جولة تبدأ في أواخر يناير وتشمل باكستان والهند والصين:
الملك عبد الله يتوجهنحو شرق آسيا
سيف الصانع من دبي وسلطان القحطاني من الرياض: يستعد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للقيام بزيارة خارجية إلى كل من الصين وربما ماليزيا ومن ثم الهند وأخيراً الباكستان في العشرة الأخيرة من شهر يناير المقبل. وقد يتوقف في كوالالمبور أيضاً ليكون بذلك زائراً جاب دولاً تمثل ثلاثة أديان متقاربة في آسيا مهد الإسلام والبوذية والهندوسية.
والزيارة هذه هي الأولى من نوعها لزائر سعودي كبير بحجم الملك، خصوصاً إلى الهند التي تعتبر الزيارة إليها زيارةً تاريخية بكل المعايير السياسية، إذ أنه نادرٌ أن يقوم مسؤول سعودي رفيع في الدولة بزيارة الهند تماشياً مع السياسة الخارجية للمملكة الغنية بالنفط في دعم الحكومة الباكستانية فيما يتعلق بخلافها التاريخي مع جارتها النووية الهند على إقليم كشمير المتنازع عليه منذ أكثر من ربع قرن.
ولفتت المصادر إلى أن زيارة الملك عبد الله للهند هي الأولى من نوعها لعاهل سعودي، واصفةً إياها بأنها تاريخية في كل المعايير السياسية، وقالت quot;إذ نادرا ما يذهب السعوديون إلى الهند وخاصة زعماؤهم منذ الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز الذي كان حريصا على تدعيم العلاقات وتمتينها مع باكستانquot;.
يشار إلى أن باكستان نالت استقلالها في العام 1947 بعد انفصالها عن الهند،حيث أنشأت جمهورية إسلامية ظلت علاقاتها متميزة مع السعودية على مر العقود الستة الماضية. وقالت المصادر في كلامها أمام (إيلاف) أنه quot;رغم حرص القادة السعوديين على تميز علاقاتهم مع إسلام أباد، إلا أن العلاقات مع الهند هي الأخرى حافظت على مستويات جيدة على مستويات كثيرة وخاصة الاقتصادية منهاquot;.
وسبق لأول رئيس لوزراء الهند أن زار السعودية في عهد الملك الثاني بعد عبد العزيز المؤسس الملك سعود بن عبد العزيز.غير أن هذه الزيارة مرت بفاجعة دينية بسبب مقال للكاتب السعودي الشهير حمد الجاسر، رحب فيه برئيس وزراء الهند،ووصفه بـquot;رسول السلامquot;،مما أغضب رجالا الدين في السعودية وفقد بذلك منصبه آن ذاك.
وذهب الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد في الوقت الحاضر إلى الهند حين كان وزيراً للمواصلات ،والتقى بالوزير الأول في الهند جواهر لولا نهرو.
لكن زيارات المسؤولين الهنود إلى السعودية لم تنقطع، ومن أبرزهم السيدة أنديرا غاندي ابنة quot;نهروquot;.
والملك عبد الله يدشن بهذه الزيارة عهداً جديداً لتصرف لم يكن مفهوماً في عدم إيلاء العلاقات السعودية الهندية الأهمية الكبرى،كونها تختزن أكبر عدد من المسلمين على الرغم من علمانيتها، ويضطلع المسلمين بدور ايجابي وطليعي في سياستها،إضافة إلى أنها دولة كبرى جارة للسعودية،لا تبعد عنها إلا بضع ساعات بالطائرة،وهي المسافة الأقرب من ليبيا وأكثر بنصف ساعة من المسافة مع القاهرة.
وهنا امتدحت تلك المصادر الدور المهم الذي يلعبه السفير السعودي في نيودلهي صالح محمد الغامدي، الذي وصفته المصادر بـ quot;السفير الدينامو النشيطquot;، وقالت quot;حركة السفير الغامدي على مدى السنوات الفائتة صعّدت مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين الكبيرين في آسيا والعالم العربي والإسلاميquot;.
وكذلك لم تغفل المصادر ذاتها الدور quot;الهامquot; للسفير السعودي في باكستان علي عواض عسيري فيما يتعلق بالإرهاب والحرب السعودية ضده لاسيما وأنه على مرمى خطوات بسيطة من quot;المعمل الأفغانيquot; الذي كان إلى وقت قريب أحد أهم النطاقات الجغرافية في تفريخ الإرهابيين وما زال يحوي كماً من فلول نظام quot;طالبانquot; الذي ثبت تورط مواطنين سعوديين في الإنتماء إلى صفوفه.
وتستضيف المملكة العربية السعودية عمالة هندية تقدر بحوالي مليون ونصف المليون شخص، ومثل هذا العدد تقريبا من العمالة الباكستانية، كما أن شركة الخطوط الجوية السعودية ذات الأسطول الضخم من الطائرات العملاقة لها خمس محطات رئيسة في مدن هندية كبيرة هي مومباي ودلهي ومدراس وكوشن وحيدر أباد. ولـ quot;السعودية 58 محطة في مختلف أرجاء العالمquot;.
وخلال الفترة ما بين مارس (آذار) الماضي شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا طال جوانب اقتصادية وسياسية وثقافية وذلك بدأب متواصل من اللجنة السعودية الهندية المشتركة، وهي كان تأخر عملها ثماني سنوات منذ 1997 ، ولكن زار وزراء هنود عديدون المملكة ما بين مارس ومايو من بينهم وزير المال بي تشيدمبرام، ووزير النفط والغاز الطبيعي ماني شانكر ووزير الشؤون الخارجية ناتورا سينغ.
وصرح مسؤولون هنود لمرات كثيرة أن بأن نيودلهي حريصة على علاقات وثيقة مع الرياض باستمرار حيث العمل المشترك نحو خلق إمكانيات وفرص توثيق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لاسيما من خلال توحيد القدرات والمهارات الهندية في مجال الموارد البشرية واحتياطات النفط والغاز السعودية. وأكدوا أن الاتصالات بين الجانبين تهدف إلى التبادل الاستثماري حيث الشركات والمؤسسات الهندية عازمة على اجتذاب الاستثمارات السعودية واستثمارات الجالية الهندية المقيمة بالخارج في العديد من المجالات والقطاعات.
وكان وزير المال الهندي صرح في زيارة سابقة له مؤكدا على الدفع بصادرات المنتجات البحرية والصيدلانية والزراعية إلى السعودية، بجانب زيادة روابط النقل الجوي بين البلدين وتوقيع اتفاقية ثنائية في هذا المجال، مضيفا أن الهند ترغب بزيادة التعاون في قطاعات الطاقة والتعليم والثقافة والسياحة أيضا. ومضى قائلا quot;أن هناك ثمة متسعا كبيرا لعمل الجانبين الهندي والسعودي معا في قطاع الزراعةquot;، مشيرا إلى احتمال أن يغطي التعاون الزراعي مجالات مثل صحة المواشي، والتعليم الزراعي، والأبحاث، وإدارة المياه والتربة. كما أن هناك اتفاقية تربط بين البلدين في تشجيع وحماية الاستثمارات ومعاهدة حول تفادي الازدواج الضريبي.
وإليه، يذكر أنه نتيجة لجهود السفير السعودي لدى الهند، صالح محمد الغامدي، فإن وفدا كبيرا من رجال الأعمال السعوديين زار الهند في فبراير (شباط) الماضي حيث تحادث هناك حول فرص إقامة مشروعات مشتركة في نطاق واسع من القطاعات الصناعية. هذا فضلا عن أن بنك الدولة الهندي المركزي، وهو أكبر بنك تجاري في الهند، حصل على موافقة السلطات السعودية لبدء عملياته المالية في المملكة العربية السعودية.
و كان السفير الغامدي صرح في وقت سابق بأن بنك الدولة الهندي يعتبر أول بنك هندي سيكون له تواجد في السعودية quot;وأن هذا من شـأنه تعزيز العلاقات التجارية بين البلدينquot; مشيرا إلى أن السعودية تعتبر ضمن عشرة شركاء أوائل لبلاده في مجال التجارة. ويأتي 32 بالمائة من إجمالي واردات خام النفط الهندي من السعودية ويتمتع البلدان بعلاقات تجارية قوية وهما شريكان في مجالي الاستثمارات والمشروعات المشتركة.
وكذلك يعتزم الملك السعودي زيارة جمهورية الصين الشعبية التي كانت السعودية آخر دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية معها. غير أن هذه العلاقات شهدت تطورا كبيرا، خاصة في المجال الاقتصادي حيث أصبحت المملكة أكبر شريك تجاري للصين في المنطقة العربية بحجم تبادل تجاري زاد على الخمسة مليارات دولار أمريكي عام 2002.وبدأت العلاقات مع الصين في أوائل التسعينات من القرن الميلادي المنصرم.
التعليقات