وقال بوش "اليوم ظهر تقرير جدي يتطلب من العالم ان يتمعن فيه ويرد عليه بناء على ذلك" مشيرا الى انه طلب من وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان تدعو الى عقد جلسة خاصة للامم المتحدة.
والتقرير الذي سلم الخميس الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان والبعثات الدبلوماسية في الامم المتحدة بعد تحقيق استمر اربعة اشهر جاء فيه ان "ثمة ادلة متطابقة تظهر تورطا لبنانيا وسوريا معا في هذا العمل الارهابي".
والنسخة التي تسلمتها البعثات بالبريد الالكتروني وقام بعضها بنقلها الى الصحافيين تتضمن اسماء مقربين من الرئيس السوري بشار الاسد اثيرت حولهم شبهات في افادة شاهد استمعت اليه لجنة التحقيق.
ونقل التقرير عن هذا الشاهد انه "بعد نحو اسبوعين من تبني مجلس الامن الدولي القرار 1559 قرر ماهر الاسد (شقيق الرئيس السوري بشار الاسد) وآصف شوكت (صهر الرئيس السوري رئيس شعبة المخابرات العسكرية السورية) وحسن خليل وبهجت سليمان وجميل السيد وهم مسؤولون لبنانيون وسوريون كبار، اغتيال رفيق الحريري".
وحذفت الاسماء التي ذكرها هذا الشاهد من النسخة "الرسمية" للتقرير الصادرة عن الجهاز الاعلامي للامم المتحدة.
وقال ميليس انه قرر حذف اسماء بعض المسؤولين السوريين الذين يشتبه بتورطهم من التقرير النهائي "على افتراض البراءة" ومن اجل عدم اعطاء الانطباع بان هذه الادعاءات هي "وقائع ثابتة".
وعبر ميليس خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر الامم المتحدة في نيويورك، عن اسفه لوجود "عدة نسخ" عن تقريره ولتوزيع نسخة "اولية" تتضمن الاسماء قبل حذفها على الصحافيين.
وقال ميليس وقد بدا عليه الاحراج ان "النسخة النهائية والوحيدة كان ينبغي ان تكون تلك التي سلمت الى الامين العام (للامم المتحدة كوفي انان) وبعثات دول مجلس الامن وتلك التي نقلت اليكم على الورق".
ولا تتضمن النسخة "على الورق" للتقرير اسماء خلافا للنسخة التي وزعتها بعض البعثات عبر الانترنت على بعض الصحافيين.
وتابع ميليس "اريد ان اوضح ان اي اختلاف بين النسخ الاولية والنهائية للنص ناتجة عن عملية الصياغة التي اجراها فريقي بادارتي وهو بالتالي من مسؤوليتي". واوضح الجهاز الاعلامي في الامم المتحدة ان "خطأ معلوماتيا" ادى الى ارسال نسخ مختلفة عن التقرير الى البعثات الدبلوماسية.
وامام اصرار الصحافيين اكد ميليس ان حذف المقاطع المعنية لا يمت بصلة الى الرقابة. واضاف مشددا "لم يمارس اي كان خارج فريق اللجنة تاثيرا على هذه التعديلات ولم يطلب الامين العام او اي كان في الامم المتحدة اي تعديل (..) لست من النوع الذي يرضخ للضغوط".
وبعيد ذلك اعلن ستيفان دوجاريك الناطق باسم انان ان الامين العام للامم المتحدة لم يمارس اي ضغط على ميليس للتاثير على مضمون التقرير. وقال "منذ البداية، هذه اللجنة مستقلة". واضاف امام الصحافيين "انه تقرير ميليس وميليس وحده" وعزا هذا الجدل الى "خطأ من امانة السر" وليس "لمؤامرة".
واعلن السفير الاميركي الى الامم المتحدة جون بولتون انه "لا يفهم" لماذا هناك نسختين من التقرير مشيرا في الوقت نفسه الى ان هذه المسالة يجب الا تحجب الواقع الرئيسي وهو تورط سوريا في اغتيال رفيق الحريري. واضاف ان ذلك يتطلب "تحركا صارما" من مجلس الامن الدولي الذي اعلن عن محادثات رسمية حول لبنان اعتبارا من الثلاثاء.
وبعد ان اشار الى انه اجرى اتصالات مع سفراء دول اخرى من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن (الصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) لبحث "المراحل المقبلة"، قال انه يجري التفكير في "سلسلة خيارات".
مقداد: تورط اقرباء للاسد "كذبة كبيرة"
بدوره وصف المندوب السوري لدى الامم المتحدة فيصل مقداد اتهام شاهد استجوبته لجنة التحقيق الدولية، اقرباء للرئيس السوري بشار الاسد في جريمة اغتيال رفيق الحريري بانها "كذبة كبيرة". وصرح مقداد للصحافيين "اعتقد انها كذبة كبيرة".
واضاف ان "احدا لم يتورط في مثل هذا الامر ومن المؤسف ان يجلس البعض ويحلم لكتابة تقارير. هذا امر غير مقبول بتاتا ولدينا الادلة بان هؤلاء الاشخاص غير متورطين اطلاقا في هذه العملية".
وجاء في نسخة سرية الكترونية للتقرير سربت الى الصحافيين ان شاهدا سوريا لم يكشف اسمه قال ان ماهر الاسد شقيق الرئيس السوري وآصف شوكت صهر الرئيس السوري مسؤولان عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
وانتقد مقداد التقرير الذي سلمه القاضي الالماني ديتليف ميليس الخميس الى الامم المتحدة ووصفه بانه "مسيس".
واضاف ان "قسما كبيرا من التقرير يقدم عناصر غير مرتبطة بالوقائع لكنها تقوم على تحليل سياسي. نجد انه مسيس الى حد كبير ويتضمن القليل من الخطوات الحسية".
واوضح ان "التقرير يستند الى اتهامات وردت في افادات شهود واتساءل لماذا لم يفتح تحقيق في هذه الاتهامات (...) وردت في التقرير الكثير من النقاشات التي جرت بعيد الاغتيال. واتساءل +ماذا فعل هؤلاء الاشخاص طوال اربعة اشهر؟+".
وردا على انتقادات وردت في التقرير ضد سوريا اكد ان بلاده تعاونت دائما مع التحقيق. وتابع "سوريا تعاونت تعاونا تاما مع ميليس. ولم يكن لدينا اي انطباع باننا كنا على خلاف في هذه العملية، لقد سمحنا لميليس بان يستجوب بحرية الاشخاص الذين طلب الاستماع اليهم ولم نقم في اي وقت من الاوقات بتضليل ميليس او فريقه".
واوضح "اريد ان اؤكد لكم كما فعل رئيسي مرارا ان سوريا تعهدت بالتعاون". واكد ان دمشق تعاونت مع التحقيق وتنوي الاستمرار في التعاون.
من هو ديتليف ميليس
المدعي الالماني ديتليف ميليس الذي سلم الامم المتحدة تقريرا حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري يثير شبهات حول دمشق، اظهر مثابرة شديدة في ملفات ارهاب شائكة انهاها بنجاح.
ويقول زميل لديتليف ميليس الذي يطلق عليه العديد من اللبنانيين لقب "الثعلب الالماني" انه "لا يتراجع ابدا حين يتلمس امرا ما".
وكتبت صحيفة "دي فيلت" الالمانية المحافظة "اذا كان هناك شخص لديه فرص توضيح ملابسات مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق فهو ميليس بفضل معرفته المعمقة بالتشابك بين السياسة واجهزة الاستخبارات ومجموعات ارهابية في الشرق الاوسط".
وحين اتصل به مكتب الامين العام للامم المتحدة كوفي انان لتكليفه بملف الحريري كان لهذا الخبير القانوني البالغ من العمر 56 عاما خبرة بملفات كبرى وسبق ان تعاطى بملف يتعلق باجهزة الاستخبارات السورية.
ففي اطار التحقيق في الاعتداء على مقر البعثة الفرنسية في برلين الغربية في 1983 الذي اوقع قتيلا و23 جريحا، اقتفى ميليس اثر الفنزويلي ايليتش راميريز سانشيز المعروف باسم كارلوس الذي كان موجودا انذاك في دمشق.
من جهة اخرى فان ديتليف ميليس كشف ملابسات ملف "لابيل" المرقص الذي وقع فيه اعتداء ضد الاميركيين اوقع ثلاثة قتلى واكثر من مئتي جريح في 1986. ونسب الاعتداء جزئيا الى اجهزة الاستخبارات الليبية. ويقول المسؤول عنه المدعي العام في برلين دييتر نومان "لولا مثابرته ما كانت قضية +لابيل+ ستكشف".
واليوم يترأس هذا الرجل فريقا يضم مئة شخص في تحقيقه في اغتيال رفيق الحريري ويرافقه حوالى اربعين حارسا شخصيا. وقال لمجلة "شتيرن" الالمانية هذا الاسبوع "لا اريد ان اقارن بهانس بليكس". لكنه اضاف "الان اصبحت افهم ما شعر به" وذلك بخصوص تقريره الذي يلاقي اهتماما كبيرا في واشنطن مثلما كان الحال بالنسبة لتقرير الرئيس السابق لمفتشي الامم المتحدة عن اسلحة الدمار الشامل في العراق.
التعليقات