الإهداء: إلى روح أبي نواس، فقيد الشّعر العربي الأكبر
تَنادَى النَّاسُ فِي عَجَبِ عَلَى مَا ذَاعَ مِنْ كـَـرَبـِـي
فَكَـيْــفَ أَبـُـوحُ للدُّنـْـيـَــا بـِبَلـْـــوَى أُمَّـــةِ الـعَـــرَبِ
أُنَـاسٌ حَيْــثُـمـا حـَـلــُّــوا أَظَلُّوا الصِّدْقَ بِالكـَذِبِ
وَخَلُّوا الجَهْلَ يَرْكَبُهُمْ وَشَدُّوا الجَهْلَ فِي الـقَـتَـبِ
يـُبَــاهـُـــونَ الأَنــَــامَ بِـــهِ كَـعِلْـمٍ خُـطَّ فِي الكـُـتُـــبِ
إذَا الحَاسـُـوبُ جَاءَهُمُـو غَـدَا فِيهِـمْ كَمُحْـتَسِـبِ
فَلا يَدْرُونَ كـَيْفَ نَمَـتْ خَلايَا العَقْلِ فِي التَّعَـبِ
وَفِى البَحْثِ الَّذِي ظَنُّواطِلابَ الـمـَاءِ وَالْعُشُـبِ
لأنَّ الطــَّبْــعَ يَغْـلِبُـهـُــمْ كَذَا جُبِلـُـوا عَلَى الـجَـرَبِ
فـَلا القَـطْــرَانُ يَنْفَعُـهُـمْ وَلا الإسـْــرَافُ فِـي الأَدَبِ
فَمَـنْ شَــبَّـتْ نَطَـائِـفُــهُ عَلـَى الصَّحْـــرَاءِ وَالـيـَـبَـبِ
يَظـُـنُّ الآلَ مُـنـْـقِـــذَهُ مِنَ الـتَّـهْــوَامِ فِـي الشِّــعـَــبِ
يَظَلُّ الـدَّهـْـرَ مـُـرْتـَحِلاً وَرَاءَ الـوَهـْـمِ فِـي الشُّـــهـُبِ
يَطـُوفُ القـَفـْـرَ مـُبْتَهِلاً كـَـبُــومٍ صَـاحَ فـِـي الـخَـرَبِ
إذَا مَـا الـعـُــودُ جَــادَ لــَهُ بِـصـَـــوْتٍ حَـالِـــمٍ وَصِــبِ
وَنَـاحَ النـّـايُ مِـنْ أَلـَـمٍ وَلاحَ الـبَـدْرُ فِي السُّــحُــبِ
تَـرَاهُ هَـبَّ مـُنْـذَعِــــرًا يَجُــوبُ الأَرْضَ فِي صَخَــبِ
وَإنْ فَـاضَـتْ قَـرِيحَــتـُــهُ فَـيَـا لِلـْـقُـــرْحِ وَالغَـضَـــبِ
وَمُوسِــيقَـاهُ إنْ وُصِـفَتْ حَوَتْــهَا رَقْصَــةُ الدِّبــَــبِ
إذَا مَـا الحُـزْنُ حَــلَّ بِـــهِ يُحِيــلُ الحُـزْنَ كَالطـَّـــرَبِ
وَإنْ فـَــرِحَ الأَنـَـــامُ تَــرَى لــَـهُ وَجْــهــًا كَمُغــْتـَــرِبِ
إذَا تَـيْـسًـا رَأَى عَــرَضـًا أَتـَى مَـعْ دَلــْـوِ مُحْـتـَلِـــبِ
فَمِـنْ أَيِّ الجُدُودِ أَتـَــتْ سـُلالـَـتُـهُ إلَـى الشُّـعـُـبِ
ســُـــؤَالٌ مـَـا يـُفـَــارِقـُـنِــــي مَــعَ الأَيــَّـــامِ بــَـرَّحَ بــِي
طَرَقْتُ غَيَاهِبًا كَشَفَتْ لِيَ الـْمَخْفِيَّ فِى حُجُــبِ
وَجُبْـتُ اللـَّيْـلَ أَسْــأَلــُهُ عَنِ المَكـْنـُونِ فِي العَصَـبِ
طَلَبْتُ الـعَقْـلَ يُسْعِفَنِـي عَلــَـى مـَا بَـانَ مِنْ أَرَبــِـي
عَيِيــتُ وَهَدَّنـِـي تَـعـَبِـي وَلَمْ أَعْـثُــرْ عَلـَـى سَـبَــبِ
سِـوَى مَا كَانَ مِنْ قِيَمٍ نَمَتْ كَالدُّودِ فِى الـخَشَبِ
رَأَيـْـتُ الـخَـلْقَ أَبْعَـدُهـُمْ عَـنِ التَّـنْـــوِيـرِ قـَـــوْمُ أَبـِـي
فـَعُـدْتُ مُحَمَّـــلاً حـُـلـُـمًا هُوَ التـِّـرْيــَـاقُ لِلـنُّـجـُــبِ
سَــأَلـْتُ الـرَّبَّ مَغـْفِــــرَةً شـَــفَانِـي اللّــهُ مِنْ نَسـَـبِـي
آب 2005
ملاحظة: سأتغيّب عن القرّاء لأسبوعين أو ثلاثة، لأنّي مسافر تلبية لدعوة للمشاركة في مهرجان عالمي للشّعر. ولأنّي لم أشأ أن يبقى قرّاء إيلاف بلا زادٍ روحيّ خلال هذه الغيبة، وجدتُ من المناسب أن أترك لهم هذه القصيدة، ربّما يحفظونها عن ظهر قلب، ففيها ما يُخفّف عنهم تباريح الوحدة. وذلك حتّى أعود إلى الوطن بعون العقل على الطّائرة الميمونة مُحَمّلاً من كلّ ما لذّ وطاب وأسالَ فِي ليل القفار اللّعاب.
التعليقات