هل ترويج مفهوم أن الفن رجس من عمل الشيطان مسئولية المتطرفين والمتزمتين فقط؟، وهل تأثيم الأعمال الفنية هى مهمة الشيوخ والدعاة ونواب الإخوان وشباب الجماعات الإسلامية فقط؟، أعتقد أننا لابد أن نعيد صياغة الإجابة الحاضرة الجاهزة التى تلقى باللوم عليهم وتخصهم بالإتهام، ونقول أنها مهمة الفنان فهو متهم أيضاً، وقد أحسست بهذا الإحساس عندما شاهدت لقاء مع المخرجة إيناس الدغيدى أجرته د.هاله سرحان على قناة روتانا، وأنا لايستطيع أحد أن يزايد على فى مجال الدفاع عن حرية الفنان وإنطلاق المبدع، وقد دافعت عن إيناس الدغيدى بقوة حين طالب أحد المحامين بجلدها فى ميدان عام عقاباً لها على أحد أفلامها، وتلقيت الشتائم والسباب والتهديدات نتيجة دفاعى عن الإبداع وحريته، دافعت عنها إنطلاقاً من أنها فى النهاية تقدم عملاً فنياً له تفسيرات متعددة ومن حقها طرح وجهة نظرها الفنية من خلال شريطها السينمائى، ولكن أن تأتى وتصرح فى برنامج فضائى يشاهده الملايين بتصريحات من شأنها أن تشوه وجه الفن وخاصة فى وقت ومناخ يتربص بالفن والإبداع، وقاعدة عريضة من الكارهين الشامتين فى المجتمع الفنى، يتسلى بمضغ لحم أبنائه فى جلسات السمر للتدليل على أننا نعيش فى مجتمع منحل، فأن يأتى الفنان فى مثل هذه الظروف لكى يؤكد ويروج لمثل هذه المفاهيم، فأعتقد أنها جريمة فى حق الفن والمجتمع، جريمة أن يمنح الفنان خصمه حبل المشنقة لكى يغتال فنه، وأستحلفكم بالله أن تقولوا لى مامعنى أن تحكى إيناس الدغيدى عن أن فنانة قرصت محمود حميده من "لباليبه " فى مشهد جنسى، وأنها طردت أحمد زكى من الأستوديو فى مشهد مماثل نتيجة إستثارته وهيجانه!، وكان يوسف شاهين فى حلقة سابقة من البرنامج قد تحدث عن نفس التغيرات الهورمونية التى حدثت له تجاه هند رستم فى فيلم " باب الحديد"!، هل هذا هو معنى برنامج المنوعات؟، هل هذا مانريده من برنامج يناقش الفن؟، إن الهزار فى هذا المجال لعب بالنار، وتحويل الطبخة الفنية الإبداعية الجميلة إلى مجرد نميمة من الممكن أن تتم تحت سيشوار كوافير أو تقبل فى مكالمة موبايل خاصة، ولكن أن تعلن على الملأ وبهذا الشكل وفى مناخ محموم بكراهية الفن، متربص لمبدعيه، إذن أدخلنا أنفسنا إلى الفخ المنصوب من قبل المهووسين المتطرفين وأعطيناهم قطعة الجبن التى توضع على باب هذا الفخ، والسؤال هل القصد من هذا الحوار أن نروج لمفهوم أن الجنس فى الأفلام جنس طبيعى؟، هذا المفهوم الذى حاربنا من أجل إنكاره والتأكيد على أن مثل هذه الأشياء هى مجرد خيال فنى ولاعلاقة لها بالإثارة الجنسية الطبيعية، بعد كل هذا تأتى إيناس الدغيدى وتهدمه لمجرد تحقيق فرقعة وقضاء لحظة هزار مع صديقة تجاملها بتسخين الحلقة على حساب الفن وفوق جثته!، إننى من المؤمنين بموهبة هاله سرحان وبأنها أفضل مذيعة منوعات عربية، ولكن إبتعادها عن برامج التوك شو السياسية التى صنعت نجاحها وتميزها الحقيقى جعلها تحاول التعويض بتجاوز الخط الأحمر بهذا الكلام الفارغ، إن أفلام إيناس الدغيدى من الممكن أن تناقش فنياً ونختلف ونتفق عليها ونصنع من خلالها برنامجاً عظيماً، ولكن من منطلق الحفاظ على الفن لا من منطلق إغتياله، لابد أن تحكمنا جميعاً كمحبين وعشاق فن الطبطبة و"التحويط" على الفن وحمايته وعدم تشويهه فى مجتمع مفاهيمه مشوهة أصلاً، ولابد أن تتخلى الفضائيات عن بيع الوهم من خلال النميمة الفنية وحكايات غرف النوم والسمسرة فى أجساد الفنانات والفنانين، ولابد أن يتحكم ضمير صاحب أو صاحبة البرنامج فى مضمونه وشكله، وإلا ففسروا لى الإصرار على إستضافةمريم فخر الدين على سبيل المثال وإستثمار إنفلاتها اللسانى والبعد عن الخوض فى مناقشة فنها؟، وفسروا لى كيف يحاور مذيع فى قناة الحرة إيناس الدغيدى فى الأسبوع الماضى ويخوض فى موضوع التجارب الجنسية لبنتها وهل تسمح بها أم لا؟، وهل من الممكن أن تنجذب إيناس الدغيدى لرجل وهى متزوجة؟.....الخ، لماذا لم تطرد إيناس هذا المذيع وتضربه بالحذاء؟ هل من أجل بعض الدولارات؟..أشك فى ذلك، رجاء حار لاتمنحوا الطالبانيين السكين التى سينحرون بها رقبة الفن، وأرجوكم تقليل طرح أنفسكم كمجتمع مخملى على صفحات الفن والسهر، مارسوا حريتكم بلاحدود فى فنكم وإحفظوا وإمسكوا لسانكم فى لقاءاتكم التليفزيونية التى يجب ألا تتعدى الحدود، وإطرحوا أنفسكم كفنانين حقيقيين بقوة وبجد، فهذا الفن هو آخر حصن ستحتمى به أرواحنا المنهكة، وآخر قرص منبه تتناوله عقولنا المغيبة المدروشة، وآخر صدمة كهربائية لمجتمع يعانى من الهستيريا والشيزوفرينيا!!

هل كل من ذهب إلى مؤتمر الأقباط خائن وعميل؟
شاهدت الأستاذ يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطنى على شاشة قناة الجزيرة مع حافظ الميرازى، وأعجبنى منطقه الهادئ وعقلانيته التى منعته من الإنجراف فى تيار الطائفية العنصرية، وتبنيه لمفهوم أن المشكلة مشكلة مصر بمسلميها ومسيحييها، وأيدته فى موقفه الرافض لإقحام الأمم المتحدة فى تبنى مشاكل الأقباط، وبرغم أن معظم مقررات المؤتمر كانت متوازنة وصادقة فى توجهاتها، وتتحدث عن مشاكل حقيقية وتطالب بحلول وطنية مثل إنهاء حالة الطوارئ وإطلاق حرية الأحزاب ونهوض المجتمع المدنى ومنظماته، إلا أننى لم أستسغ مسألة الأمم المتحدة تلك، ومثلما تعامل يوسف سيدهم من منطلق وطنى وقوى وصادق مع المؤتمر، تعامل المفكر الإسلامى أحمد صبحى منصور أيضاً بنفس الصيغة وإنطلق من نفس الأرضية، وتصدى لإحدى المتحدثات التى حاولت الخوض فى مسائل العقيدة وأفحمها مما نال إستحسان وتصفيق المشاركين نظراً لقوة حجته ومنطقية حديثه، وأحمد صبحى منصور لمن لايعرفه من القراء مفكر أزهرى طارده الأزهر لأنه غرد خارج السرب وخرج على النص المعد سلفاً وحاول إستعمال العقل مع النصوص، وهاجم الأحاديث الموضوعة وطالب بعرضها على القرآن الذى هو الأصل والمرجع، ولكن سيطرة المدرسة الوهابية على الأزهر جعلت المؤسسة تعادى أصحاب الفكر العقلانى من أمثال د.صبحى منصور، وتنفيه وتطرده إلى خارج مصر حيث يعيش حالياً فى أمريكا، كل ماسبق وغيره يجعلنا نفكر فى مراجعة أحكامنا المتسرعة وإتهاماتنا بالعمالة والخيانة لكل من ذهب إلى المؤتمر، ويجعلنا نعيد النظر فى التعامل مع أقباط المهجر كشياطين وأعداء ووضعهم فى حزمة واحدة تدين بدين المؤامرة، ونتسامح مع الأفكار المخالفة طالما تتحرك فى إطار الدولة المدنية، وفى نهاية البرنامج عرض المسئولون عن المؤتمر أن تسمح لهم السلطات المصرية بعقد مؤتمرهم القادم فى القاهرة، وأعتقد أن الإستجابة لهذا المطلب ستقلل حدة الإحتقان والنبرة الطائفية فى حديث بعض المشاركين، وسيعلى من مفهوم المواطنة الحقيقية التى لاتميز بين الأشخاص حسب دينهم أو جنسهم، وتنفى عن المشاركين تهمة العمالة والخيانة التى ترفع كفزاعة فى وجه كل من يختلف مع مصر فى الخارج، فالمظلة مصرية والمشاركون مصريون والقضية مصرية وكل شئ سيناقش فى النور على أرض المحروسة التى تسعى للخروج من عصر خفافيش الظلام.

شيخ يمنى يكتشف علاجاً للإيدز!
تدخل رجال الدين فى كل تفاصيل حياتنا فصاروا يفتون فى كل شئ بداية من جواز إقتناء الموبايل أبو بلو توث ونهاية بكيفية الجلوس فى التواليت مروراً بالملابس والمحابس والسلام والكلام والجماع والإمتناع والسباحة والقباحة ومتعة القصر وعذاب القبر.....الخ، ولكنى ألاحظ أن أكثر منطقة جذابة لرجال الدين هى الطب، فالإفتاء فى أمور الطب صار خبزاً يومياً فى الجرائد والفضائيات، فهناك أحاديث تخترع عن فوائد الحلبة والينسون والبردقوش، وهناك إسترزاق وسبوبة الحجامة، وهناك العلاج بالقرآن والطب النبوى، بالإضافة إلى علاج السحر والربط والأعمال.....إلى آخره من التجارة بالدين فى مجال محدد ودقيق لا يمت للتجارة بصلة ولايخضع إلا للحسابات العلمية وهو علم الطب، ولكن آخر موضة فى تجارة رجال الدين بالطب، وآخر منطقة جاذبية لهم كانت هى مجال الإختراعات والإكتشافات الطبية، فكل ماتحدثنا عنه هو كلام قديم موجود فى كتب التراث، ولكن أن يخترع شيخ دواء لعلاج مرض عضال فهذا هو الجديد ، فقد خرج علينا الشيخ عبد المجيد الزندانى رئيس جامعة الإيمان فى اليمن بإكتشافه المذهل لدواء يعالج الإيدز!، هذا المرض الذى حير البشرية والصيادلة والعلماء ومراكز البحوث العالمية إكتشف علاجه هذا الشيخ اليمنى، وكان من الممكن إعتبارها تخريفة من أثر القات اليمنى المعتبر، ولكن من يقرأ تصريح الشيخ الزندانى لفضائية الجزيرة يتأكد من أن الرجل فى كامل قواه العقلية، فقد قال لافض فوه أن هذا الدواء يقضى على الفيروس فى الدم بصورة سريعة وبدون أضرار جانبية، وقد أجريت التجارب عليه فى الأردن وألمانيا..ماهى العلاقة بينهما وليه مابدأش باليمن ماتسألنيش؟ ، وقال فى نهاية تصريحه أنه من الممكن تناوله طوال الحياة!، طبعاً ضامن إن كل المرضى حيتكلوا وماحدش حيلحق يخاسبه!، أعتقد أن اليمن ستقوم بإنشاء زندانى كوليدج لعلاج مرضى الإيدز، وسيتهافت مرضى الإيدز فى العالم للعلاج عند الحاج عبد المجيد الزندانى وشركاه، إرحمونا ياعالم رضينا منكم بالفتاوى ووافقنا، لكن تدخلوا مجال الطب وتفعصوا فينا بالعلاج والأدوية، والله ده أكبر حرام!.

من يحمى كتاب الإنترنت من أنياب الأمن!
المطارد فى الصحافة والمحبوس بين أسوارها لا ملجأ إليه إلا فضاء الإنترنت، يفعلها الكثيرون الآن من الكتاب والصحفيين المهمشين فى صحفهم والباحثين عن سقف حرية أعلى، ولكن هيهات فالأمن المصرى له رأى آخر، فأنت لو فى السماء السابعة أو فى بطن الأم حيجيبوك حيجيبوك!، ولو تحولت إلى مجرد إيميل أو حتى دوت كوم فأنت مجرم ياولدى، وقد كنت أظن ان شهدى نجيب سرور كان آخر المسجونين بتهمة الكتابة على الإنترنت بسبب نشره لقصيدة أبيه الهجائية الشهيرة على موقعه فى الشبكة العنكبوتية، ولأنه لم يكن يعرف أن شبكة الأمن الديناصورية ترصده فقد تصرف بماتمليه عليه قواعد العولمة والتى هى بالمناسبة تحترمها السلطة ولكن فى مجال المعونات والعمولات فقط، تصرف ونشر ولكن كان الثمن غالياً فى أقبية أحد الزنازين، ولم يكن شهدى الأخير فقد لحق به كاتب شاب آخر إسكندرانى جدع فى العشرين يدعى عبد الكريم نبيل سليمان طالب فى كلية الشريعة والقانون بالأزهر، كتب معارضاً لتغلغل الوهابية فى جامعته فتم القبض عليه بعد طبع كل مقالاته من على الإنترنت وفحصها بعيون أمنية، وإنتقل الكاتب الإنترنتى إلى سجن طرة، وظل فيه لفترة يسمونها فى الأمن قرصة ودن وتربية، والسؤال الذى يجب طرحه، من يحمى كتاب الإنترنت الذين لاينتمون لنقابة ولاتحميهم مؤسسة؟، هل يظل كل منهم عارى الصدر والظهر فى مواجهة زوار الفجر والعصر والمغرب؟، إن كلاً منهم ترك الورق المطبوع والمؤسسات الصحفية والدنيا كلها وذهب إلى حيث الكمبيوتر وفضاء الإنترنت الفسيح، ذهب إلى من يتحاور معه هرباً من مجتمع لايتحاور ووطن بلا أسلاك إتصال، وطن يمتلئ ب "الميسد كولز " والرسائل الفيروسية الغامضة ورجال الأعمال الهاكرز القراصنة، إن كل جريمته أنه خلق وطناً بديلاً فإستكثر الأمن عليه ذلك وقبض عليه، الحل هو أن ينتحر أو ينتخب الحزب الوطنى!.
[email protected]