وفدان لبنانيان وغياب قادة بارزين
قمة القرارات الإدارية في الخرطوم
بلال خبيز من بيروت : لم يكن مفاجئاً لمتابعي الشأن اللبناني ان تفشل القمة العربية المنعقدة في الخرطوم في اطلاق مبادرة عربية في ما يتعلق بالعلاقات بين لبنان وسورية. فالبلدان اساساً، وبصرف النظر عن التضامن العربي الذي يكثر الحديث عن ضرورته هذه الأيام، لا يجدان اسباباً كافية لمراعاة ما يراه العرب مناسباً في ما خص العلاقات في ما بينهم. مما يجعل اي مبادرة عربية في هذا المعنى مجرد تمن على حكام البلدين لا يملك من اسباب الضغط الشيء الكثير.
حتى امر المناوشات يبدو شائكاً وصعباً. فكافة المناوشات التي يخوضها بعض الاطراف المعادين لسياسات الولايات المتحدة الاميركية محصورة في بلدانهم نفسها، وليس على الأرض الاميركية، مما يعني ان المناوش يخسر في كلا الحالين: يخسر وهو يناوش ويخسر حين يتم الرد عليه. وغني عن القول ان مثل هذا السلوك لا يسلكه عاقل إلا مضطراً أشد الاضطرار.
ليس من قبيل المبالغة ان الرابطة العروبية التي شهدت اوجها في ستينات القرن الماضي لم تعد قادرة على تحقيق اي تقدم على اي صعيد. لهذا لا يبدو غريباً على قمة الخرطوم اليوم ان يغيب عنها بعض ابرز قادة الدول العربية. اي القادة الذين ما زالوا يمثلون بلاداً تملك مصالح حيوية في المنطقة، ويمكن الاعتراف بمصالحها دولياً، ويتم مراعاة هذه المصالح. وبمعنى آخر يغيب القادة الذين إذا ما اتخذوا موقفاً، فإنهم يستطيعون العمل على تنفيذه على المستوى الدولي. طبعاً لا احد يستطيع ان ينكر على الجزائر مصالحها الحيوية. لكن الفارق بين المصالح الحيوية الجزائرية والمصالح الحيوية المصرية، على سبيل المثال، ليس بسيطاً ولا يتصل من قريب او بعيد بفكرة التضامن العربي المأمول. إذ لم تعد الجزائر تحدد مصالحها الحيوية في منطقة الشرق الاوسط وفي اتصالها بالصراع العربي ndash; الاسرائيلي، واقصى ما يمكن ان تقدمه في هذا المجال هو نوع من التضامن المبدأي الذي لا يضر بمصالحها ولا يحملها اكلاف لا قبل لها بحملها. لكن الرئيس المصري او العاهل السعودي لا يستطيعان تجاهل ما يجري في سورية ولبنان، او في إيران او فلسطين. ذلك ان مصالح البلدين الحيوية مرتبطة ارتباطاً مباشراً بهذه القضايا. وحيث ان تفرق الدول العربية الكبرى في النظر إلى مصالحها بات واضحاً للعيان، فإن اجتماع قادة الدول العربية تحت سقف قمة واحدة لا يعود ممكناً ومجدياً.
الارجح ان تمثيل دول قوية وفاعلة بين الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية بوزراء خارجيتها، يعني، في نهاية المطاف، ان هذه الدول لا ترى امكانية في تحقيق تقدم ملموس على مستوى القضايا الكبرى التي تعصف بالمنطقة. وان غياب هؤلاء عن القمة يجعل من قراراتها ادارية اولاً وأخيراً. إذ لا تملك هذه القمة ان تصنع سياسة عامة وتوجهات عربية اساسية. وبهذا الغياب، تقل احتمالات الوصول إلى نتائج إلى حدها الأدنى.
في لبنان ثمة وفدان رسميان إلى القمة على خلاف الدول الفاعلة في المنطقة التي آثر قادتها الأول الغياب. وفدان لبنانيان، ليثبتا ان الأزمة اللبنانية بالغة التعقيد من جهة اولى، وانها حارة وتلح على الوضع العربي عموماً من جهة ثانية. وفدان وليس ثمة مبادرة عربية حيال لبنان. ذلك ان الوفد الواحد يعطل الآخر. وان المبادرة المطلوبة لا تحظى بإجماع اللبنانيين.
ربما تكون قمة الجزائر مناسبة فعلاً لإعلان آراء وافكار تتصل بمستقبل العرب. لكنها على الأرجح لن تنجح في اعلان مواقف. والفارق بين الحالين ان الموقف حاسم ولا يقبل الجدال، وان من صفة الرأي او الفكرة ان يكونا قيد النقاش.
وكانتالقمة العربية افتتحتأعمالها في الخرطوم بغياب ثمانيةمن القادة العربعلى راسهم العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيزوالرئيسين المصريحسني مبارك والعراقي جلال طالباني ووسط خلافات حول الموقف الذي يتعين اتخاذه تجاه ازمة دارفور.
التعليقات