نحو رفض الاحلاف من وراء ظهر الدولة
حزب الله ينفي لقاء الرئيس السوري

بلال خبيز من بيروت: رد نائب حزب الله حسين الحاج حسن على معلومات ترددت عن لقاء عقد بين السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله والرئيس السوري بشار الأسد، بالقول أن هذه المزاعم عارية عن الصحة، ورغم حدة الهجوم الذي شنه نائب حزب الله البقاعي على النائب والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، واتهامه بتسريب مثل هذا الخبر العاري عن الصحة، إلا أن السيد الحاج حسن أكد أن الحوار سيستأنف مجدداً يوم الإثنين المقبل، وأن كل المواضيع ستكون مطروحة في جلسة الحوار.

من جهته أعلن النائب وليد جنبلاط عن عزمه وتأكيده العودة إلى طاولة الحوار، ودعا إلى اتخاذ القرارات بالأكثرية وليس بالإجماع، في إشارة منه إلى كونه لا يريد ان يعطل، بإصراره على مواقفه، اي توافق بين الأطراف الأخرى في اي موضوع. ورأى السيد غازي العريضي وزير الإعلام الذي ناب عن وليد جنبلاط على طاولة الحوار، ان الحوار سيستكمل وان حزبه مستمر في المراهنة على الحوار، فضلاً عن المداخلة المرنة التي أدلى بها لإحدى الصحف المحلية في بيروت في ما يتعلق بعلاقة الحزب التقدمي الإشتراكي التاريخية بالسيد حسن نصرالله ومن يمثل، وفي مديح صفاته الشخصية والوطنية على حد سواء.

على الحذو نفسه يكرر مسؤولو حركة امل وتيار المستقبل مقولة ان الحوار سيستأنف وان الفشل ممنوع، فيما لا يكف حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر عن تأكيد مشاركتهم مجدداً. وبهذه الحزمة من المواقف يكتمل عقد طاولة الحوار مجدداًَ وعلى الأرجح فإن تأجيل عقد الجلسات اصبح مستبعداً، وإن حصل فسيكون لزمن قصير، تمهيداً لتحضير الملفات وتدوير الزوايا الحادة.
لا شك ان عودة المتحاورين إلى طاولة الحوار تشكل مؤشراً ايجابياً تنعكس آثاره على الوضع العام في لبنان على المستويات كافة. لكن الحوارات تجري دائماً حول الطاولة وفي كواليس الفنادق، فضلاً عن الحوار الذي يتم عبر وسائل الإعلام. وفي بعض الاحيان يكون الحوار مجدياً امام الرأي العام اكثر منه في السر وفي الجلسات المغلقة. رغم ان مثل هذا الحوار الذي تخوض وسائل الإعلام في تفاصيله يبدو حاد اللهجة وبالغ العصبية، ويعتمد التهويل والتحذير من مغبة التعنت في المواقف التي من شأنها ان تعطل الحوار وتفاقم من أضرار الأزمة.

لكن ما تم حسمه في اليومين السابقين من التوتر اللفظي والتعنت في المواقف ليس بالضرورة مما يشكل خطراً على نجاح الحوار. والحق ان نفي النائب حسين الحاج حسن لخبر اجتماع امين عام حزب الله بالرئيس السوري يبدو مؤشراً ايجابياً بالغ الأهمية. فحين يصبح الإجتماع بالرئيس الأسد تهمة ينفيها حزب الله، فذلك يعني من دون شك ان الحوار يتقدم نحو خواتيم مبشرة. ذلك ان المعضلة الأولى التي ينبغي على المتحاورين معالجتها في حوارهم تتعلق بطبيعة العلاقة التي يقيمها اطراف لبنانيون بالخارج. بل ويذهب حزب الله ابعد من ذلك في اتهامه، فلا يقصر اعتراضه على تصريحات وليد جنبلاط من واشنطن معترضاً على العلاقة التي تنشأ بين الزعيم الدرزي ومسؤولي الولايات المتحدة الاميركية من وراء ظهر الدولة، بل ان حزب الله لم يتردد في الاعتراض على اجتماعات رسمية عقدها المسؤولون الاميركيون مع رئيس الحكومة اللبنانية، وتظاهر مناصروه في مواجهة زيارات رسمية واعتراضاً عليها.

وإذا كان حزب الله يشتبه بأي علاقة مع الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الدولي، ويطالب الأطراف اللبنانية الأخرى بتطمينات على هذا المستوى، فإنه من جهة ثانية لا يرى في علاقته الوثيقة بإيران وسورية اي مثلبة او تهديداً للوضع اللبناني الداخلي او استقواء على اطراف آخرين. والحق ان السلوك السوري الرسمي حيال لبنان، والتصريحات المتكررة التي تؤكد أن سورية الرسمية تعادي قسماً وازناً ومهماً من اللبنانيين وتعتبرهم مأجورين ويدبرون المؤامرات على نظامها ويستهدفون صمودها، لا يترك مجالاً للشك في ان الاستهداف السوري للبنان في أمنه وسياسته ووحدته بالغ الخطورة على استقرار البلد وعلى مسار الحوار في الوقت نفسه. وفي هذا المجال يبدو نفي حزب الله خبر اجتماع امينه العام بالرئيس السوري طافحاً بالدلالات المعبرة.

ذلك ان العلاقة التي يديرها حزب الله مع سورية وايران هي ايضاً تتم من وراء ظهر الدولة اللبنانية، وان اي حوار لن يستقيم ما دام اي طرف يعتبر علاقاته الخارجية تحصيلاً حاصلاً ويعترض على علاقات الآخرين. ذلك ان اصل التنازل الذي يمكن ان يحقق تسوية تأخذ في اعتبارها نبذ منطق الغلبة الذي يصر عليه حزب الله يتم اولاً واساساً في مجال علاقات الاطراف بالجهات الخارجية، باعتبار ان كل العلاقات التي تعقد وكل التحالفات التي تجري من وراء ظهر الدولة اللبنانية هي حكماً من اسباب التفجير والاختلال وتغليب فئة على أخرى بسلاح الخارج وقوته، اكان الخارج صديقاً ام عدواً.

مثل هذا النقاش لم يكن ليكون عسيراً لو ان البلد انجز اجماعاً على مقومات هويته وسياقاتها، لكن هذا التعثر في انجاز مقومات الهوية وسياقاتها يجب ان يعيد الاطراف إلى فضيلة التواضع والاعتراف بان الرأي والموقف الذي يستند إليه أي طرف ليس في وسعه، على الأقل في هذا الظرف الدقيق، ان يشكل سياقاً واحداً ووحيداً للهوية للبنانية وان يلزم البلد باتباعه وتبني وجهاته.