نصر المجالي من لندن: تنادت هيئات إسلامية عديدة على الأرض الأميركية لتأييد الفتوى التي أصدرها مجلس الفقه الإسلامي في أميركا الشمالية ضد الإرهاب والتطرف بمساندة أكثر من 120 إماما ومنظمة مسلمة في الولايات المتحدة. والفتوى التي أعلنت في مؤتمر صحافي عقد في الثامن والعشرين من تموز(يوليو) الحالي في العاصمة الأميركية واشنطن تقول في جزء منها الآتي ""الإسلام يدين بشدة الغلوَّ في الدين واستعمال العنف ضد الأبرياء، وليس هنالك من عذر أو تبرير لمن يمارس الإرهاب أو التطرف، كما أن استهداف حياة المدنيين العزَّل وممتلكاتهم عبر العمليات الانتحارية أو أي أسلوب هجوميِّ آخر حرام في الإسلام والذين يقترفون هذه الأعمال البربرية مجرمون".

وأضافت الفتوى التي وزعها عبر البريد الإلكتروني مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية وهو جمعية ناشطة في شؤون الإسلام والمسلمين على الساحة الأميركية وكندا " "والقرآن الكريم ينصُّ على أنَّ: "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ"، (سورة المائدة 32)،".

وقالت الفتوى "وقد بيَّن النبيُّ محمد صلى الله عليه وسلم أنه لا عذر لمن يقترف هذه الأفعال الظالمة فقال: "لا تكونوا إمَّعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنّا وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسَكم إن أحسنَ الناسُ أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا "، رواه الترمذي عن حذيفة بن اليمان".

وهي أضافت القول "كما أن الله عز وجل يأمر بالوسطية في الدين وفي كل جوانب الحياة، إذ يقول سبحانه وتعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"، (البقرة 143)، وفي آيةٍ أخرى يبيِّن الله واجبات المسلمين نحو الإنسانية حين يقول: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، (سورة آل عمران 104)". .

وقال مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية في بيان تلقته (إيلاف) إنه في ضوء هدي الكتاب والسنة نؤكد على ما يلي: 1. "كل الأعمال التي تستهدف المدنيين الأبرياء حرام في الإسلام."
2. "حرام على كل مسلم أن يتعاون مع أي فرد أو مجموعة متورطة في أعمال إرهابية وإجرامية".
3. "الواجب الوطني والشرعي يحتـِّم على المسلمين التعاون مع الجهات الحكومية لحماية أرواح جميع المدنيين."

يشار إلى أن مؤتمر إعلان الفتوى شارك فيه ممثلون عن منظمات مسلمة أميركية كبرى من بينها مجلس الفقه الإسلامي في أميركا الشمالية، ومجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، والجمعية الإسلامية الأميركية (MAS)، واتحاد الطلبة المسلمين في أميركا، والإتحاد الإسلامي في أميركا الشمالية (إسنا)، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPAC).

وإذ ذاك، رحب مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) بنتائج استطلاع لتوجهات الرأي العام الأميركي تجاه الإسلام ومسلمي أميركا أعلنه مركز بيو الأميركي لاستطلاعات الرأي العام في السادس والعشرين من تموز (يوليو) الحالي.

حيث كشفت نتائج الاستطلاع - والذي أجري في الفترة من السابع وحتى السابع عشر من شهر تموز (يوليو) الحالي لرصد توجهات عينة في ألفي مواطن أميركي تجاه الإسلام والمسلمين - عن تراجع نسبة الأميركيين الذين يربطون بين الإسلام كدين والعنف إلى نسبة 36% من الشعب الأميركي في شهر تموز (يوليو) الحالي مقارنة بنسبة 44% من الأميركيين في شهر تموز(يوليو) من عام 2003، في المقابل زادت نسبة الأميركيين الرافضين للربط بين الإسلام والعنف من 41% في شهر تموز (يوليو) 2003 إلى 47% في شهر تموز(يوليو) الحالي.

وخلال الفترة نفسها زادت نسبة الأميركيين الذين ينظرون الى مسلمي أميركا نظرة إيجابية لتصل إلى نسبة 55% من الشعب الأميركي حاليا مقارنة بنسبة 51% في تموز (يوليو) 2003، ومقارنة بنسبة 45% فقط في شهر آذار (مارس) 2001.

وتعليقا على نتائج الاستطلاع صرح نهاد عوض المدير العام لكير بأن "نتائج الاستطلاع توضح أن هناك حاجة لمزيد من العمل لتحسين نظرة الأميركيين للإسلام وللمسلمين كما توضح في الوقت نفسه أن رسالة مسلمي أميركا المناهضة للإرهاب بدأت تسمع لدى الرأي العام الأميركي"، وأضاف عوض قائلا "الأميركي العادي بدأ يفهم أن الإسلام مثل المسيحية لا يجب تعريفه بأفعال أقلية صغيرة من المتطرفين"، وأشار عوض إلى أن المسلمين أصبحوا جزءا متزايد الأهمية من نسيج المجتمع الأميركي على الرغم من انتشار خطاب العداء لهم.

وإلى هذا، طالب مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية محطة إذاعة معروفة في واشنطن بمحاسبة أحد مقدمي البرامج الحوارية فيها لذكره تكرارا أن "الإسلام منظمة إرهابية"، كما طالبت كير المسلمين الأميركيين بمراسلة الشركات المعلنة لدى الإذاعة الأميركية للتعبير عن قلقهم من لغة الكراهية التي يروجها المذيع المسيء ضد الإسلام والمسلمين.

وذكر المجلس أنه تلقى شكاوى من مستمعين مسلمين لبرنامج المذيع مايكل غرام على راديو WMAL تشتكي من ترديد جرام لعبارات مسيئة للإسلام والمسلمين مثل القول بأن (1) "الإسلام منظمة إرهابية"، و(2) "الإسلام في حرب مع أميركا"، و(3) "المشكلة ليست التطرف. الإسلام هو المشكلة"، و(4) "نحن في حرب مع منظمة إرهابية تدعى الإسلام".

وقال مجلس العلاقات إن مدير برامج إذاعة WMAL ويدعى راندل بلومكويست أبدى مساندته للمذيع مايكل غرام عندما اتصلت به كير للشكوى من تصريحات غرام المسيئة، حيث ذكر بلومكويست أن إذاعته لا تسمح باستخدام اللغة المسيئة للأفارقة الأميركيين أو المعادية للسامية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تصريحات مايكل غرام بخصوص الإسلام لا تستحق محاسبته عليها.

وتعليقا على تصريحات غرام وعلى موقف إذاعة WMAL منها ذكر إبراهيم هوبر المدير الإعلامي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية بقوله إن هذه التصريحات المليئة بالكراهية والمؤججة للصراع لا تؤدي إلا لتشجيع من قد يترجمون هذه الرؤى المتعصبة إلى أفعال تمييز وعنف موجهة ضد المواطنين المسلمين الأميركيين الأبرياء"، وأضاف هوبر قائلا "يجب تشجيع الجدل العقلاني حول قضايا الإرهاب، ولكن تشجيع الخطاب المتطرف المعادي للمسلمين سوف يضر بصورة أميركا عبر العالم وسوف يساعد على تجنيد مزيد من الإرهابيين".

ويشار إلى أن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية كان طالب في شهر نيسان (أبريل) من العام الماضي مايكل غرام بالاعتذار على تصريحات مسيئة أدلى بها في الأول من أبريل 2004 حيث ذكر "أنا لا أريد أن أقول إنه ينبغي علينا قتلهم جميعا (المسلمين)، ولكن إذا لم يكن هناك إصلاح (داخل المجتمعات الإسلامية)، فلا يوجد لدينا عدد كاف من الحلول الأخرى التي يمكن أن تؤتي مفعولا في كفاحنا - على أرض الواقع - للبقاء".