رئيس تحرير سعودي سابق يبوح بأسراره لـquot;إيلافquot;(2-3)


حاوره عبدالله المغلوث: أمام سلطان البازعي، كنت أبحث عن قطع خبز صغيرة مصنوعة في البيت لأمضغها مع الذكريات التي يذرفها، والسيجارة التي يدخنها واستنشقها...
ينهبك الجوع في معيته، فهو يمتص طاقتك إثر سلوك أطرافه، فتارة يفركquot;مسبحتهquot; بأصابعه وتارة أخرى يمسك سيجارته بخشونة كأنه يعاقبها على جرم اقترفته. يكشف البازعي في الجزء الثاني من الحوار سبب استقالته من quot;الرياضquot; للمرة الثانية، ويستدعي تفاصيل تجربته المريرة في جريدةquot;اليومquot;السعودية:

استقبال جاف
عاش سلطان 3 سنوات في فرنسا، يصفها:quot;كانت محاولة لم تنجح كثيراً لتعلم اللغة الفرنسيةquot;.
يردف:quot;من يدرس اللغة في مدينة عالمية كباريس قادر على العيش دون أن يتعلم اللغة الفرنسية، وكانت محاولاتي أقل من طموحيquot;.عاد البازعي إلى جريدة quot;الرياضquot; في ريف 1988، مديرا للتحرير، لم يشعر بغربةquot;كان هناك تواصل انساني بيني والزملاء طوال إقامتي في باريس مما جعلني أشعر أنني لم أذهب بعيداًquot;. في عام 1991 خاض البازعي تجرية ثرية يرويها لـ quot;إيلافquot;:غطيتُ حرب تحرير الكويت لمصلحة الجريدة، حيث قضيت 45 يوماً مع المارينز-البحرية الأميركية- تخللتها الحرب البرية، ودخول الكويت، أنجزت من خلالها بعض التقارير الصحافية رغم صعوبة الاتصالات والشروط التي عملت وفقهاquot;. فُرضت على سلطان شروطا عدة قبل مرافقته للمارينز كإرسال مواده الصحافية إلى المركز الرئيس للمارينز في الظهران الذي قد يبعثها إلى صحف أخرى بالإضافة إلى جريدة quot;الرياضquot;. يقول البازعي:quot;عدم موافقة القوات السعودية المسلحة على ذهابي معها دفعني إلى الرضوخ لشروط المارينز بعد حصولي على إذن وموافقة جريدة الرياضquot;. التحق البازعي بقاعدة التموين التابعة للمارينز خلف الخطوط الأمامية مباشرة، وكانت تتاح للقاعدة التقدم أحيانا مما مكنه من قراءة المعارك و وصفها عن كثب في عدد من التقارير التي كتبها. لكن سرعان ما تلاشت سعادته عند عودته إلى الرياض، عندما استقبلته الجريدة والعاصمة الرياض بسوء فهم، حيث وصف رئيس التحرير تقاريره الميدانية بـ quot;المتشابهةquot; مع مابثته وكالات الأنباء وأنه لم يأت بجديد. ورد البازعي حينها على السديري قائلا:quot;الحدث واحد، لكن الصياغة والزاوية مختلفةًquot;
لكن الخلاف ظل قائماً على مستوى التغطية مما أفضى إلى استقالة البازعي منquot;الرياضquot;للمرة الثانية. يعترف:quot;ربما بالغت في ردة فعلي، لكن كنت مشحوناquot;.
يؤمن البازعي انه quot;محظوظquot; لارتباطه بوظيفة حكومية وعمله كمعار في الجريدة مما منحه quot;فرصة للمناورة والدفاع ببسالةquot; خلاف زملائه.
عاد إلى وظيفته الحكومية في وزارة التعليم العالي، سكرتيرا للعلاقات الثقافية الخارجيةquot;مارست دوراً جيداً ومهماً يتعلق بتنمية العلاقات مع الجامعات الأجنبية وإرسال وفود سعودية لحضور مؤتمرات ومنتديات عالمية واستضافة وفود أجنبية أيضاًquot;.
رغم انصراف البازعي عن العمل في الصحافة في تلك الفترة إلا انه كان منغمسا في همومها من خلال عضويته في مجس ادارة جريدة quot;الرياضquot; لدورتين متتاليتين:quot;بدعم وترشيح تركي السديري الذي كان وراء دخولي وزملائي كمساهمين في مؤسسة اليمامة الصحافية -تُصدر عنها جريدة الرياض ومجلة اليمامة وسابقا رياض ديلي الناطقة باللغة الإنكليزية-quot;.
دخول سلطان وعدد من قيادات جريدة quot;الرياضquot; الصحافية في عضوية مؤسسة اليمامة ومن ثم مجلس الإدارة ساهم في تطوير جهاز التحرير، يوضح البازعي:quot;زادت قوة التحرير منذ دخولنا لأول مرة كمجموعة صحافيين في عضوية المؤسسة، حصلنا على أصوات الأغلبية في الجمعية العمومية، فالأصوات التي كانت ضد التحرير تراجعت قوتها، لأنها فقدت القوة على التأثيرquot;.
و استفاد البازعي ورفاقة من نظام المؤسسات الصحافية الذي يمنح العضو صوت واحد بغض النظر عن عدد الأسهم التي يمتلكها مما زاد من فعاليتهم. وتزامن نفوذ الصحافيين المساهمين مع طفرة إعلانية غير مسبوقة شهدتها جريدة الرياضquot;أسعدت الفريق الآخر، ودفعتنا لاستثمار الأرباح الفائقة في تشييد مبنى حديث ومطابع عصريةquot;.

البازعي الثاني من اليسار جالسا أثناء رحلة مع رفاق الجامعة إلى quot;شعيب صلبوخquot; القريب من الرياض

السادسة مساءً
ورغم ارتباط البازعي بالعمل في وزارة التعليم العالي وعضوية مجلس إدارة اليمامة الصحافية إلا انه ظل حاضراً في ذهن رئيس مجلس إدارة ومديرعام دار اليوم للصحافة و والطباعة والنشر ، الشيخ حمد المبارك الذي عرض عليه رئاسة تحرير جريدة quot;اليومquot; عام 1993، عبر اتصال هاتفي، يتذكره البازعي:quot;كان مباشراً، دعاني لمقابلته، فأخبرته أنني سأجيء إلى الدمام في مهمة عمل، ويسعدني لقاؤك حينهاquot;.
بالفعل، التقى سلطان رئيس مجلس إدارة دار اليوم في الدمام بعد فترة وجيزة من الاتصال:quot;آثر أن يزورني في الفندق الذي أقيم فيه رغم مكانته الاجتماعية، كان منفتحا وشفافا للغاية، لم يدعني أختلف معه في شيء، فخرجنا متفقينquot;.
كان يعلم أن مهمته ليست سهلة في قيادة quot;اليومquot;، يقولquot;كنت مدركا بوجود حالة تنافر وسيطرة من الإدارة على التحرير، وكان من شروطي الحصول على صلاحيات كاملة واتفقتُ والمبارك أن يكون هو مرجعي كونه هو رئيس مجلس الإدارة والمدير العامquot;.
يروي تفاصيل الزيارة الأولى لجريدة quot;اليومquot; بعد موافقته على عرض رئيس مجلس إدارتها:quot;اتصلت مبكراً على الجريدة، أجابني مدير التحرير، محمد الصويغ بتهذيب بالغ، أخبرته أنني سأزور الجريدة بعد صلاة المغرب، فأبدى ترحيبهquot;.
وصل البازعي عند حوالي الساعة السادسة مساء لمقر الجريدة الواقع في حي البادية- عمارة مستأجرة من 3 أدوار، تعلوها لافتة سوداء داكنة كتب عليها اسم الجريدة بخط ذهبي- فوجد الصويغ وحده في استقباله، وعندما سأل عن بقية العاملين في الجريدة أجابه مدير تحرير quot;اليومquot; وفق البازعي:quot;انتهى العمل في الطبعة الأولى مبكراً، والطبعة الثانية يأتي زميل ليرى إذا كان هناك ما يستدعي التغيير ثم يذهبquot;.

وضع مزري
تفاقمت انطباعات البازعي السلبية تجاه الجريدة عندما باشر عمله quot;كنت أعلم أن لدى اليوم الكثير من المشاكل، لكن عندما باشرت العمل فوجئت بالوضع المزري في الإمكانات البشرية والفنية والماديةquot;. يستطردquot;كانت الأجهزة التي تعمل عليها الجريدة قد دخلت المتاحف، سواء أجهزة تصوير الصفحات، أو المونتاج، أو الصف الإلكترونيquot;.بينما يصف وضع التحرير عندما شاهده عن كثبquot;ضعيف لا يعطى المحرر حقوقه الماليةquot;. أما بيئة العمل فيراهاquot;تعيسةquot;. واستشهد بآلية تصحيح المواد لغوياquot;تتم في الإدارة وأصول المواد تحفظ في الإدارة والجهاز الفني بكامله يتبع للإدارة، لم يكن للتحرير سلطة عليهquot;. وصف البازعي زيارته الأولى لـ quot;اليومquot; بـquot;الصاعقةquot; التي جعلته يدخل في quot;حالة صراع مرير لتغيير هذه الأوضاعquot;. ودخل سلطان في صراع مبكر مع مدير عام الإدارة، مساعد الخريصي، حيث اعتبر صيغة مسماه الوظيفيquot;غريبةquot; كون الشيخ حمد المبارك هو مدير عام quot;دار اليومquot; حسب ما ينص عليه نظام المؤسسات الصحافية لكن الخريصي هو من كان يمارس العمل اليومي.
يبوح البازعيquot; شهادة حق دخلت في خصومة معه لكن من الناحية الإنسانية كان كريما جداًquot;.
وعن مدى صحة إيقاف الخريصي الإعلانات التجارية في عهد البازعي لإسقاطه أمام مجلس الإدارة؟ يرد:quot;سمعت هذه القصة بعد خروجي، لا استطيع تأكيدها أو نفيها، لكن سمعت أنها من أسباب الخلاف بين الشيخ حمد المبارك ومساعد الخريصي، لأن الإعلانات تدفقت فجأة على الجريدة بعد استقالتي بثلاثة أيام، ما لم يرق للشيخ المبارك، وبعد فترة قصيرة طُلب من الخريصي الاستقالةquot;.
وعن سبب استقالته شخصيا؟ يجيب:quot;الحقيقة كما أعرفها، أنني قررت المغادرة بناء على اتفاق مع الشيخ حمد ومجلس الإدارة حتى لا أصبح عقبة، لأني شعرت أن الصراع ربما يتطور بشكل أكبر ويصل إلى طريق مسدود وشعرت اني أديت مهمة رئيسة، بعد أن أعطيت جهاز التحرير قدره من الإهتمام والكرامة، ودافعت عن حقوقه إلى حد ما، وأحدثت انقلابا إيجابيا في طريقة أداء العمل و وضعت أساس المبنىquot;.
ودافع رئيس تحرير جريدة quot;اليومquot; السابق عن الشكاوي التي تلقاها رئيس مجلس ادارة quot;اليومquot; الراحل، الشيخ حمد المبارك ضد البازعي، بسبب تهميشه لمدراء تحرير فيما وضع ثقته بسكرتير التحرير، طارق إبراهيم فقط:quot;بأمانة منحت فرصة لجميع الزملاء الموجودين، لكن في نهاية الأمر من حصل على الفرصة هو من اجتهد وانسجم مع الرؤية الجديدة، والمهم إنني لم أتسبب في إقالة أحدquot;.
لكنه أزاح رئيس القسم الرياضي في الجريدة، مبارك الدوسري، يبرر البازعي:quot;كان صحافيا متعاونا وليس رسميا، وكان بيني وبينه اختلاف شديد على أسلوب صياغة المواد، طلبت منه غير مرة العمل بشكل مختلف، لكن لم تكن لديه رغبة مما حال دون استمرار تعاونهquot;.

يتبع

[email protected]

الجزء الأول:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/Interview/2006/3/136656.htm