وزير الخارجية الفرنسي لإيلاف عشية زيارته للمغرب:
لا أحد بمنأى عن الإرهاب ولن نخضع للوحشية

- علينا أن نستعد لتحقيق انسحابات أخرى من الضفة الغربية ومن القدس الشرقية
- الرباط وباريس مرتبطتان بشراكة نموذجية مبنية على الثقة
- أوروبا تسعى الى بناء شراكة حقيقية ليس فقط بين الدول والحكومات بل بين الشعوب والمجتمعات
- الملك محمد السادس ملتزم بقيادة المغرب على سكة التحرير والتحديث الاقتصادي
- الإصلاح الحقيقي لن يتحقق إلا إذا انطلق من خيارات البلدان العربية نفسها
- ليس هناك أحد بمنأى عن الإرهاب الأعمى ونرفض الخضوع لأعمال الكراهية والوحشية


نادية بنجلون من باريس :
يبدأ وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، فيليب دوست بلازي، غدا الثلاثاء، زيارة عمل إلى المغرب، تعزز علاقات الشراكة المتميزة، التي تجمع باريس والرباط، حيث تعد فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، فضلا عن عمق الحوار بين البلدين. وينتظر أن يحظى باستقبال الملك محمد السادس.

وسيجري رئيس الدبلوماسية الفرنسي، خلال هذه الزيارة، مباحثات مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون محمد بن عيسى تتركز على القضايا الثنائية، وخاصة في أفق انعقاد الدورة السابعة عشرة للقاء السنوي لرؤساء الحكومات المقرر عقده في نهاية ايلول(سبتمبر) المقبل في المغرب، وكذلك الملفات الإقليمية، التي تهم البلدين، كالحوار الأورو * متوسطي، والعلاقات المغاربية، بالإضافة إلى الوضع في منطقة الشرق الأوسط.

يشار إلى أن دوست بلازي، طبيب القلب، انتقل من وزارة الصحة ليتولى حقيبة الدبلوماسية الفرنسية، الشهر الماضي، خلال عملية التغيير الحكومي، التي أمر بها الرئيس الفرنسي جاك شيراك، عقب رفض فرنسا لدستور الاتحاد الأوروبي. ويعتبر أحد الأقطاب الثلاثة في قيادة الحكومة، التي يرأسها دومنيك دو فيلبان. وبمناسبة زيارته للمغرب، أجرينا معه الحوار التالي:


*** اخترتم، كوزير جديد للشؤون الخارجية الفرنسية، المغرب ليكون محطة لتحركاتكم الأولى إلى الخارج. ما مرد هذا الاختيار للمغرب؟

* تجمعنا مع المغرب روابط صداقة عميقة، وشراكة نموذجية، مطبوعة بعلاقات متميزة مبنية على الثقة. وبالتالي كان طبيعيا أن أسارع لزيارة المغرب. وأنا سعيد جدا بذلك. إن الأمر يعني، بالنسبة إلي، أولا، إجراء أول اتصال لي مع شريك مفضل لفرنسا، لكن أيضا لمواصلة التوافق الوثيق والدائم، الموجود بين بلدينا، حول عدد من القضايا ذات الصلة بالمصالح المشتركة.

*** هل ستهيئون لزيارة الوزير الأول، دومينيك دو فيلبان، التي يرتقب أن يقوم بها للمغرب في أيلول (سبتمبر) المقبل؟

* الوزير الأول سيزور بالفعل الرباط بين 26 و27 أيلول(سبتمبر) المقبل. وبالطبع، ستتطرق محادثاتي مع المسؤولين المغاربة للاستحقاقات المقبلة المشتركة، وكذا للقضايا المتعلقة بالوضع الإقليمي.

*** زيارتكم تأتي غداة العمليات الإرهابية التي شهدتها لندن. ما هو الدرس الذي يمكن الخروج به من هذه الفاجعة؟

* الدرس الوحيد الذي يمكن استخلاصه من هذه التفجيرات المرعبة، هو طبيعتها المرفوضة، والإرادة القوية لكل الديمقراطيات على عدم التراجع أمام الكراهية، ورفض الخضوع أمام الوحشية.
إنه من غير المقبول أن تكون ولو حياة بريء واحد عرضة لتؤخذ رهينة. فضلا عن أن الإرهابيين يزعمون أنهم يتحركون باسم الدين، بينما يتعلق الأمر بالسياسة.

*** في عالم تقترف فيه العديد من الأعمال الإرهابية باسم دين "منحرف". والمغرب، الذي ضرب في 16 أيار (مايو) 2003، هو أيضا في المواجهة الأمامية. ماذا يمكن أن تقولوا لنا حول التعاون الفرنسي المغربي في مكافحة الإرهاب؟

* بعد صدمة 11 أيلول (سبتمبر)، لا أحد اليوم يمكن أن يكون بمنأى عن هذه الكارثة العالمية، التي تتطلب توحيد كل الجهود. وبعد عمليات 16 أيار(مايو) 2003 في الدار البيضاء، عملنا على تكثيف تعاوننا في هذا المضمار، ونسعى ليكون هذا التعاون نموذجيا.

*** عندما تحلون بالمغرب، ماذا تنوون قوله للمغاربة؟

* ما أريد قوله للمغاربة هو أنني أحب المغرب والمغاربة بكل عمق. المغرب بلد صديق. وأنا أحمل الكثير من الاحترام لهذا الشعب، ولملكه ولحكومته.

*** يحتاج المغرب أكثر من أي وقت مضى لدعم فرنسا، في الوقت الذي ينخرط فيه في ورش اجتماعي كبير، حدده جلالة الملك في خطابه حول التنمية البشرية. ما هو رأيكم في الاستراتيجية الملكية؟

* التزم الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، بقيادة بلاده على سكة التحرير والتحديث الاقتصادي ونهج سياسة اجتماعية إرادية.
إن "الاستراتيجية الوطنية للتنمية البشرية" تؤكد هذا الالتزام، وفرنسا عازمة على تقديم دعمها للمغرب في هذا المسلسل. وسنناقش خلال اللقاء مع جلالة الملك، بناء على اقتراح جلالته واقتراح رئيس الجمهورية، خلق مركز وطني للبحث حول الأمراض المعدية والسيدا في الرباط.
وستقوم فرق من مستوى عال من الجانبين الفرنسي والمغربي بالتعاون، في إطار قطب ممتاز مكلف بتنسيق أنشطة البحث والولوج إلى العلاجات الجديدة ووضع نظام مراقبة وبائية.

*** انخرط المغرب، على غرار فرنسا، في سياسة اللامركزية. أنتم، كعمدة ل"تولوز الكبرى"، مهتمون أكثر بهذا التطور. هل تتوقعون تنمية تعاون في هذا المجال؟ وما هي الأشكال التي يمكن أن يتخذها هذا التعاون؟

* التعاون مع المغرب في هذا المجال حيوي، فنحن نقدم دعمنا لسياسة اللامركزية واللاتمركز التي تنهجها المملكة. فقد استقبلنا في نيسان (أبريل) الماضي بعثة تمثل الجماعات المحلية من مستوى عال، تباحثت مع عدد من المسؤولين والمنتخبين. وقد أصبحت العلاقات التي جرى نسجها مع مرور السنوات بين الجماعات المحلية في البلدين وبين الجمعيات غير الحكومية أكثر متانة، وأنا سعيد بذلك، لأنها توسع فرص الشراكة بيننا.
وأتمنى أيضا تنمية تعاون لامركزي بين تولوز ومدينة مغربية كبرى، بإشراك الفاعلين في المجتمع المدني. إن تولوز تحتضن جالية مغربية مهمة تساهم بحيوية في التنمية وإشعاع هذه المدينة، وأتمنى خالصا تشجيع المهاجرين المغاربة في فرنسا للانخراط في التعاون بين البلدين، لأنهم يشكلون صلة الوصل الطبيعي بين فرنسا والمغرب.

*** يمثل التعاون الثقافي والعلمي والتقني رافعة مهمة في العلاقات الفرنسية المغربية. لكن نقل كمية كبيرة من القروض نحو الوكالة الفرنسية للتنمية يخلق بعض القلق لدى السلطات المغربية. ما هو أثر هذ التحويل على العلاقات الثنائية؟

* إن الوكالة الفرنسية للتنمية هي أحد الفاعلين الأساسيين في التعاون الفرنسي. والوزير المنتدب في التعاون والتنمية، وأنا شخصيا، ننسق العمل الخارجي لفرنسا في هذا المجال. ونرمي، من خلال إصلاح مساعداتنا من أجل التنمية، إلى ضمان الفعالية والوضوح في الرؤية، بينما ستحتفظ المصالح الثقافية الفرنسية بالنسبة إلى المعنيين بالعديد من المشاريع.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب يعتبر المستفيد الأول من مساعدات الوكالة الفرنسية بحوالي 1.475 مليون يورو، منها 375.6 مليون يورو تهم مساعدة المشاريع.
كما أذكر بأنه، خلال سنة 2003، تقرر مضاعفة التزامات الوكالة تجاه المغرب، لتصل إلى 300 مليون يورو تمتد على ثلاث سنوات.
وتستهدف تمويل البنيات التحتية الأساسية، وسياسة القرب، ودعم الخبرة المالية، بهدف تنشيط الادخار الوطني، ووضع شراكات بين القطاع العام والخاص، والشراكات المتعددة الأطراف، من أجل إنجاز مشاريع طموحة ومهيكلة. ويمكن أن أطمئنكم الى أن العلاقات الثنائية مع المغرب لن تعاني أي تغيير في التوجه.

*** يبدو أن المستثمرين الفرنسيين أقل اهتماما اليوم بالمغرب، سيما إذا ما قارناهم مع الإسبان. ماذا يمكن للحكومة الفرنسية أن تقوم به لتغيير هذا التوجه؟

* من الطبيعي أولا أن يتوفر أي بلد على عدة شركاء. وإذا ما عبرت بلدان عن رغبتها في الاستثمار في المغرب، فإن ذلك لا يمكنه إلا أن يسرنا. ومع ذلك ينبغي ألا تبرر الدينامية الإسبانية اليوم، وقد تبدو أكثر بروزا، لتخيل عدم التزام فرنسي. هذا أمر غير وارد. إن وجودنا في المغرب متواصل. ففرنسا تظل المزود الأول للمغرب، وأول مستثمر أجنبي فيه ب* 54% من التدفقات، والمصدر الأول للدعم العمومي الموجه للتنمية، إذ أننا نساهم بالثلث. وأخيرا فإن العقود الكبرى تواصل تعبئة مقاولاتنا بقوة.

*** الرأي العام المغربي منزعج من الخطاب القوي لنيكولاي ساركوزي، سواء ما يتعلق بنية وزير الداخلية مضاعفة طرد المهاجرين غير الشرعيين أو ب"تطهير" الضواحي الأكثر "حساسية"، ألا يخشى أن تدفع مثل هذه المواقف إلى شرعنة ردود الفعل العنصرية؟

* إن مهمة وزير الداخلية تكمن في السهر على النظام العام والسلم المدني. إن العبارات التي استخدمها نيكولاي ساركوزي لا تستهدف مجموعة معينة، ولكن معضلة الانحراف في بعض الأحياء. إن الهجرة غير القانونية معضلة حقيقية وخطيرة يتعين مكافحتها من أجل تحقيق اندماج أفضل للمهاجرين الشرعيين، وأيضا من أجل محاربة الإحساس بكراهية الآخرين بصورة أحسن.

*** الإسلام في فرنسا يعد أيضا محور اهتمام مشترك بين الرباط وباريس، بالنظر الى أهمية الجالية المغربية القاطنة في فرنسا، وأظهرت الانتخابات الأخيرة للمجلس الاستشاري للديانة الإسلامية صعود الإسلام المعتدل، وأساسا المشكل من المغاربة، أمام "المتطرفين". ماذا يجب القيام به من أجل "تحويل المحاولة"؟

* إن للإسلام كامل مكانته ضمن الديانات الكبرى التي تتعايش بصورة واضحة في بلدنا، ومن الأمور الايجابية أن ينتظم مسلمو فرنسا، في أحضان الجمهورية، في إطار المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. إن هذا التنظيم يهدف إلى تسوية المشاكل الملموسة التي تواجهها المجموعة، خصوصا تلك التي تتعلق بتكوين الائمة والمسائل المتعلقة بالحلال. إن الدولة لا تفتي حول التطورات الخاصة بالمجموعة المسلمة في فرنسا وفقا لمبدأ العلمانية. إنها فقط وضعت الادوات رهن إشارتها من اجل تمكين الإسلام في فرنسا من إيجاد مكانته.

*** المناخ الأوروبي يبدو أنه غير مشجع اليوم لترسيخ علاقات بين الاتحاد الأوروبي وشركائه المتوسطيين، خاصة المغرب. وبعد "لا" فرنسا، و"لا" هولندا في الاستفتاء على الدستور الأوروبي، ألا يخشى المغرب من انطواء الأوروبيين على مشاكلهم الداخلية؟

* إنه خطأ أن نتحدث عن "انطواء" الأوروبيين. ففي الحقيقة لم نتناقش حول أوروبا إلا بمناسبة الحملة حول الاستفتاء في فرنسا، بغض النظر عن النتائج. إن نتيجة الاستفتاء في فرنسا لم يكن لها إطلاقا تأثير على مسألة الدستور الأوروبي، إن هذه الحملة كانت بكل بساطة مناسبة لنقاش يتواصل في أحضان أوروبا ذاتها، خاصة حول وتيرة هذا الدستور وحول مختلف أبعاده. وفي كل الاحوال ما يمكن أن أقوله لكم هو ان ما حصل في أوروبا لايؤدي في شيء إلى التنصل من التزامنا تجاه الشراكة الأورومتوسطية، ولا يحد من إرادتنا لإشراك المغرب في هذه الشراكة، بأكثر ما يمكن من العمق.

*** مرت الآن عشر سنوات على بروز مسلسل برشلونة، ألا تعتقد أنه يجب أن يضفى عليه نفس جديد، على الرغم من استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟

* إن الذكرى العاشرة للشراكة الأورومتوسطية، التي ستخلد في الخريف المقبل على مستوى رؤساء الدول والحكومات، يجب أن تحثنا أكثر على تشبثنا بالتعاون في الفضاء الاورومتوسطي، الذي يعد عاملا متميزا للتقدم والتغيير. ومع شركائنا الأوروبيين ولكن كذلك مع الشركاء في الجنوب المتوسطي، نعمل من أجل الدفع بهذه الدينامية الجديدة التي تتحدثون عنها. إن أوروبا وبأعضائها لها مشروع ورؤية في خدمة الشعوب والأفراد. إنها لا تريد أن تفرض نموذجا بل بناء شراكة حقيقية ليس فقط بين الدول والحكومات ولكن بين الشعوب والمجتمعات، بالارتكاز على الأنسنة المتوسطية التي نعد ورثتها المشتركين. إن هذا يفرض محتوى طموحا وشجاعا للمناهج الحقيقية للشراكات والشفافيات، ولمسؤولية كل الفاعلين.

*** بخصوص قضية الصحراء كان الرئيس جاك شيراك قد دعا، عقب استقباله الوزير الأول المغربي إدريس جطو، إلى "ضرورة حل سياسي تحت إشراف الأمم المتحدة"، ماذا يعني هذا من الناحية العملية؟

* إن الموقف الثابت لفرنسا هو مساندة حل سياسي مقبول من كل الأطراف في إطار الأمم المتحدة، وفي هذا السياق فإننا نساند بقوة جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل وقار، كما ذكر بذلك القرار الأممي 1598 الذي تبناه مجلس الأمن بإلاجماع خلال هذه السنة. ونحن كذلك مقتنعون، على غرار إسبانيا وشركاء آخرين، أن حوارا سياسيا بين الرباط والجزائر حول الموضوع من شأنه أن ييسر تسوية النزاع.

*** تراجع الملك محمد السادس عن المشاركة في القمة المغاربية في ليبيا، وفي الجانب الجزائري كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقية بدا وكأنه وافق على اقتراح العاهل المغربي بترك ملف الصحراء جانبا من أجل التقدم في القضايا الأخرى، لكن الرئيس غيّر، في ما يبدو، توجهه في اتجاه التشدد. فهل تقاسم فرنسا تحليل المغاربة بشأن المسؤولية الجزائرية في هذه القضية؟

* إن الأمر الأساسي اليوم هو السعي إلى التقدم إلى الأمام، بنوايا حسنة، وأنا متأكد أنها متوفرة لدى السلطات المغربية. إننا نشجع البلدين على استئناف الحوار، وهو حوار ضروري وممكن.

*** استقبل الملك محمد السادس أخيرا، وهو رئيس لجنة القدس، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما فعل من قبل مع ياسر عرافات عدة مرات، وكذا مع القادة الإسرائيليين، إلى حين انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا للحكومة. أي دروس تستخلصونها من فشل القمة الأخيرة بين عباس وشارون؟ وألا تشعر فرنسا بقلق، على غرار عدد من الحكومات العربية، أمام احتمال أن تكون خطة شارون بالانسحاب من غزة مجرد وسيلة للسيطرة على قسم من الضفة الغربية؟

* قد لا يكون لقاء عباس وشارون، يوم 21 حزيران (يونيو) الماضي، أجاب بالفعل عن كل التطلعات المعلقة عليه. لكن من كان يتوقع، قبل عام، أن يلتقي رئيس السلطة الفلسطينية والوزير الأول الإسرائيلي مرتين خلال خمسة أشهر؟
أعتقد أن المطلوب في المقام الأول هو الإشادة باستئناف الحوار والحرص على أن يخلق دينامية إيجابية، ذلك أنه الوسيلة الوحيدة لإعادة الثقة. وعلى غرار مجموع الأسرة الدولية أتمنى أن يساهم الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في هذه الدينامية، وهنا أيضا لا بد من الإشادة بقرار إسرائيل للجلاء عن أرض محتلة منذ عام 1967 وعلينا أن نتعبأ من أجل تحقيق انسحابات أخرى من الضفة الغربية ومن القدس الشرقية، طبقا لقرار الأمم المتحدة ذات الصلة.

*** لا تتردد كوندوليزا رايس في الدعوة بقوة إلى مزيد من الديمقراطية في مصر، أحد أكبر شركاء واشنطن في العالم العربي، فما هو تحليلكم لمشروع "الشرق الأوسط الكبير" الأميركي؟ فمع افتراض كل النوايا الحسنة ألا تكون الولايات المتحدة تسير في طريق خاطئ بالسعي إلى فرض الديمقراطية من الخارج؟

* إن العالم العربي يوجد في حالة تحرك، فقد عرف في المرحلة الأخيرة عددا من الاستحقاقات الانتخابية، بعضها لم يسبق له مثيل، كما هو الشأن في العراق وفي الانتخابات البلدية في السعودية. لا أحد يجادل اليوم في ضرورة الإصلاحات وقد أقدم عدد من الحكومات على خطوات شجاعة تستحق التنويه. وفرنسا تنوي مساندة هذه الجهود مع الحرص على الأخذفي الاعتبار لخصوصيات كل دولة ولثقافتها وتاريخها.
إن الخلفية التي يجب أن تواكب هذه الجهود هي إرادة الحوار واحترام الآخر، ولن يتحقق إصلاح حقيقي إذا كان مفروضا. إن الاصلاح الحقيقي لن يتأتى إلا إذا انطلق من خيارات البلدان العربية نفسها.


*** هل تشاطرون واشنطن قلقها، حيث عدد من المسؤولين بنوا، من حالة تنامي أعداد "المجاهدين" في العراق من أصول مغاربية، توقعاتهم بأن تكون المناطق المشتعلة إرهابيا مستقبلا هي دول المغرب العربي؟

* يجب أن نعمل بكل قوانا على مكافحة الإرهاب. ليس هناك بلد بمنأى عنه. هذه المواجهة دون هوادة تتطلب تعبئة قوية وتضامنا لامحدودا. كل هذه العمليات، البغيضة بالخصوص، لا تترك لنا أي فرصة للراحة. وفي هذا الصدد، اسمحي لي بعدم التعليق أكثر.


فيليب دوست بلازي في سطور

ازداد دوست بلازي في فاتح يناير 1953 في مدينة لورد في مقاطعة البرانس العليا، وهو حاصل على الدكتوراه في الطب والصيدلة والعلوم. وهو أيضابارز في الكيمياء البيولوجية الطبية. وشغل منصب أستاذ في كلية الطب، ورئيس قسم الكيمياء البيولوجية في المركز الاستشفائي الجهوي بتولوز.
وهو عضو منذ 1990 في الأكاديمية الوطنية للطب، وطبيب داخلي في مستشفيات تولوز (1976)، ورئيس مصلحة علاج أمراض القلب ومساعد في المستشفيات (1982)، وأستاذ جامعي (1988).
وواصل دوست بلازي مشواره في مجال الطب إلى غاية انتخابه عمدة للورد سنة 1989. كما انتخب خلال السنة نفسها في البرلمان الأوروبي ضمن لائحة "الوسط من أجل أوروبا"، ومستشار جهوي لمنطقة البرانس الوسطى (1992)، ونائب عن منطقة البرانس العليا (21 مارس 1993). وباعتباره مسجلا ضمن فريق الاتحاد من أجل الديمقراطية الفرنسية والوسط، عين وزيرا منتدبا في الصحة لدى وزير الدولة ووزير الشؤون الاجتماعية والصحة والمدينة في ظل حكومة التعايش الثانية إبان فترة رئاسة فرنسوا ميتران للبلاد وتولي إدوارد بالادير رئاسة الحكومة (1993* 1995).
وانتخب مستشارا عاما لمنطقة البرانس العليا (1994) وتولى السكرتارية العامة لوسط الديمقراطيين الاجتماعيين الذي تحول إلى القوة الديمقراطية.
وعين دوست لدى انتخاب جاك شيراك رئيسا للجمهورية الفرنسية وزيرا للثقافة (1995 * 1997)، وانتخب نائبا لمنطقة (غارون العليا) سنة 2001، حيث كان قد فاز بمنصب عمدة تولوز، وهو الفوز الذي سيمنعه "احتراما لناخبيه في مدينة تولوز"، حسب قوله، من أن يقبل بأن يصبح، سنة 2002، الرجل الثالث بالحكومة، من خلال توليه حقيبة وزارة التربية الوطنية.
وعين في ظل حكومة رافاران الثالثة وزيرا للصحة والحماية الاجتماعية، التي أصبحت في ما بعد تدعى وزارة التضامن والصحة والأسرة (من 31 آذار (مارس) إلى 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 2004).
وتولى دوست بلازي في أعقاب الاستفتاء حول الدستور الأوروبي حقيبة الخارجية خلفا لميشيل بارنيي.


** الحديث تنشره "إيلاف" مع "لوماتان" و "الصحراء المغربية"