علي ال غراش من الدمام: أثار مشاركون في اللقاء التحضيري للحوار الوطني الخامس الذي عقد في الأحساء، شرق السعودية، تحت عنوان "نحن والآخر: رؤية وطنية مشتركة للتعامل مع الثقافات العالمية "، واختتم اعماله مساء السبت الماضي، بمشاركة أكثر من 60 مشاركا ، قضية مثيرة للجدل من خلال طرح فكرة السماح ببناء دور العبادة للمقيمين غير المسلمين في السعودية وجلب عوائلهم لما في ذلك من تحقيق لمفاهيم الحرية الدينية والمساهمة في استقرار هولاء المقيمين نفسيا واجتماعيا. وتقدم بتلك الورقة الكاتب والمفكر محمد المحفوظ الذي تحدث لـ إيلاف حول الأسباب التي دفعته لطرح تلك الفكرة قائلا انه يعيش بيننا عدد كبير من العمالة الأجنبية التي تحمل عقيدة وثقافة وحضارة مختلفة عنا وعلينا أن نحترم هؤلاء الناس وصيانة حقوقهم وكرامتهم الإنسانية والدينية، مشيرا إلى ضرورة الاستفادة من ايجابيات الدول الأخرى وخاصة الغربية التي سمحت للآخر بممارسة عقيدته. واضاف ان الواجب يحتم علينا كمسلمين أن نحترم حق الطرف الآخر في بلادنا، معتبرا أن حصول العمالة الأجنبية غير المسلمة والمختلفة على حقوقها الدينية يساهم في الاستقرار النفسي والاجتماعي والعائلي لان جزء من الانحرافات والمشاكل في المجتمع السعودي ناشئة من عدم تمتع العمالة الوافدة بالاستقرار مما يشكل بالتالي خطرا اجتماعيا على البلد وقد ظهرت آثاره.
وتابع المحفوظ قائلا: نحن جلبنا العمالة الأجنبية ذات الديانات المختلفة للعمل لدينا وعلينا أن نؤمن لها حقها بممارسة حريتها الدينية التي تأتي من ضمن عقد الأمان، متساءلا عن المصلحة في حرمان هؤلاء الاشخاص من ممارسة طقوسهم, وهل الاستقرار الاجتماعي ممكن بدون أن يمارسوا حقهم الديني وهم يشاركوننا بالعيش معا.
وقد تفاعل عدد من الحضور مع الفكرة مؤكدين أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات ايجابية على الإسلام وعلى سمعة السعودية دوليا وستزيد من نجاح فكرة حوار الثقافات والحضارات.
وتحدثت الدكتورة ثريا العريض قائلة أن تغيير المنهج الداخلي لابد أن يمر من خلال الفقهاء بدءا بمن يفتون ومن ينفذون الفتاوى وعلينا أن نلغي من مناهجنا ما يشجع الموت لأن الإسلام دين حياة.
وكان جرى في اللقاء مناقشة ثلاثة محاور: شرعي, حضاري ثقافي, وسياسي اقتصادي. ففي المحور الشرعي تم مناقشة وبيان الأسس الشرعية للعلاقة مع الآخر والتعامل معه على تعدده وتنوعه باعتبار ان لكل فئة تعامل خاص، وأن الآخر لا يمكن أن يحصر في فكر أو توجه واحد أو ديانة واحدة. وتم في المحور الحضاري والثقافي بيان أثر الحوار الحضاري والثقافي بين الثقافات المتنوعة مع توضيح الأساليب والمنطلقات التي يبنى عليها الحوار الحضاري والثقافي بين الأمم. أما في المحور السياسي والاقتصادي فقد تمت مناقشة الإطار السياسي والمصالح المشتركة وأهمية التعاون على الخير في علاقتنا بالثقافات الأخرى وتوضيح أسس التعامل مع الكيانات والدول المعاصرة.
وكانت اغلب المداخلات تركز على أهمية الحوار مع الذات إذ لا يمكن تحديد الآخر إلا بتحديد الذات ولا وجود الذات إلا بوجود الآخر، والآخر آخران داخلي وحضاري, وان أهمية الحوار مع الأخر مهما كان مختلفا قبليا ومذهبيا وفكريا. وأكد المشاركون على أهمية إدخال مادة الحوار في المناهج التعليمية, والتركيز على ضرورة البعد الإنساني لدى الديانة الإسلامية واهمية ان يتضمن أخلاقيات ومبادئ الإسلام، اضافة الى تأهيل الدعاة مهنيا وعلميا وتعزيز فن التعامل والتعاطي مع الطرف الآخر المختلف وخاصة من المجتمعات غير الإسلامية والعربية.
وأشار المشاركون في اللقاء إلى وجود مساحة واسعة فاصلة تفصل المسلمين عن فهم الإسلام الحقيقي وثوابته ومفاهيمه ولابد من انفتاح الإسلام على الآخرين، كما أشاروا كذلك إلى وجود مشكلة تكمن في مواجهة الغرب فكريا وحضاريا فالغرب يواجه المسلمين بحاضره والمسلمون يواجهونه بماضيهم.
يذكر أن فكرة الحوار الوطني بدأت من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويأتي هذه اللقاء التحضيري في اطار الرغبة بالتعرف على المزيد من الآراء في جميع مناطق المملكة لترسيخ الوحدة الوطنية وتأصيل المواطنة الصالحة والعلاقة الإيجابية مع الآخر والتواصل معه. وتعقد اللقاءات بإشراف وتنظيم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
التعليقات