شاهد سوري يعترف للقاضي الألماني بفساده ... لا أكثر
ميليس والفارق بين فلاديمير بوتين وغازي كنعان
إيلي الحاج من بيروت: أنهى القاضي الألماني ديتليف ميليس مهمته رئيساً للجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري ولم تبق إلا تفاصيل غلق الملف ليرحل عن بيروت خلال أيام ، هكذا بسرعة قياسية تعني أن الاستجوابات التي أجراها وفريقه في منتجع "مونتي روزا" السوري كانت مجرد شكليات لا غير، وأن رواية ما جرى قرب فندق السان جورج في 14 شباط /فبراير الماضي وقبله وبعده محبوكة في رأسه وملفاته لا تحتاج إلا إلى صياغتها في مدينة قال أنها أهدأ عاصمة في الكون سيذهب إليها مع عدد من معاونيه ليكتب تقريره الذي تكفي عبارة فيه لتزعزع نظاماً أوتسقط عرشاً بين بيروت ودمشق.
على طريقة برنامج "من يربح المليون؟" من يحزر أي عاصمة هي الأهدأ في الكون ؟ فيينا. ربحت تكمل معنا. ميليس شهير على ما وشت صحافة ألمانيا بأنه يكثر الابتسام كلما أكثر مشبوه من القسم بالله أو وضع يده على الكتب المقدسة لتبيان براءته . السؤال ما كان رد فعل ميليس الذي يتابع كل ما تكتب الصحافة عن مهمته عندما قرأ قبل أيام عبارة لوزير الإعلام السوري مهدي دخل الله "سوريا تكاد تتهم بأنها وراء كارثة تسونامي او اغتيال جون كينيدي" ؟ قهقه بالضحك. ربحت.
ولنكمل، ما الرابط بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الداخلية السوري غازي كنعان؟ كان بوتين رئيس ال"كاجي بي" في برلين الشرقية خلال الثمانينات وميليس مكلفاً مكافحة أنشطة عملائه وجرائمهم السياسية وكتبت الصحافة كثيراً عن الحرب الضروس بين "جرذان بوتين الشرقيين ومصيدة ميليس الغربية" وعندما اقترحه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لرئاسة لجنة التحقيق في جريمة العصر اعترض المندوب الروسي بناء على توجيه من بوتين الذي لا يزال يكن ضغينة على غريمه الألماني الذي دوّخه . أما كنعان فيتردد على نطاق واسع في بيروت أنه أفاد ميليس خلال استجوابه بصفة شاهد أن لا أموال له في المصارف وبالتالي سواء عنده قرار واشنطن تجميد حساباته أو رفع السرية عنها في بيروت، وإنه لم يعد يتابع منذ وقت طويل تطورات الأوضاع اللبنانية، لذلك عرف باغتيال الحريري من خلال وسائل الإعلام . الفارق أن بوتين لا يستخف بعقل ميليس.
واليوم (الخميس) نقل مندوب صحيفة "النهار" البيروتية عن مصدر سوري "واسع الإطلاع" أن أحد الشهود السوريين الذين استمع إليهم القاضي الألماني في مجمع "مونتي روزا" اليهم "تحدث عن الفساد ولم يبرىء نفسه منه بسبب المناخ الذي كان سائدا في لبنان". وأضاف المصدر "لكن هذا الشاهد قال لميليس ايضا ان غالبية المسؤولين اللبنانيين كانوا اكثر فسادا، ورغم ذلك، لا يمكن ان يؤدي وجوب الفساد الى التفكير يوما باغتيال رفيق الحريري او أي مسؤول لبناني آخر". ميليس الطيّب القلب سيصدق هذا الكلام، وسيضمن تقريره كما تؤكد كل التسريبات المقصودة حوله أن سورية لم تتعاون كفاية ويقترح محاكمة دولية لجلب من يشتبه بهم من ضباطها . والحال أن له مع دمشق سابقة من هذا النوع ، ففي أواخر تسعينيات القرن الماضي وكان يطارد الإرهابي الأشهر كارلوس، طالب السلطات السورية بتسليمه إياه بناء على مذكرة توقيف دولية . بالطبع استغرب السوريون هذا الطلب ، وبالطبع أنكروا وجود كارلوس في ضيافتهم . في اليوم نفسه الذي تلقى فيه ميليس جوابهم أرسل إليهم ميليس صورة لمنزل كارلوس في دمشق وصورة أخرى له على شرفته.
تخلص السوريون من الإرهابي المطلوب بإرساله على عجل إلى السودان حيث ستقبض عليه لاحقاً الاستخبارات الفرنسية في صفقة مع الخرطوم. تلك الأنواع من الحلول كانت متيسرة تلك الأيام ، ماذا تفعل دمشق بمن سيشتبه بهم ميليس؟ يمكنها الاستعانة بصديق، ولكن ليس في كل الملمّات يجدي الأصدقاء.
التعليقات