بعد اكتمال الانسحاب:
إسرائيل مشغولة بمناقشة سيناريو تجدد الحرب
خلف خلف من رام الله: قبل عدة أسابيع، توقعت الاستخبارات الإسرائيلية بتقريرها السنوي احتمالية تجدد الحرب مع حزب الله خلال السنوات المقبلة، وكما تكرر هذا السيناريو فيما بعد على ألسنة الكثير من الوزراء والمحللين إسرائيليين مما جعله يشكل هاجساً لسكان شمال إسرائيل الذين طالتهم صواريخ حزب الله لأكثر من شهر. ولكن متبنو سيناريو احتمالية تجدد المواجهة مع حزب الله تعالت أصواتهم يوم أمس الأحد، وذلك بينما كان الجنود الإسرائيليون المتهالكون العائدون من لبنان يتوجهون لمنازلهم ليستلقوا تحت quot;دشquot; ساخن ينسيهم رعب الحرب ويغسل عنهم غبار المعارك.
وذهب ضابط إسرائيلي كبير إلى التوقع بأن احتمالية اندلاع جولة جديدة من الحرب سيحدث خلال سنة فقط، مؤكداً أن حزب الله يعمل في هذه الأيام على إعادة بناء وزيادة قوته، وفي المقابل فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تستعد لهذه الإمكانية على المستويات الإستخبارية والإستراتيجية، وعلى مستوى التسلح أيضاً.
وكان آخر جندي إسرائيلي انسحب الليلة الماضية من جنوب لبنان عند الساعة الثانية والنصف قبل الفجر، ضمن عملية انسحاب اعتبرها الكثير من المراقبين والمحللين الإسرائيليين أقل بطولة وأثراً مما كان عليه عملية الانسحاب في أيار/مايو عام 2000، وهذا ما يجعل إسرائيل تسعى لاستعادة الهيبة لجيشها الذي لم يحقق النتائج المرجوة منه، بل وصم بالهزيمة من قبل الكثيرين.
عمير بيرتس وزير الدفاع الإسرائيلي وجد نفسه مضطراً لأصدر تعليماته لضباط جيشه مشدداً على ضرورة التحلي بالصبر والتشدد في أوامر إطلاق النار وعدم السماح بالتجمهر على الجانب الثاني من الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، أو إلقاء الحجارة، أو القيام بأي عمل استفزازي، كما تلقت قوات الجيش الإسرائيلي الأوامر بالتصدي بحزم لمثل هذه الحوادث من منطلق التحلي بالعقلانية وتفادي تصعيد الموقف.
كما تحدثت مصادر إسرائيلية مطلعة اليوم الأحد عن ما أسمته بالرسائل المبطنة التي حملها خطاب نصر الله الأمين العام لحزب الله في احتفال النصر مؤخراً، وترى المصادر أن نصر الله عندما أعلن عن امتلاك منظمته لأكثر من عشرين ألف صاروخ كان يهدف لتهيئة الأجواء لاحتمالية تجدد الحرب.
وتقول المصادر الإسرائيلية أن حزب الله ومنذ الإعلان عن وقف إطلاق النار يعكف على ترميم قواته بشكل جوهري، كما يقوم بإعادة تنظيم المعدات الصاروخية التابعة له، إضافة إلى تعزيز مكانته الشعبية والسياسية، بحيث يمكن القول أن حسن نصر الله على صعيد التنافس على إعادة إعمار الجنوب قد تفوق على حكومة لبنان بفارق كبير، حيث أن حوالي ستة آلاف عائلة قد حصلت منه على دعم بقيمة عشرة آلاف دولار، ومع أن حكومة لبنان تعمل على منح هؤلاء الناس مبالغ أكبر بكثير، إلاّ أن الأمر عالق في مكان ما.
وأشارت المصادر الإسرائيلية أن المعارضين لنصر الله في لبنان سيعملون على منعه من اتخاذ قرار الحرب لوحده في المستقبل، مشيرة أنه في حال وقوع جولة عسكرية أخرى، فإنها ستكون جولة أكثر تعقيداً بكثير من الجولة السابقة؛ إذ أن هناك آلاف جنود قوات الطوارئ الدولية تفصل بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، إضافة إلى آلاف الجنود من الجيش اللبناني الذين قد ينضمون إلى هذه المعركة.
الدكتور إيال زيسر من قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب عقب على احتمالية تجدد المواجهة قائلاً: أنا لا أعتقد أن حرباً أخرى ستشتعل، لأن حسن نصر الله ليس له مصلحة في خوض مثل هذه المعركة الآن، كونه بحاجة إلى إعادة تأهيل وبناء قدراته وقواته العسكرية وكذلك نظامه المدني أيضاً، وفي الوقت ذاته يمكن القول إن نصر الله يتطلع إلى العودة للنقطة التي التقينا معه فيها عشية الحرب، وهو يملك قدرات صاروخية ربما أكثر تطوراً، وميليشيا قوية جداً، ليتسنى له استئناف الهجمات ضدنا على طول الحدود الشمالية.
التعليقات