأضاف أنا ضد فكرة الخصخصة لأنها حق لكل مواطن سواء قادر أو غير قادر وعلى الدولة أن تتيح له فرصة التعليم ، مشيرا إلى ضرورة البحث عن آليات جديدة لتحويل التعليم لمصدر للدخل القومي إذا كان هذا هو توجه الحكومة خاصة بعد أن كانت مصر قبلة للمتعلمين في الدول العربية إلا أن دورها بدأ يتقلص خلال الفترة الماضية وبدا التوجه يزيد نحو الأردن مثلا .

وطالب الشربيني بضرورة عودة التوجه نحو استقطاب المتعلمين للجامعات المصرية ، مؤكدا أيضا أن المراكز البحثية والمعامل في كل جامعة يمكن أن تصبح الدجاجة التي تبيض ذهبا للتعليم خاصة مع توافر الإمكانيات اللازمة للبحث العلمي والتطوير وربط البحث بالصناعة .

وأشاد بفكرة تحويل التعليم لمصدر لدخل القومي ولكن ليس على حساب المواطن الغير قادر ماديا وحرمانه من فرصة تعليم متميزة حتى لا يقتصر التعليم في النهاية على أبناء الذوات .

القطاع الخاص ممولا
ويتفق مع الرأي السابق الدكتور محمد فهمي طلبه نائب رئيس جامعة عين شمس لشؤون الطلاب ويؤكد أن التعليم مثله مثل أي خدمة تحتاج إلى تمويل ولا يوجد تعليم دون تكلفه ، ولا يوجد تعليم متميز دون تمويل جيد في اطر تنافس عالمي لاستقطاب الكوادر المتعلمة ومع وجود تنافس قوي من دول عربية شقيقة مثل الأردن وتونس وبعض دول الخليج .
أضاف طلبه أن خريج الجامعة في مصر إذا تم إعداده إعدادا جيدا فانه سيخرج ليجد فرصة عمل متميزة ويتم بهذا الأسلوب القضاء على البطالة والأيدي المتعطلة وسيكون له تأثيرا ايجابيا على الاقتصاد القومي والعكس بالعكس .

أوضح أن تكلفه الفرد في التعليم الجامعي في دولة مثل تركيا تصل إلى 50 ألف دولار أميركي في حين انه في مصر يتراوح ما بين 1000-2000 دولار فقط ، ووصف هذا المبلغ بأنه قليل للغاية وبالتالي تكون نتائجه سلبية على الخريجين .

وطالب نائب رئيس الجامعة بضرورة خلق منظومة تعليم جيدة حتى نحصل على خريج متميز في كافة المجالات .ونفى مطالبته بالقضاء على مجانية التعليم وشدد على ضرورة تواجدها حتى يستفيد جميع الأفراد منها لأنها حق دستوري كفله القانون للجميع ، نافيا أيضا أن يتحمل كل طالب تكلفة تعليمه مطالبا بضرورة وجود من يتحمل ذلك وليكن القطاع الخاص الذي يمكن أن يساهم في تطوير التعليم لأنه المستفيد الأول من هذه الأعداد الغفيرة التي تتخرج سنويا من الجامعات .


لا للخصخصة
خبراء الاقتصاد اتفقوا على رفض الاتجاه نحو عملية الخصخصة وان تطول يد الحكومة التعليم ، ويؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي انه من الواضح أن الحكومة ترغب في عمل نوع من الخصخصة للتعليم الحكومي خاصة مع وجود تعليم متميز وتعليم خاص وتعليم سوبر ستارز لأبناء الذوات خاصة في ظل التوجه إلى ضرورة تحقيق ربحية ومكاسب مادية حتى لا تتحمل ميزانية الحكومة أعباء إضافية يمكن أن يتم توجيهها لأنشطة أخرى .

وأضاف أن الحكومة ترغب في رفيع كلتا يديها عن دعم التعليم والصحة رغم أنهما المجالان الأكثر تأثيرا في جميع فئات الشعب وهذه خطوة أولى لتتحول الجامعات إلى مصدرا للتمويل الذاتي .واستعبد عبد العظيم تطبيق نظام الخصخصة على التعليم مشيرا الى اتجاه الحكومة فقط لزيادة المصروفات الدراسية .