-1-
لا أريد أن أجعل من اعتقال المعارض والكاتب السوري ميشيل كيلو ورفاقه من معتقلي الرأي في سورية ومن الموقعين على اعلان بيروت دمشق مناحة من المناحات التي تقيمها المنظمات العربية . كما لا أريد أن أذكر بأن الدول الوحيدة التي تحتج على اعتقال المعارضين وأصحاب الرأي في العالم العربي هي الدول الغربية، وهي المنظمات الغربية كمنظمات حقوق الإنسان وغيرها. بل إن هذه الدول لا تكتفي بالاحتجاج فقط، ولكنها تتعداه الى مجازاة الدول العربية التي ترتكب مثل هذه الجرائم مجازاة صارمة، في بعض الأحيان.
أما العرب، وأما معشر المثقفين العرب، وأما المنظمات العربية من نقابات مهنية، وخاصة نقابات المحامين العرب، واتحادات الكتاب العرب، واتحادات الناشرين العرب، واتحادات العمال العرب، واتحاد الفنانيين العرب، وكافة اتحادات الصحافيين العرب، وكافة الاتحادات العربية المباركة وغير المباركة، فلا تهتم بالأمر، ولا تتخذ مواقف صارمة ومحددة من هذا الأمر، وكان الأمر لا يعنيها، وهي تعلم أن السكين التي شجّت رؤوس المعارضين في سوريا وسلخت جلودهم هي السكين نفسها التي ستسلخ جلودهم غداً.
فلماذ يسكت كل هؤلاء عن كل ما يجري في سوريا ومصر والسودان وبعض دول الخليج، وغيرها من الدول العربية؟
ولماذا يكتفون فقط بالاستنكار الخجول والمتردد، لكل ما يحدث؟
لماذ لا ينشيء المثقفون العرب الأحرار، اتحاداً تحت عنوان: (اتحـاد نصـرة سجناء الرأي العربي) تكون مهماته التالية:
1-ملاحقة قضايا سجناء الرأي العربي، وتعيين محامين متبرعين بالدفاع عنهم مجاناً.
2-التشهير بالدولة التي تعتقل وتسجن سجناء الرأي العربي بدون محاكمات عادلة.
3- اصدار بيانات استنكار واحتجاج قوية وصارخة على هذه الاعتقالات وجمع التواقيع عليها وارسال نسخ من هذه البيانات الى الهيئات والصحافة الدولية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومجلس الأمن وغيرها من المنظمات العالمية للضغط على الدول التي تعتقل سجناء الرأي لفك أسرهم أو محاكمتهم محاكمة عادلة.
4-امتناع كافة الاتحادات العربية عن عقد مؤتمراتها أو زيارة اعضائها للدول التي التي تعتقل أصحاب الرأي.
5-امتناع الناشرين العرب عن الاشتراك في معارض الكتاب التي تقام في الدول التي التي تعتقل اصحاب الرأي العربي.
6-امتناع الكتاب العرب عن الكتابة في صحف الدول التي تعتقل أصحاب الرأي وعدم الظهور في فضائياتها كذلك.
7-اصدار كتيب سنوي عن (اتحاد نصرة سجناء الرأي العربي) يبين النشاط الثقافي والسياسي والسياسي لهؤلاء السجناء، وما هي مطالبهم والخطابات التي أدت الى سجنهم.
8- السماح لوفد من أعضاء(اتحاد نصرة سجناء الرأي العربي) بزيارة سجناء الرأي والاستماع اليهم.

-2-
إن خيانة المثقفين العرب الواضحة والصريحة تكمن في هذا السكوت على جرائم سجن أصحاب الرأي في العالم العربي. فلو كان كان هناك ضمير حي لدى المثقفين العرب للدفاع عن زملائهم من سجناء الرأي العربي في العالم العربي لما تجرأت الأنظمة العربية على الاستفراد بهؤلاء وسجنهم بين حين وآخر وتعذيبهم بل وقتلهم في بعض الأحيان.
إن المثقفين العرب مستضعفون ضعف النعاج، ومستهانون استهانة الدجاج، أمام الأنظمة العربية الشرسة، وهم يرون زملاء لهم يُحرمون من التعبير عن رأيهم . بل إن الإعلام العربي والفضائيات العربية التي تصدّع رؤوسنا ليل نهار بشعارات quot;الرأي والرأي الآخرquot;، لا تحرك ساكناً تجاه هذه الحوادث في حين أنها تقيم الدنيا ولا تقعدها فيما إذا لو تمَّ اعتقال مصور لها أو مراسل صحافي متهم بالتعاون مع الحركات الارهابية.
فهل نرى قريباً خروج (اتحاد نصرة سجناء الرأي العربي) لكل يثبت المثقفون العرب لأنفسهم أولاً ولضمير العالم بأنهم مثقفون جديرون بالاحترام والتقدير.

-3-
إن ميشيل كيلو ورفاقه من الموقعين على بيان دمشق- بيروت، وكذلك أيمن نور ورفاقه من سجناء الرأي في مصر لن يكون مصيرهم مصير فرج الله الحلو وشهدي عطية وسيد قطب وغيرهم من سجناء الرأي الذي لا حقوا حتفهم في سجون الديكتاتورية العربية لو كان وراء هؤلاء لجان واتحادات ثقافية تستنصر لهم وتنصر قضيتهم وتنقلها الى الضمير العالمي الذي كثيراً ما يستجيب لمثل هذه القضايا الحساسة.
فهل يعود الوعي الى المثقفين العرب؟
وهل تعود الروح الى المثقفين العرب؟