بلال خبيز من بيروت: تتقاطع معلومات كثيرة في ما يتصل بالحوار اللبناني - اللبناني، بما يفيد ان هذا الحوار قد يصل إلى نتائج ايجابية، قد تكون مسألة اقالة الرئيس اميل لحود ابرزها. ويمكن القول ان المناقشات التي حصلت يوم امس في الجلسة المسائية وما ينتظر ان يجري اليوم في الجلسة التي تعقد منذ الثالثة بعد الظهر، قد حققت بعض التقدم على مستوى هذه القضية الشائكة.
فقد اشار الأمين العام لquot;حزب اللهquot; السيد ح
المداخلات التي عرضها السيد نصرالله محدداً مواقفه، والتي اتسمت، مثلها مثل كل المداخلات الأخرى بقدر من الليونة والمرونة والرغبة في تدوير الزوايا، تشير إلى امكان الاتفاق على بعض الأمور العالقة وترحيل بعضها الآخر إلى زمن لاحق قد يشهد خلاله لبنان تطورات اخرى تعيد الأزمة إلى حافة الانفجار.
في الوقائع، ثمة ضغط عربي- دولي كبير لإنجاح الحوار، هذا الضغط بطبيعته انتج نوعاً من التعطيل لأي تدخل سوري ممكن، فضلاً عن شبه اطمئنان سوري إلى مسار التحقيق القضائي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ليس لجهة تبرئة سورية ونظامها من الجريمة، بل لجهة الإطمئنان إلى فترة السماح الطويلة نسبياً التي يتيحها مسار التحقيق القضائي للنظام السوري، وتقاس بالسنوات وليس بالشهور كما كان رائجاً في فترة ترؤس القاضي الألماني ديتليف ميليس للجنة التحقيق الدولية. على امل ان تتغير الظروف وتتعدل بعض الوقائع في الميزان الدولي والعربي والشرق اوسطي.
والحق ان الوقت الذي تحتاجه سورية في هذا الظرف الدقيق ثمين إلى درجة لا يمكنها التفريط بأي من دقائقه. لكن ذلك لا يلغي ولا يعني مطلقاً ان المشروع السوري حيال لبنان يشهد خواتيم سعيدة للبلدين في أي حال. لكن الضغط الدولي ndash; العربي، والذي سيشهد محطة من محطاته المهمة في الأيام المقبلة، تتمثل بزيارة اللواء عمر سليمان إلى بيروت، نجح في جعل الهجوم السوري المندفع حيال لبنان يتباطأ تباطؤاً ملحوظاً، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة من نتائج يتقرر على اساسها الكيفية والطريقة التي يدار بها الهجوم مرة أخرى، وحجم الحدة التي سيتسم بها في المقبل من الأيام.
لكن الثابت ان لا تغيير جوهرياً قد طرأ على الخطة السورية حيال لبنان حتى الآن، وان النظام ما زال متمسكاً برؤيته القديمة المتجددة حيال جاره. لكن المعارك السابقة والراهنة اسفرت عن هدنات قد تطول او تقصر بحسب التطورات. فمن جهة اولى، وبعد التضييق على حركة نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام في باريس، اعلنت فرنسا انها لن تتدخل وليست في صدد التدخل لمحاولة تغيير النظام في سورية، كما تشير معلومات صحافية تتصل بالتقرير الذي يعده رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رفيق الحريري، والمقرر تقديمه إلى الأمانة العامة للامم المتحدة في منتصف الشهر الحالي، أي ان التقرير، لن يتضمن اتهامات او اسماء، في انتظار استكمال عناصر المضبطة الاتهامية، والتي يرجح ان تكون بعيدة زمنياً. وهذه الاعتبارات جميعاً من شأنها ان تطمئن سورية إلى طول فترة السماح الممنوحة لها، وتساعد النظام على التقاط الأنفاس بعد اضطراره إلى الترنح تحت وطأة القرقعة الدولية في مواجهته.
من جهة ثانية وعلى المستوى المحلي اللبناني، لا يبدو حزب الله قلقاً حيال موضوع تنفيذ القرار الدولي 1559 في شقه المتعلق بنزع سلاح الميليشيات، ذلك ان التصريحات الاميركية التي تؤكد مراراً على ضرورة نزع سلاح حزب الله في نهاية المطاف، لا تستعجل تنفيذ هذا الشق المتعلق بالقرار، وتترك امر معالجته إلى الجهود اللبنانية الداخلية، مما قد يعني ان مثل هذا القرار قد يكون وضع في ثلاجة القرارات الدولية غير المنفذة.
يوم امس حقق اللبنانيون تقدماً في ملفين، ما كان يمكن لهم ان يحققوه لولا هذا التروي الدولي والأوضاع العربية الراعية والمحيطة والتي تحاول نزع فتائل الانفجار اللبنانية، وذلك بالضبط ما جعل الإجماع على ملف التحقيق الدولي وما يتصل به ممكناً بين اللبنانيين.
بعض الصحافيين والمراقبين يتحدثون عن طائف جديد للبنان، ويصر رئيس المجلس النيابي السيد نبيه بري على الإعلان مراراً وتكراراً ان quot;الفشل ممنوعquot;، وان مؤتمر الحوار محكوم بالنجاح، والحق ان الرئيس بري من السياسيين اللبنانيين النادرين الذين لا يطلقون تصريحات غير مدروسة ويحرصون على تأمين فرص النجاح في ما يسعون إليه. لهذا السبب ينظر اللبنانيون بعين متفائلة إلى النتائج المرتقبة للحوار. ويذهب بعض المحللين إلى التأكيد ان الرئيس بري يملك ضمانات عربية ودولية وسورية تخول اللبنانيين الوصول إلى قواسم مشتركة وانجاح عملية الحوار، ولولا حصوله على هذه الضمانات ما كان ليقدم على مثل هذه الخطوة تأسيساً على ما عرف عنه من حذر وحسابات دقيقة.
هذه المقدمات الإيجابية لا تعفي اللبنانيين من ترقب انتكاسات كبرى في الحوار وخارج غرفه المغلقة. فالذي يقسم اللبنانيين ويفرق بينهم لا يمكن رأب صدعه بأيام قليلة من الحوار. لكن الحوار في حد ذاته مسلك ايجابي على طريق رأب الصدع بين اللبنانيين وتدوير الزوايا الحادة في المواقف تمهيداً لتحقيق تسوية قابلة للعيش والاستمرار بين القوى والفئات المقررة والوازنة في لبنان. ويكفي ان يكون السيد حسن نصرالله قد صافح السيد سمير جعجع للمرة الأولى في حياتيهما حتى نستطيع اطلاق صفة الإيجابية على الحوار.
التعليقات