ريما زهار من بيروت: عون وجعجع التقيا، نائب التيار الوطني الحر وقائد القوات اللبنانية اجتمعا معًا بعيدًا عن الاعتقال والنفي. كان اللقاء بروتوكوليًا اكثر مما هو سياسيًا، الامور لم تحسم بشكل نهائي بين القطبين المارونيين العلاقات المسيحية عمومًا مع قصر بعبدا والرئيس اميل لحود بقية عالقة كذلك العلاقات المسيحية و"حزب الله" من جهة ثانية.
وجهات النظر متباعدة بين الرجلين على خلفية اكثر من ملف، بدليل المواقف الصادرة عنهما لجهة عدم حسم الامر من ملف الرئاسة، حيث اعتبر عون ان الملف الرئاسي وموضوع استقالة الرئيس لحود ما زالا قيد الدرس والبحث في ما يقول جعجع ان التغيير يجب أن يطاول جميع المرافق.
المشكلة، كل المشكلة تكمن في الاسلوب. اما الاسلوب هنا فيبدأ بالتحالفات ويمر بالمشاركة او عدم المشاركة في السلطة التنفيذية وينتهي بمسألة رئاسة الجمهورية، الى طريقة التعاطي مع عدد من الامور المطروحة على الساحة السياسية.
الفارق في الاسلوب هو ان "القوات اللبنانية" اتخذت قرارها الاستمرار مع حلفاء 14 آذار(مارس)، حتّى ولو نكث هؤلاء الحلفاء بوعودهم بالنسبة الى قانون الانتخاب، لأن "القوات" تعتبر او تبيّن لها ربما بعد خبرات مرّت بها، ان وضع اليد في ايدي الشركاء الآخرين، وتحديدًا اولئك الذين ساروا في طريق "انتفاضة الاستقلال"، افضل من الابتعاد عنهم، حتى وان كانت هذه الشراكة، على الاقل في بدايتها، ليست بمستوى الشراكة الحقيقية، و"القوات" تفضل السير خطوات متتالية نحو النديّة، وتعوّل في ذلك على تطور الاوضاع وحسن التمثيل في انتخابات نيابية مقبلة تجرى وفق قانون عادل.
وانطلاقًا من هذه النظرية، قررت "القوات" المشاركة في الحكومة، ولو بوزير واحد، على اساس ان العمل من الداخل انجح من العمل من الخارج.
اما العماد عون فميّز نفسه عن حلفاء الامس، وفضّل الانفصال عن قوى 14 آذار(مارس)، معتبراً انها لا تختصر بيوم، بل بنضال طويل هو السبّاق اليه. وهكذا استقلت كتلته النيابية بما يسمح لها باتخاذ المواقف التي تراها مناسبة من الغالبية النيابية ومن الغالبية المقابلة. من دون أي التزام.
وعلى عكس "القوات"، اعتبر العماد عون ان الشراكة مع الغالبية النيابية، كما هي مطروحة اليوم، ليس شراكة بكل معنى الكلمة، والافضل له ولاستقلالية قراره الا يرتبط بأي تكتل. وهكذا ايضًا قرر العماد عدم دخول الحكومة عندما رأى ان وجوده فيها لن يسمح له بأن يشارك في القرار فعليًا. لذا اعتبر انّ العمل من الخارج انجح من العمل من الداخل.
ويبقى الاختلاف في الاسلوب في الموضوع الاهم الا وهو رئاسة الجمهورية فجعجع الذي اقترح اجتماعًا لم ينعقد في بكركي للتوافق على مرشح، يريد كما عون، رئيسًا قويًا ويتمتع بمواصفات استقلالية الرأي والحكمة. لكنه يعتب ان هذه المواصفات تنطبق على العماد عون، كما على سواه، ويرى ان الرئيس المقبل يجب ان يحظى بقبول من الطوائف الاخرى وان يمثل المسيحيين في الوقت عينه، اما العماد عون فيريد من جعجع ان يسانده كمرشح يتمتع باكبر تمثيل مسيحي، ما يعطيه الحق بتبوؤ المركز الاول خصوصا انه يحمل مشروعا اصلاحيا بنى عليه حملته الانتخابية.
وهكذا، وما بين المبادئ والاسلوب، يطرح السؤال: ايهما يجب ان يحظى بالاولوية عند الممارسة الواقعية يجب ان يحظى بالاولوية عند الممارسة الواقعية للسياسة اليومية: التباهي بمبادئ واحدة لا تلتقي عند التطبيق. ام المرونة في الاسلوب في سبيل المبادئ، واولها وحدة الصف المسيحي، التي ان تهددت قد تتهدد المبادئ ايضا؟
الجواب صعب، ومعقد. لكن المواقف التي يعبر عنها البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير في هذه الاونة توحي بالكثير. فهو رفض عقد اللقاء المقترح تحت عباءته للبحث في موضوع الرئاسة والمرشحين المحتملين، كما لم يشأ تغطية الكلام الذي ادلت به الوزيرة نايلة معوض في بكركي لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس رينيه معوض. ويقول زواره انه يشعر بخيبة كبيرة من الوضع المسيحي ومن عدم قدرة المسيحيين على التوافق، وكأنهم لم يتعلموا من تجارب الماضي الأليم.
التعليقات