اندريه مهاوج من باريس: بعد انقاذ قمة الاتحاد الاوروبي من الفشل يمكن لرئيس الحكومة البريطانية توني بلير الذي تنتهي رئاسته الدورية للاتحاد في نهاية هذه السنة ان يستخلص حصيلة ايجابية لرئاسته التي استمرت ستة اشهر استطاع خلالها ان يحقق تقدما ملحوظا في مسيرة توسيع الاتحاد ، احد اهدافه الاستراتيجية ، وتمكن بشكل خاص من اخراج الملف التركي من دائرة التجاذب واطلق مرحلة فتح المفاوضات مع انقرة استعدادا لضمها الى الاتحاد على رغم الجدل الواسع في اوروبا ومعارضة بعض الدول لضم تركيا . كذلك اختتم بلير رئاسة بلاده للاتحاد بمنح مقدونيا صفة المرشح ، وهي المرحلة التي تسبق ضمها الى الاتحاد الاوروبي .

وهكذا يمكن لتوني بلير ان يعبر عن فرحته بانقاذ القمة بعدما استطاع في اللحظات الاخيرة تمرير موازنة الاتحاد للسنوات 2007 ـ 2013 من دون تنازلات كبيرة اذ اكتفى بخفض التعويضات التي تحصل عليها بلاده في الموازنة حوالي اثني عشر مليار دولار اي نصف ما كانت تطالب به فرنسا . ومهما كانت الانتقادات للموازنة المقبلة التي يقول الكثيرون بانها كانت اقل ما يمكن التوصل اليه فانها ستسمح بتمويل نفقات الاتحاد خصوصا انه سيتم ضخ اكثر من مئة وثمانين مليار دولار في اقتصاد اثنتي عشرة دولة انضمت حديثا الى الاتحاد. رئيس وزراء بولونيا اعلنه ان هذه المساعدات المالية ستسمح للدول المستفيدة ،وهي من اوروبا الشرقية بسد الهوة التي تفصلها عن دول غرب اوروبا في مجال الاقتصاد والخدمات الاجتماعية . واذا كان بعض القادة الاوروبيين لا يعبرون عن التفاؤل نفسه فان اعضاء الاتحاد سيجرون تقويما عاما لنفقات الاتحاد وتلبية هذه الموازنة المتطلبات التي تقتضيها المرحلة بحلول عام 2009 وسيتم البحث في الوقت نفسه بالسياسة الزراعية المشتركة وبالتخفيضات الممنوحة لبريطانيا وهما موضوعان كادا يطيحان بالقمة الاخيرة التى اختتمت اعمالها امس السبت .

البعض لا يفوته التذكير بأن إجراء اي تعديل يتطلب الموافقة بالاجماع وهذا امر غير متوافر في الوقت الراهن فكيف سيكون الامر بعد ثلاث سنوات عندما ستجلس دول جديدة الى طاولة المفاوضات مثل بلغاريا ورومانيا وربما مقدونيا . ولكن المفوضية الاوروبية تعول على وصول جيل جديد الى مواقع القيادة خصوصا ان معظم الدول الاوروبية ستكون شهدت انتخابات عامة او رئاسية من الان وحتى عام 2009 كما انها المفوضية تامل في ان يتطور موقف الراي العام من اوروبا بشكل ايجابي لمحو اثار الرفض الفرنسي والهولندي للدستور الاوروبي. ولكن المانيا التي تبنت الدستور في مجلس النواب من دون عرضه على الاستفتاء الشعبي تريد فتح النقاش حول هذا الدستور في السنة المقبلة اي قبل انتهاء ولاية الرئيس جاك شيراك . البعض لا يتورع في توجيه الانتقاد لطوني بلير الذي قضم جزءا من المساعدات لدول اوروبا الشرقية ولكنه استطاع انقاذ الموازنة وقبل ان يواجه بكل شجاعة الرأي العام البريطاني الذي لا يقبل بسهولة التخلي عن جزء من التخفيضات الممنوحة لمساهمة بريطانيا في الموازنة وقد عبر احد اعضاء المفوضية الاوروبية عن حسن ادراة بلير بالقول :quot; بلير هو افضل رئيس للاتحاد حتى الان . وغيابه سيؤدي الى خلل.quot;