مهرجان روتردام بين نوعية الحاضرين وشحة الانتاج العربي
عبد الرحمن الماجدي من روتردام: تمتاز السينما العربية بشحة الانتاج السينمائي الجاد والهادف خاصة في السنوات الاخيرة. فبعد ان اشبع صناع السينما العربية، على علاتها، السنوات القريبة الفائتة افلاما تناقش التابوات الدينية والجنسية وبعد كمون هبة الكوميديا الشوارعية (نسبة لما بات يسمى بالشارع العربي) التي كانت تغازل مايود ان يسمعه الجمهور الكامن اصلا، لم يبرز كل عام سوى فيلما واحدا يحصد جوائز ذلك العام لتجاوزه قليلا على التفكير السائد عربيا دون ان ينسى صانعوه بعض الدغدغة للرقيب الرسمي والشعبي باعتبارهما الانا الاعلى الانا الاعلى لصانع الفيلم.
تبدو مشكلة السينما العربية اليوم غزارة في السينمائيين وشحة في الانتاج الذي يمكن ان ينال صفة الفيلم. اذ ان غياب المنتج غير البخيل ساعد على تمسك السينمائي العربي بكاميرا البيتا غام لما توفره له من وقت وجهد وكادر. وافلامها باتت مرحبا بها في معظم المهرجانات العربية باعتبارها سينما. وهذا يعكس تطورا خطيرا كنا نوهنا عنه قبل اربع سنوات ونبه عنه المخرج التونسي ناصر خمير أيضا في لقاء لنا معه قبل ثلاث سنوات اذ سيبتلع التلفزيون العربي السينما بعد ان تم تسويق افلام الفيديو التلفزيونيه كسينما. ويرى خمير الى ذلك بأنه تجاهل متعمد من اكثر من جهة رسمية بتشجيع ودعم افلام التلفزيون وتسميتها سينما ووصم المخرج الذي سيضطر للبحث عن منتج له خارج الاطار العربي بانه عميل ويتآمر.
حين تلقي نظرة على الافلام المشاركة في اي مهرجان سينمائي عربي ستجد كما هائلا من الافلام التلفزيونية بجانب عدد خجول من الافلام السينمائية المصنوعة بكاميرا 35 ملم او الديجيتال الحديث الذي مازال بعيدا عن متناول صانع الفيلم العربي لارتفاع ثمنه. فيستعاض عن شراء كاميرا حديثة كتلك التي تصور بها افلام هوليود مثلا الحديثة عن صناعة افلام مهرجان عربي كامل!
أمام هذا الواقع السينمائي العربي لم يستغرب احد حين يتوج فيلم تلفزيوني كأحسن فيلم في مهرجان السينما العربية بباريس والقاهرة وسواهما قبل سنوات.
لذا باتت السيناريو العربية هي مايمكن مناقشته في في كواليس لجان التحكيم العربية اذ لو تمت مناقشة تقنيات الفيلم العربي سنكون ظالمين جدا للسينما التي تنتج في مكان أخر من العالم.
يبدو ان السبب يكمن في هيمنة السينما المصرية التي تمتاز بكثافة الانتاج (غثه اكثر من سمينه) وغيرتها ان جاز التعبير من اي فيلم خارج جغرافيتها كافلام المغرب العربي مثلا، اذ يتم اتهام تلك الافلام بتبعيتها للغربي (عدو العربي المسلم) اذ تعتمد اغلبها على منتج غير عربي. وساعدت اللهجة المصرية من خلال تلك الكثافة التي تسد مساحات زمنية كبيرة في التلفزة العربية في تغريب افلام المغرب العربي المشغولة بعناية.
فيلم كل عام
الجنس وشتم الدين مازالا معيار تميز وشهرة ونجاح كل فيلم عربي (مصري على الارجح) من خلال ماينتج كل عام. وسيدور هذا الفيلم على المهرجانات العربية حاصدا جوائزها. وعادة يتميز فيلم واحد عن سواه بان يسرق انظار المشاهدين واسماعهم بمشاهد جنس خجولة (اشعار المشاهد دون قصد بأن الكاميرا وكادرها حاضرة في خلوة البطلين كتبرير لذلك الخجل) واعتراض على المقدس بشكل رمزي ومباشر في بعض الاحيان. لينال حصته من اعتراضات ارباب المقدس خدمة للفيلم دون يتعمد المعترضون ذلك. مع نهاية مألوفة لكل فيلم (مصري على الارجح) بالخير والسعادة.
بحب السيما
الاختلاف الذي حققه فيلم بحب السيما القادم لمهرجان السينما العربية في روتردام هو استبداله
لمسجد بالكنيسة والشيخ بالراهب في انتقاده للمقدس بالرغم من تعميم الانتقاد لكل سلطة(دينية او سياسية) تعيق الانطلاق نحو الحرية، وتحوله لعصاب وسواس قهري لدى المؤمن العصابي. وبالرغم من رفع الكنيسة القبطية دعوى قضائية ضده فان مايخفف غلواء الاعتراض الشعبي (وهو خفيف حقا) ان المخرج مسيحي. اذ لو كان غير مسيحي وينتقد ديانة اخرى لربما حل به ماحل بالمخرج الهولندي تيو فان خوخ (مع اختلاف طريقة الانتقاد) في فيلمه الخضوع الذي انتقد فيه معاملة المسلمين لزوجاتهم. فراح ضحية احد المنطرفين من اصل مغربي في هولندا ليفتح الباب على حرائق كلامية وحقيقية ضد المسلمين بذلت السلطات الهولندية جهودا كبيرة لاخمادها. محمود حميدة مع الطفل يوسف عثمان
بطل فيلم (بحب السيما)
(بحب السيما) القادم بحملة نقدية مادحة تشبه تلك التي قدم بها لروتردام العام الفائت فيلم (سهر الليالي) القريب بمشاهده الساخنة الخجولة من (بحب السيما) الذي فاقه قولا وسؤالا ومشاهد عن الجنس سيحظى بما حظي به سابقه من تكريم مع غياب المنافسة الواضحة خاصة بعد اعتذار المخرج المتميز ناصر خمير عن الحضور مع فيلمه (بابا عزيز) انتاج 2005.
التعليقات