حيان نيوف من دبي: بعد انشقاق نائب الرئيس السوري سابقا عبد الحليم خدام، وانتقاده لسياسة النظام الذي كان جزءا منه على مدار أربعة عقود، هبطت الحماسة في شكل مباغت على بعض أعضاء مجلس الشعب السوري ليتجاوز بعضهم خدام ويتحدثوا عن quot;أمثاله الآخرينquot; أصحاب القصور من الساحل إلى دمشق كما جاء حرفيا في كلماتهم المنقولة مباشرة.
ورغم الانتقادات التي انهالت على quot;نواب الشعب السوريquot; لأنهم تأخروا في فتح ملفات خدام، تركت حماسة بعض أعضاء المجلس مثل الدكتور محمد حبش وغيره أثرا بالغا على السوريين في quot;جمهورية الفلافلquot; الذين ما انفكوا يطالبون منذ سنوات الرئيس السوري بشار الأسد بتفعيل حملات الفساد لتطال السوريين في quot;مملكة القلاع والقصورquot;، والذين يصفهم بعض أبناء الشعب السوري بأنهم يرفعون شعار التطوير وخطابات الأسد في النهار، وفي الليل يسخرون من الاصلاح ويعقدون الصفقات.
ويقصد السوريون بـquot;جمهورية الفلافلquot; شرائح الشعب التي تعيش في مستوى معيشي منخفض؛ من حيث فقدان فرص العملوالفقر وغياب فرص أخرى متاحة لأبناء المسؤولين وحدهم. إذ أن السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، يتزاحمون أمام محلات الفلافل الشعبية التي تعتبر أكثر المطاعم ازدحاما وهي مؤشر كاف للتمايز الطبقي في سورية. ولعل أحد ملامح هذا الفقر في الشارع السوري أن بعض أساتذة الجامعات يركضون في الشوارع وراء حافلات النقل العام لأنهم لا يقدرون على شراء سيارات خاصة. وهذه المشكلة أشرف الرئيس الأسد على حلّها شخصياً، فأصدر مرسوما منذ أيام يقضي بزيادة رواتب أساتذة الجامعات في شكل كبير، بحيث وصلت رواتب بعضهم إلى 60 ألف ليرة سورية، وهو راتب جيد كما رآه المراقبون الاقتصاديون قياسا إلى المعيشة الرخيصة نسبيا.
وأكثر العبارات انتشارا بين السوريين، وخاصة خلال الجلوس على مقاعد المقاهي الشعبية، quot; متى يقبض الأسد على الحرامية ؟quot; . والمقصود هنا كما يقول عدد من المتابعين السوريين quot;مجموعة من الفاسدين المفسدين الذين ينهبون ويرتشون في الليل والنهار دون أي اكتراث للتحديات الخارجية التي تواجهها سورية quot;. ويقول سوري متقدم في السن، إنه بينما كان الرئيس السوري يلقي خطابه الأخير متحدثا عن المخاطر الأجنبية التي تهدد البلاد، كانت مجموعة quot;الحرامية تنهب وتبني القصور دون أي تفكير بالمواطن الغلبان الذي يعيش على ساندويش فلافل في اليوم ودون تفكير بالوطن quot;.
وكما يبدو، بنظر أكثر من خبير سوري، لم يتمكن عبد الحليم خدام من نزع التقارب بين الرئيس بشار الأسد والجيل الشاب في سورية؛ فبعد quot;ثورة خدامquot; اعلن الأسد تعزيز الوضع المعاشي لأساتذة الجامعات السورية ، قبل أن تصدر قرارات قريبة متوقعة حول الحريات السياسية وإطلاق السجناء وزج العديد من quot;حرامية البلادquot; في السجون في الأماكن التي كان يقبع فيها سجناء الرأي.ومن عمق الفساد المستشري في سورية، اثيرت حكايا شعبية حول هذا الفساد. ومن هذه الحكايا أن أحد المسؤولين السوريين السابقين، من الحرس القديم، بنى قلعة كبيرة هي الأولى من نوعها في سورية في غضون فترة قصيرة، وعندما وصل رائد الفضاء السوري محمد فارس إلى الفضاء مع الرواد الروس ، سئل محمد فارس عما يشاهده من الفضاء فقال quot;إني أشاهد قصر المسؤول الفلاني quot;.
قرار الرئيس الأسد تعزيز الوضع المعاشي لأساتذة الجامعات السورية، لن يكون الأول من نوعه على طريق الاصلاح السوري كما يعتقد مراقبون في دمشق. ومن المنتظر أن يصدر عفو عام عن السجناء السياسيين بعد أن طالب بإغلاق هذا الملف حتى النواب السوريون من المحسوبين على حزب البعث، فضلا عن إحالة ملفات فساد هائلة إلى القضاء السوري.
*صحافي متابع للشؤون السورية ومراسل سابق لـquot;إيلافquot; في دمشق
التعليقات