رفسنجاني في حديث تنشره إيلاف عشية جولته
نحو محور سوري إيراني عراقي قريب

احمد امين من طهران : يبدأ الرئيس الأسبق رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني الاربعاء جولة عربية هدفها تعزيز التعاون الايراني ndash; العربي ، وستكون دمشق محطته الاولى ومن بعدها يحل ضيفا على الكويت حكومة وشعبا. quot;الرأي العام quot; الكويتية التقته في طهران وأجرت معه حديثا مطولا تنشره غدا وتنشره quot;إيلافquot; اليوم بالترتيب معها. ورفسنجاني الذي يصفه الكثيرون بانه الرجل الثاني في ايران ، ويعتبر الشخصية الاقرب للقائد الاعلى آية الله علي خامنئي ، اعتبر سورية الخط الامامي للنضال الفلسطيني، ويعتقد انها دفعت الضرائب الجسام بسبب هذا الدور ، كما انه يبرئ دمشق من الضلوع في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري ، ويصف الاتهامات الموجهة اليها في هذا الشأن بانها ظالمة. ويكشف رفسنجاني ان ايران تعمل حاليا مع سورية والعراق على مجموعة اقليمية جيدة تعمل على ضمان وامن وسعادة وتطور بلدان المنطقة الاسلامية والعربية. وحينما يتحدث رفسنجاني عن العلاقات الايرانية الكويتية ، فانه يتحدث عن علاقات تاريخية عميقة سبقت انتصار الثورة الاسلامية، ويؤكد ان البلدين لهما مصالح مشتركة ومواقف متطابقة في العديد من القضايا الاقليمية والدولية كما انهما يواجهان تحديات وتهديدات مشتركة. ويشدد على ان من شأن علاقات الصداقة الوثيقة والمتميزة بين القادة الايرانيين وسمو الامير الشيخ صباح الاحمد تذليل القضايا العالقة بين البلدين.

ويشير رفسنجاني في حديثه عن الانشطة النووية لبلاده ، الى عوامل بناء الثقة ، ويفسر ما قامت به طهران من تعاون وتعليق لانشطتها وتنفيذ طوعي للبروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي ، على انه رسالة واضحة في هذا الاطار وكان من المفترض على الاطراف الاخرى فهمها ، واكد ان الذرائع ستضفي المزيد من التعقيد على ازمة ايران النووية ، وانه يجب التعامل مع هذه القضية وفقا للمنطق ومرتكزات بناء الثقة.
ويرى رفسنجاني ان المقاومة الاسلامية الفلسطينية حماس تعتبر الاكثر اعتدالا بين الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من الكفاح المسلح مسارا لها ، لذلك هو يدعو الاوروبيين الى تصحيح مواقفهم حيال الحكومة الحماسية، ويوضح انه اذا اخفق الاوروبيون في التوافق والتفاهم مع حماس فانه لن يكون بمقدورهم التفاهم مع أي مناضل فلسطيني، ويبين ان الدعم الايراني للفلسطينيين هو دعم انساني ومالي.

ولايستبعد رفسنجاني الذي يعتبر في ايران واضع اللبنة الاولى للحركة الاصلاحية، حصول حوار اميركي ايراني في القضايا الخلافية بين البلدين ، في ما اذا خرجت المحادثات الايرانية الاميركية في الشأن العراقي بنتائج حازمة ، ويعتبر ان المشاكل التي تتم تسويتها في افغانستان هي بفضل المحادثات التي تحصل بين طهران وواشنطن. وفي ما يلي نص اللقاء الذي اجرته الرأي العام مع رفسنجاني في مبنى مجمع تشخيص مصلحة النظام:

جولتكم ستبدأ في سورية، كم تدعمون دمشق ضد واشنطن وضغوطها على الحكومة السورية؟

منذ الثورة الاسلامية (1979) وليومنا هذا ، كانت لنا علاقات حسنة مع سورية، وان علاقاتنا هي علاقات استراتيجية ، ومصيرنا متشابه، وطالما اعتبرنا سورية الخط الامامي للنضال الفلسطيني ، ونعلم انهم وبسبب المسؤولية التي على عاتقهم يتكبدون الضرائب الجسام ، وان الظروف الاقليمية والجغرافية جعلتهم يكابدون مشاكل حقيقية، ولكون مواقفنا كانت متقاربة فلذلك كان لنا تعاون وثيق ، وفي الظرف الراهن وفي ظل المستجدات فان القضايا التي بيننا وبين سورية اصبحت اكثر تقاربا ، وان الطرفين يواجهان تهديدات مماثلة ولديهما فرص مماثلة ايضا ، وفي الماضي كان العراق يمثل حائلا بين البلدين، وان شاء الله اذا مضت الامور بصورة جيدة في العراق وتمت تسوية المشاكل في هذا البلد، فاننا الى جانب سورية والعراق سنشكل مجموعة اقليمية جيدة تعمل على ضمان وامن وسعادة وتطور بلدان المنطقة الاسلامية والعربية.
وكما تلاحظون الان ان الاوضاع الفلسطينية تمر بمراحل جديدة ومهمة ، ما يعني ان التعاون مع سورية اصبح ضروريا جدا ، وان التعاون الثنائي دخل مراحل جيدة ، ونحن لنا تعاون واسع مع السوريين في المجالات الاقتصادية والعلمية والفنية والثقافية والسياسية والاجتماعية، الى جانب التعاون في القضايا الاقليمية والدولية، لذلك فانه وكلما حصلت تطورات جديدة فاننا نلعب دور الشقيق مع سورية وسنبقى كذلك.

محطتكم الثانية ستكون دولة الكويت، آفاق التعاون مع الكويت في عهد سمو الامير صباح الاحمد، وتوقعاتكم في شأن قضية الجرف القاري التي ما زالت عالقة بين البلدين، ومشروع تصدير الغاز الايراني الى الكويت؟

لنا علاقات تاريخية مع الكويت ، لقاءات سبقت حتى الثورة الاسلامية ، وكان هناك تعاون وثيق بين ايران والكويت، وقد تعكرت العلاقات بين البلدين خلال فترة قصيرة ابان الحرب العراقية الايرانية ، لكن والحمد لله تم وبسرعة تصحيح الامور ، لاسيما في فترة غزو صدام(حسين) لدولة الكويت، وكنا نشارك الكويت آلامها واصبح البلدان آنذاك يعانيان الما مشتركا، اذ ان ظروفنا اصبحت متشابهة، وفي تلك الظروف سعينا للتخفيف قدر المستطاع من الام ومصائب الاشقاء في الكويت، ورحبنا باللاجئين الكويتيين ، وعلى الصعيد الدولي دافعنا عن حق الشعب الكويتي ، وقدمنا كل اشكال المساعدة، ونشعر حاليا بالرضا حيال ما فعلناه، وقد ازدادت مصداقيتنا.

وكانت لنا علاقات تاريخية وصميمية مع الامير الراحل والامير الجديد الشيخ صباح الاحمد ، وما زالت علاقاتنا الوثيقة والصميمية مستمرة مع القادة الجدد في الكويت والذين كانوا ايضا اصحاب مسؤوليات مختلفة في السابق، وان العديد من الايرانيين يعيشون حاليا في الكويت ، ونحن نرغب في ان يكون لنا تواصل معهم.

والبلدان يوليان اهتماما مشتركا للقضايا في الخليج الفارسي ، مثل قضية الجرف القاري، ولنا مصالح مشتركة كثيرة وفي الوقت نفسه نواجه تهديدات مشتركة، والمصالح المشتركة تتجلى في امن المنطقة وامن العراق، وهذه المصالح تقربنا اكثر للكويتيين ، ولحسن الحظ ان تاريخ علاقات الصداقة المتينة بين البلدين تعتبر رأسمال جيدا ، ويحدوني الامل ان تسنح لنا الفرصة خلال هذه الزيارة للتحاور طويلا مع القادة في الكويت ، والسعي لتمتين وتعزيز النقاط المشتركة والتوصل الى حلول لنقاط الاختلاف ، وتوسعة التعاون المشترك.


كيف تقرأون مصير البرنامج النووي الايراني؟

ان هذه القضية اصبحت قضية صعبة ومعقدة، وتحولت من قضية اقليمية الى قضية دولية، لاسيما انها وجدت لها موضع قدم في مجلس الامن الدولي ما يعني ان اوضاعا جديدة قد استجدت ، وفي الحقيقة انها قضية معقدة، لكن اذا كان هؤلاء صادقين ويسعون إلى بناء الثقة فانه يمكن تسوية الامور بيسر، فنحن على استعداد لازالة هواجسهم وتوفير عوامل الثقة وتأكيد سلمية انشطتنا ، اما اذا كانوا يتابعون الذرائع ، ويحاولون ممارسة الضغوط على ايران التي لاتريد سوى الحصول على حقوقها، فان القضايا ستكون صعبة، ونحن وبالتمسك بالصبر والروية واحيانا بتعليق انشطتنا وتنفيذ البروتوكول الملحق قبل مصادقة البرلمان عليه ، كنا نبين لهم حسن نوايانا ونعمل على بناء الثقة ، وكان عليهم فهم ذلك ، نحن لم نكن ملزمين بفعل ذلك لكننا فعلناه لبناء الثقة، وعلى أي حال فانهم اذا ارادوا حل القضايا بنوايا حسنة ، فان ذلك ممكن ان يحصل بيسر، واذا كانوا يريدون التمسك بالذرائع ويحاولون الضغط علينا من خلال انشطتنا النووية فان الامور ستصبح صعبة وشائكة للجميع وليس لايران وحدها . وعلى أي حال فان ايران ستتمسك بحقوقها وتصر على ذلك ، وربما سوف لن تكون لهذه الطريقة من التعامل عواقب حسنة على المنطقة والعالم.

يقال ان ايران نجحت في تشغيل جميع اجهزة الطرد المركزي في ناتانز والبالغ عددها 164 جهازا بعد ان كانت استأنفت تشغيل 20 جهازا فقط، هل تؤيديون ذلك؟

صحيح ، انها مرحلة جيدة ، في الماضي كانت الامور هكذا لكن في الوقت الراهن نرى ان التقنية الغربية اكثر تطورا في حين اننا نعمل حاليا بتقنيات قديمة نسبيا ، وان هذا العدد من اجهزة الطرد يمثل مركزا صغيرا من مركز كبير لعمليات التخصيب ، واذا نجحت عملية الانتاج في هذا المركز الصغير ووفق البرنامج المرسوم، ولم يواجه خلال فترة الاختبار أي معضلات فنية، فان ذلك يعني ان ايران اصبحت تمتلك هذه التقنية .

وان خطواتنا التالية هي ان نضيف مركزا آخر يحتوي 164 جهازا ، ونقوم بربطها بالاجهزة السابقة لاجل زيادة الطاقة الانتاجية، وليتحول هذا المركز الى مركز صناعي واسع ، ولكن في المرحلة الراهنة فان المركز هو على مستوى القضايا المختبرية والابحاث .

اميركا تعتبر المصدر الرئيس للمشاكل التي تواجهها ايران على الصعيد الدولي، ومن المقرر ان يتباحث الجانبان في قضايا العراق ، كيف تقرأون نتائج المباحثات ؟ وهل هناك من سبيل لان تجلس اميركا وايران على طاولة واحدة لتسوية القضايا العالقة بينهما في قضايا اخرى؟ ما هي شروطكم؟

لنا محادثات مشابهة مع الاميركيين في افغانستان ، واثمرت عن نتائج بناءة ، في افغانستان ان عدة مشاكل تتم تسويتها في ظل المحادثات الايرانية الاميركية ، وفي السابق عقدنا مع الاميركيين اجتماعين في الشأن العراقي لكن الامر لم يتواصل وانقطعت اللقاءات ، والاميركيون في بادئ الامر اعتقدوا انهم ليسوا بحاجة لمثل هذه اللقاءات مع ايران ولذلك توقفت، اخيرا وقبل بضعة اشهر ادرك الاميركيون ان بامكان المحادثات مع ايران في شأن العراق ان تحقق النتائج المفيدة نفسها التي تحققت في افغانستان ، لاسيما ان للطرفين مصالح مشتركة في العراق ، فنحن نتطلع إلى تعزيز الامن والاستقرار في العراق ، والاميركيون مرغمون على ان يحصل الاستقرار في هذا البلد، لانه لو استمرت الامور على ماهي عليه فانه سوف لن يبقى لاميركا ماء وجه ، لذلك انهم بادروا وتقدموا بطلب اجراء محادثات في شأن العراق كما حصل في الشأن الافغاني وكانوا هم ايضا المبادرين حينها.

وكانت ايران ترفض المحادثات مع الجانب الاميركي ، ولكن القادة في العراق ، السادة (جلال) الطالباني و(عبد العزيز) الحكيم و(ابراهيم) الجعفري والاصدقاء الاخرين ، بدأوا ومنذ فترة بالاصرار على ايران وطلبوا منا الدخول في محادثات مع الجانب الاميركي لاجل العراق ، وفي الحقيقة ان موافقة ايران على ذلك هو بمثابة تضحية وايثار ، ولم يكن الامر سهلا لو اخذنا في الاعتبار الشعارات والاجواء الداخلية في ايران ، وما سيتم النقاش حوله متعلق بالعراق فقط ، وان الجانبين اكدا ذلك .
لكن لو استشرفنا التاريخ لرأينا حصلت امور مشابهة، اذ تم البدء من قضية صغيرة ثم توسع الامر الى قضايا كبيرة ، والامر مرهون بالمحادثات نفسها، كم ستكون صادقة وجادة في التوصل الى نتائج ، وانا اعتقد انه اذا توصلت المحادثات الى نتائج فانه بالامكان توسعتها.

رأيكم في التحقيق الدولي بحادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، وهل تؤيد طهران معاقبة الضالعين في هذا الحادث حتى ولو كانوا مسؤولين سوريين أو لبنانيين كبارا؟

ان أي جهة نفذت عملية اغتيال الحريري ، انما قامت بعمل سيئ للغاية ، ولايوجد من يؤيد الاغتيال ونحن كذلك لانؤيده ، ونحن نثق بالسوريين فهم اناس صادقون ، ولانعتقد انهم يقدمون على تنفيذ عمل كهذا ، فهم ليسوا بحاجة لمثل هذا العمل ، ما الذي كانوا يرومون له في لبنان حتى يلجأوا الى اغتيال السيد الحريري ، ووفقا للمنطق الى جانب ثقتنا بالسوريين والصدق الذي لمسناه منهم ، نعتبر التهمة الموجهة اليهم تهمة ظالمة، واذا تم بحث ملابسات الحادث بصورة عادلة وبعيدا عن الاغراض السياسية فانني اعتقد ان براءة السوريين ستنكشف للعلن سريعا ، فما حصل لم يكن من تدبير السوريين ، بل من فعل الاطراف التي تحاول اثارة الفتنة وزعزعة الاوضاع في لبنان والمنطقة ، ويجب تقصي مثل هؤلاء المشتبه بهم.

وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الى جانب اطراف دولية اخرى ، قرروا قطع المعونات عن حكومة حماس، هل ستقدم طهران الدعم المالي والسياسي لهذه الحكومة؟
ان الاوروبيين يرتكبون الخطأ في اتخاذ مواقف كهذه، ففي النتيجة ان حماس هي تنظيم اسلامي يمتلك تاريخا نضاليا حافلا ، وحماس لم تكن تنظيما متطرفا، بل فصيل اسلاميل ناضل وجاهد وقد وضع الشعب الفلسطيني ثقته بهذا الفصيل وصوت لمصلحته ، واذا هؤلاء لايستطيعون اليوم التوافق مع حماس فانهم لن يستطيعوا التوافق مع أي مناضل فلسطيني ، فحماس تعتبر التنظيم الاكثر اعتدالا في صفوف المناضلين الفلسطينيين الذين يتبنون الكفاح المسلح، وهو تنظيم قوي ومقتدر ، وفي تقديري انه في مصلحة المنطقة والعالم هو عدم تعريض حماس لمثل هذه الضغوط ، وليتركوا هؤلاء يتحركون بجدية في مساراتهم، وطبعا على الاخرين ان يمنحوا الشعب الفلسطيني حقوقه، واذا لم يفعلوا ذلك وتركوا الشعب الفلسطيني مشردا وعلى ما هو عليه الان فانه لن يكون هنالك من سبيل لتسوية الازمة ، الا اذا كانوا هم يرغبون في بقائها من دون حل، وحسب الظاهر انهم غير راغبين في حلها ، ولو كان الامر عكس ذلك فانه كانت هناك سبل جيدة لتسويتها.اما بالنسبة إلى إيران ، فانها وقبل حماس كانت تقدم ما باستطاعتها للقضية الفلسطينية ، ومساعداتنا كانت في الاطر الانسانية واحيانا المالية ، واعتقد اننا يجب العمل دائما وبمقدار استطاعتنا بالواجبات التي نراها ملقاة على عاتقنا ازاء القضية الفلسطينية.

لو اراد آية الله رفسنجاني ان يبعث برسالة قصيرة للشعب الاميركي ، فماذا يقول؟

ادعو الشعب الاميركي الا يصدقوا الحملات الاعلامية التي تنفذها حكوماتهم او الصهاينة ضد ايران، فايران بلد مسلم نجيب رزين مسالم ، ونعتقد ان سبل سعادتنا تتحقق من خلال التعاون والمماشاة، التعاون الاقليمي والدولي ، واننا نريد ان نعمل وفق تعاليم الدين الاسلامي ومعظم الاميركيين يرغبون العمل في اطار المسيحية، والدينان هما من الاديان السماوية ، وان التعاليم السماوية في القرآن تدعونا إلى التعاون مع اهل الكتاب والاتكاء على القضايا المشتركة .