اعتدال سلامه من برلين: بعد مرور ثلاثة اعوام على الزحف الاميركي إلى العراق هل حققت الادارة الاميركية الأهداف التي وضعتها؟ سؤال يختلف عليه السياسيون الاوروبيون عندما يناقشون الوضع الخطير حاليا في تلك البلاد . فبعضهم يقول ان الخسائر المتلاحقة البشرية والمادية التي تلحق بالجيش الاميركي، ادخلتها ادارة الرئيس جورج بوش في الحسبان، وهي محدودة مقارنة بالغنائم التي كسبتها الولايات المتحدة وفي مقدمها المكاسب الاقتصادية إذ استولت على منابع النفط التي كانت أبرز دوافعها إلى الحرب، فضلاً عن إشرافها من العراق انها تشرف على حدود بلدان تعتبر عدوة لها، مثل ايران وسورية .

ولكن ما هو رأي المانيا التي لم تشترك في الحرب مباشرة وخرج من شعبها اكثر من مليون عشية الغزو الاميركي للعراق لاستنكار الحرب ورفضها؟ وهل تتوقع سحب واشنطن كما يتردد قواتها في السنوات القليلة المقبلة؟

يذكّر منظم العمل المشترك الاميركي الالماني في وزارة الخارجية الالمانية كارستن فوغت بأن لا وحدات مقاتلة لبلاده في العراق، لذا لا يمكنها تقديم نصائح، لكنه يقول باسمه الشخصي ان على الذين عارضوا الحرب إدراك ان القوات الغربية لا تستطيع الانسحاب من العراق فورا، لأن ذلك سيحدث عدم استقرار امنياً، وليس صحيحاً اعتقاد بعضهم ان الانسحاب سيحمل معه المزيد من الاستقرار والأمن للعراق.

وعن القول بأن الرئيس الأميركي جورج بوش لا يملك خطة للعراق قال فوغت : quot;واضح جدا انه لا يملك أي خطة ، وقد شن الحرب في العراق على خلفية قرار بسحب قواته بسرعة من هناك بعد ان تترك وراءها ديمقراطية مستقرة، لكن ظهر جليا انه لم يتمكن من تحقيق ذلك، وما نشهده حاليا من تدهور للأوضاع الامنية في العراق هو نتيجة انحراف عن هدف بوش الاصليquot;.

ولا يؤيد السياسي الاشتراكي القول بان واشنطن تملك حاليا القليل من الخطط لمواجهة ما يحدث في العراق، فما يراه دائما هو تناقض بين الأهداف التي أعلنتها وما يحدث في الواقع ، مما يدفع الى القول بان تحقيق بناء الديمقراطية بالكامل لن يحدث، بل أن ما سيتحقق هو الحد الادنى من الاستقرار.

ويؤكد فوغت أن ما يقال اليوم عن صراعات بين المجموعات الدينية كان واضحا منذ شن الحرب الاميركية على العراق، وقد حذر منها قبل بدء الحرب خلال محادثات اجراها خلال تلك المرحلة في البيت الابيض او مع مسؤولين في الولايات المتحدة، وكانت هذه المخاوف مشتركة بين عدد من السياسيين الاوروبيين والاميركيين، أي أن ما يحدث في العراق اليوم كان واضحا لكثيرين وليس خفيا.

وفي الوقت نفسه يقول إنه لا يستطيع التأكيد ان تحجيم الحرب الداخلية في العراق سواء وصفت بالأهلية او العرقية يقتصر على أسلوب استمرار بقاء القوات البريطانية والاميركية. ويصف تلك الحرب بأن الإرهاب والعنف يسيطران على منحاها ومعهما التشنج والتوتر بين المجموعات العراقية ويختم بإبداء اعتقاده ان القوات الأجنبية سوف تبقى مدة أطول من المتوقع ، ولن يحل الاستقرار لمدة طويلة في كل المناطق العراقية، وتبعاً لهذه الصورة، ينظر للاسف بعين القلق إلى مستقبل العراق ولا يتفاءل.