باريس: لزمت فرنسا التحفظ بعد صدور تقرير قاضي التحقيق الالماني ديتليف ميليس الذي اشار الى ضلوع سورية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، مؤكدة في الوقت نفسه انها تعمل بشكل ناشط في الامم المتحدة لتحديد الخطوات اللاحقة لهذا التقرير.
وتوخت فرنسا ضبط النفس في رد فعلها الاولي بالمقارنة مع رد فعل الولايات المتحدة حيث دعا الرئيس جورج بوش الى اجتماع عاجل لمجلس الامن الدولي، كما كان الموقف الفرنسي متباينا مع المساعي الحثيثة التي تبذلها فرنسا منذ اكثر من سنة بشأن هذا الملف.
واكتفت وزارة الخارجية الفرنسية اليوم السبت بالاستشهاد بالتصريحات التي ادلى بها الجمعة الناطق باسمها جان باتيست ماتاي وهو المسؤول الفرنسي الوحيد الذي ابدى موقفا بهذا الموضوع بدون ان يرد على طلب بوش.وقال ماتاي الجمعة بعد نشر تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري "من الاكيد انه يتحتم على سورية ان تتعاون" لالقاء الضوء كاملا على هذه "الجريمة". واعتبر انها "جريمة ذات دوافع سياسية ما كان من الممكن تنفيذها بدون مشاركة هيئات رسمية وشبه رسمية".
وافادت الخارجية الفرنسية انها تعمل بشكل ناشط على هذا الملف في الامم المتحدة مع لزوم مزيد من التكتم بشأن كيفيات هذه الجهود وما يمكن ان تؤدي اليه.وقال ماتاي ان باريس تريد "النظر في كل نتائج هذا التحقيق" مضيفا "سنواصل مشاوراتنا مع شركائنا في مجلس الامن الدولي بشأن الخطوات التي ينبغي ان تليه".
وسئل ماتاي عن امكانية ان تقترح فرنسا مشروع قرار ضد سورية في مجلس الامن فاكتفى بالقول ان البعثة الفرنسية في الامم المتحدة "تنظر في ما يمكن ان يشكل مشروع قرار".ولعبت فرنسا بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة دورا حاسما في اصدار مجلس الامن القرار 1559 الذي يطالب سورية بسحب قواتها من لبنان ثم القرار 1595 الذي نص على تشكيل لجنة التحقيق في اغتيال الحريري.
وحرك اغتيال الحريري الصديق الشخصي للرئيس الفرنسي جاك شيراك في 14 شباط(فبراير) الماضي تصميم فرنسا على ان يستعيد لبنان سيادته الكاملة.
وفي حين يشير البلدان باستمرار الى التعاون الوثيق بينهما في الملف السوري اللبناني كدليل على تجاوز الخلاف بينهما بشأن العراق، الا ان هذا الموقف المنسجم يخفي اولويات مختلفة بين باريس وواشنطن.فواشنطن تريد استخدام الضغوط على سورية بشأن لبنان لارغام دمشق على منع تسلل مقاتلين معادين للاميركيين الى العراق انطلاقا من حدودها.
كما يسعى الاميركيون الى الضغط على نظام بشار الاسد لحمله على مزيد من الليونة حيال عملية السلام الاسرائيلية الفلسطينية.
اما فرنسا، فلطالما اكدت اكتفاءها بالملف اللبناني عزما منها على تثبيت نفوذها وترسيخ علاقاتها التاريخية مع هذا البلد من خلال ضغوطها على سورية.وتسعى وزارة الخارجية الفرنسية منذ بضعة ايام للابتعاد عن معلومات اوردتها الصحافة الاميركية وتشير الى تقديم قرار او قرارين مشتركين فرنسيين اميركيين قريبا الى الامم المتحدة بشأن سورية، ساعية بشكل واضح الى ادراج تحركها في اطار اوسع.
وقال ماتاي ان فرنسا "تعتزم مواصلة تعاونها الوثيق مع الولايات المتحدة" حول الملف السوري اللبناني لكنها "ليست مسألة فرنسية اميركية حصرا (..) ولدينا شركاء اخرون".
التعليقات