نصر المجالي من لندن: مع تواتر معلومات عن نية الرئيس السوري بشار الأسد إجراء جراحة تجميلية في صفوف قيادات حزب البعث الحاكم في سورية منذ العام 1963 ، حسب تقارير نشرت في لندن اليوم تحدثت عن إقصاءات في صفوف الحرس القديم في الحزب، فإن تقارير ثانية تحدثت عن آخر بدعة إحصائية تختص بالحزب الحاكم في إطار عملية مسح تقويمي كان طلب تنفيذها الرئيس بشار قبل حوالي عام من الزمن، وتركزت بيانات المسح على مسائل مهمة تتعلق بانتماءات عناصر الحزب الدينية والطائفية وما إذا كانوا يؤدون الصلاة في بيوتهم أو أنهم يذهبون إلى المساجد. وبينت أن 77 في المئة من البعثيين يؤدون واجبا دينيا واحدا على الأقل (صلاة وصيام وغيرها) فيما 53 في المئة يذهبون إلى المسجد في شكل منتظم. ونشرت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية اليوم تقريرا تحدثت فيه عن انقلاب قصر حزبي وشيك في سورية نتيجته فتح المجال لشقيق الرئيس بشار ، العميد ماهر الأسد وهو أكبر منه سنا والصهر آصف شوكت رئيس الاستخبارات العسكرية بتولي مهمات حزبية وسياسية كبيرة.
وإليه، حسب بيان لحركة معارضة سورية تعمل ما بين دمشق وباريس فإن مسحا تقويميا نفذه فرع الكومبيوتر في مبنى قيادة إدارة الاستخبارات العامة ( أمن الدولة ) السورية قبل حوالي أسبوعين أعطى نتائج مثيرة حول المعطيات المسحية الشخصية الخاصة بأعضاء حزب البعث الحاكم من غير العسكريين واستخلاص النتائج الإحصائية التقويمية التي ستقدم للرئيس السوري بشار الأسد قريبا.
ونقل المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية عن مصدر مقرب من أحد مهندسي المعلوماتية الذين تولوا عملية تحميل هذه المعطيات قوله "إن عملية المسح التقويمي ـ الإحصائي كانت بناء على طلب الرئيس بشار الأسد الذي أوعز لإدارة الاستخبارات العامة القيام بها قبل حوالي عام من اليوم . وذلك بهدف معرفة التركيب الحقيقي الشامل لحزب البعث من مختلف النواحي ، ليصار بعد ذلك ( وهو ما تم فعلا الأسبوع الماضي ) إلى تحليلها وفق برنامج صمم بمساعدة تقنية يابانية .
وأشار المصدر إلى أن إدارة الاستخبارات العامة أوفدت ثلاثة من ضباطها المهندسين إلى اليابان من أجل اكتساب المعرفة التقنية الخاصة بهذا المشروع من خلال دورة استغرقت ثلاثة أسابيع ، وبموجب اتفاق مغطى بوثائق أصدرتها وزارة التعليم العالي ، باعتبار أن المهندسين الثلاثة "يعملون في كلية المعلوماتية التابعة لجامعة دمشق" وطبقا للمصدر فإن " عملية المسح هذه تعتبر الأولى من نوعها في سورية وربما في العالم العربي كله .
وحسب بيان المجلس المرسل إلى (إيلاف) قامت عملية المسح على أساس نموذج استبياني تولت فروع إدارة الاستخبارات العامة في المحافظات تعبئته ، سواء مباشرة أو بالتعاون مع شخصيات علمية وثقافية حزبية تجيد هذا النوع من العمل وتتعاون مع إدارة الاستخبارات . وقد ضم النموذج أكثر من أربعين سؤالا أو " مفردة استبيانية " ، بالإضافة الى المعطيات الشخصية الأخرى ( معطيات الهوية الشخصية كالعمر والمهنة .. إلخ ).
ومن بين هذه الأسئلة / المفردات : الأصول القومية والدينية والمذهبية ( عربي / كردي / أشوري / شركسي / مسلم سني / مسلم علوي / مسلم درزي / مسلم اسماعيلي / مسيحي /.... ) وهل يؤدي الفرائض الدينية ( صلاة في الجامع ، الصيام ، الحج ، الذهاب إلى الكنيسة .. . ) ، هل يميل إلى دمج الفكر القومي بتوجهات إسلامية وهل سبق له أن اعتقل لسبب سياسي ، وعلى أي خلفية ( يسارية ، ماركسية ، قومية ، إسلامية ) وهل سبق له أن انتمى لحزب آخر قبل عضويته في حزب البعث ؛ إذا جرت انتخابات برلمانية حرة ، لصالح أي اتجاه سيصوت ( قائمة / مرشح شيوعي ، قائمة / مرشح اسلامي ، قائمة / مرشح بعثي .. ) وهل يقبل بمبدأ فصل الدين عن الدولة ( أن يكون رئيس البلاد غير مسلم ) ؛وهل يقبل بمبدأ زوجة واحدة ( يرفض مبدأ تعدد الزوجات ) ؛ هل يقبل بالزواج المدني ( زواج مختلط الطوائف ) ؛ هل يقبل بقيام سلام طبيعي مع إسرائيل وفق قرارات الأمم المتحدة ؛ هل هو مع مبدأ إلغاء التأميمات التي قام بها الحزب ( في الستينات ) ؛ هل يملك مصدر رزقه الأساسي ( موظف ، تاجر ، محام ، طبيب .. ) ؛ إذا كان موظفا حكوميا ، هل يملك مصدرا آخر للرزق ، وما هو إن وجد ... إلخ .
وطبقا للمصدر ، فإن عملية المسح شملت مليون ومئة ألف عضو في الحزب . ومن بين النتائج التي توصل إليها المسح ، والتي أمكن معرفتها ، ما يلي :
ـ 64.3 في المئة من أعضاء الحزب هم من المسلمين السنة ؛
ـ 19.7 في المئة من المسلمين العلويين ؛
ـ 9.8 في المئة من المسيحيين ؛
ـ 7 في المئة من باقي الأقليات القومية والدينية .
ـ 63.2 في المئة يرفضون مبدأ فصل الدين عن الدولة ( أن يكون رئيس الدولة مسيحيا ) ؛
ـ 6.7 في المئة من أعضاء الحزب ينتمون إلى التيار اليساري ( ماركسي ، صلاح جديد ) ؛
ـ 53.4 في المئة سيصوتون لقوائم أو مرشحين ذوي اتجاه قومي ـ إسلامي ؛
ـ 24.3 في المئة سيصوتون لقائمة جماعة الإخوان المسلمين أو لمرشحين مدعومين من قبل الجماعة في أي انتخابات ديمقراطية ؛
ـ 9 في المئة سيصوتون لقوائم يسارية أو مرشحين يساريين وشيوعيين ؛
ـ 71.5 في المئة مع إبرام اتفاقية سلام مع إسرائيل على أساس قرارات الأمم المتحدة ؛
ـ 28.5 في المئة ضد السلام مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال ؛
ـ 83 في المئة من الموظفين لهم مصدر دخل واحد على الأقل عدا مرتبهم الوظيفي ؛
ـ 57 في المئة يؤيدون إلغاء التأميمات التي تمت خلال السبعينات ؛
ـ 9 في المئة سيصوتون لقوائم يسارية أو مرشحين يساريين وشيوعيين .
هذا وقد أشار الباحثون " المخابراتيون " إلى أن نسبة الارتياب ( هامش الخطأ ) تتراوح بين 1.5 و 2.2 في المئة ، وذلك تبعا لكل مفردة استبيانية من المفردات المشار إليها .
وإذا أخذنافي الاعتبار الدقة العلمية لهذا المسح ، يمكننا أن نتوصل إلى النتائج الأولية التالية :
أولا ـ إن البنية العامة للحزب هي بنية محافظة .
ثانيا ـ إن الحزب ، وفي حال فصله عن السلطة ( أي إلغاء المادة الثامنة من الدستور التي تكرسه حزبا قائدا للدولة والمجتمع ، وتشريع التعددية الحزبية والسياسية وسن قانون أحزاب )، سيتشظى إلى أربعة تيارات / أحزاب أساسية ( أو تلتحق بأحزاب تحاكي هذه الاتجاهات ) ، وهي حسب حجمها : التيار القومي ـ الإسلامي ؛ التيار الإسلامي ؛ التيار الليبرالي ؛ التيار اليساري . ويمكن ، تقديريا ومن خلال عملية إزاحة معينة في ما بين هذه التيارات ، أن نستخلص تيارا خامسا هو التيار " القومي الصرف " ، الذي ـ مع الاحتفاظ بنسبة معينة من هامش الخطأ ـ من الصعب أن يتجاوز 15 في المئة في أحسن حالاته .
وإذ ذاك، نقلت صحيفة (الشرق الأوسط) عن مسؤولين ودبلوماسيين في دمشق قولها إن الرئيس السوري بشار الأسد سيجري عملية تغيير للحرس القديم في قيادة حزب البعث الحاكم المكونة من 21 عضوا خلال المؤتمر العام للحزب اوائل حزيران (يونيو) المقبل، اذ سيتم تخفيض العدد الى 15 والتخلص من الكثير من الاعضاء الموجودين في القيادة منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد بحيث لا يبقى أكثر من 3 إلى 4 أعضاء من القيادة القديمة ضمن القيادة الجديدة على الارجح. واعتبر المسؤولون والدبلوماسيون هذا التغيير خطوة اخرى يقوم بها الرئيس الاسد لتعزيز سلطته، ومن الممكن ان تفتح الطريق لدخول اخيه (ماهر الاسد) الذي يرأس الحرس الجمهوري وصهره (شوكت اصف) الذي يرأس الاستخبارات العسكرية الى القيادة.
وقال المسؤولون ان الاسد سيتخذ في المؤتمر الذي تدور حوله توقعات كبيرة بين السوريين، وهو الثاني في فترة حكم الرئيس بشار الاسد، خطوات للسماح بتشكيل الأحزاب السياسية وتطهير الحزب الحاكم، والدعوة لانتخابات محلية حرة في عام 2007، وتبني مبدأ اقتصاد السوق رسميا وذلك في تخل عن مبدأ الاشتراكية احد شعارات حزب البعث الثلاثة الشهيرة. ويرى المسؤولون السوريون أن هذه الخطوات مبدئية وبداية لمرحلة انتقالية تؤدي إلى مزيد من الليبرالية والديمقراطية في سورية. ويوضح عماد شعيبي الذي يدير مركز الدراسات والمعلومات الاستراتيجية في دمشق، انه يتخذ صف الاصلاحيين داخل حكومة الأسد، وأضاف "هذه هي الخطوة الأولى".
التعليقات