مؤتمر في لندن يناقش أزمة الجزر الاماراتية
عادل درويش من لندن: جزرالإمارات العربية الثلاث المتنازع عليها مع ايران واحتمال تحولها الى نقطة صدام مسلح تتطور الى حرب شاملة قد تجرالقوى العالمية اليها، هي موضوع مؤتمر اليوم في لندن لفحص تاريخ النزاع والجوانب القانونية، وما إذا كان الموقف المتشدد الإيراني بشأن ازمة تطويرها للتكنولوجيا النووية قد تجعل من توتر الجزر نقطة صدام جديدة عبر شطي الخليج، وما هي السبل الديبلوماسية والإستراتيجية لتجنب هذا السيناريو في ضوء السياستين البريطانية والاميركية في الخليج ؟
والمؤتمر ينظمه معهد الدراسات الإستراتيجية الدولية الفرنسي، طوال اليوم ويشترك فيه عدد من المحامين الدوليين واخصائي العلاقا ت الدولية والأكاديميين من معاهد وجامعات بريطانية وفرنسية والجامعة الأميركية في باريس.
ويبدأ المؤتمر بمعرض للصور والخرائط عن جزرالإمارات الثلاث، طنب الكبرى والصغرى وابو موسى، وعدد من المحاضرات والحلقات النقاشية يستمر حنى مساء اليوم، في قاعة استأجرها المعهدالفرنسي في مبنى تابع لوزارة الخارجية البريطانية، ولو ان الديبلوماسية البريطانية لن تشترك في المؤتمر.
ويعود النزاع الإيراني الإمارتي حول الجزر الثلاث لأكثر من ثلاثة عقود ويشكل محور توتر حاد بين الجانبين.وكانت الجزرالثلاث تقع تحت السيادة الإمارتية حتى استولت إيران على جزيرتي طنب عندما ارسل الشاه قواته لتهبط عليها عام 1971، في الوقت الذي كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان يؤسس اتحاد الأمارات (المكون من ابو ظبي،؛ دبي؛ الشارقة؛ الفجيرة؛ راس الخيمة وعجمان) حيث كانت الجزر تابعة للأمارت الصغرى الأقل شهرة ونفوذا ولا توجد قوة بحرية لديها تمنع هبوط الإيرانيين عليها.
وفي عام 1992، ضمت الجمهورية الاسلامية الايرانية جزيرة ابوموسى رسميا اليها، وان كان موقف القاون الدولي لايزال يعتبرها ارضا متنازع عليها.
لكن دولة الأمارات المتحدة لم تقبل ابدا بالحكم الإيراني وظلت تطالب بها، حيث اصبحت الجزر واحدة من اهم نقاط الصراع والتوتر الحدودية في الخليج، المعروف في الخرائط القديمة بالخليج الفارسي، وبدات الدول العربية في تسميته بالخليج العربي، مننذ صعود حركة القوميةالعربية في الستينات من القرن الماضي.
المفارقةان الديكتاتورالعراقي السابق، صدام حسين، جعل من موضوع الجزراحد اسباب الحرب التي بدأها ضد ايران عام 1980، وان كان اعلامه شطب القضية من نشراته الأخبارية والصحف عندما ساء وضع قوات صدام حسين في الحرب التي استمرت ثمانية اعوام.
ورغم صغر مساحة هذه الجزر، حيث لاتزيد اكبرها ابوموسى على 12 كليومتر مربع،الا انها اصبحت محور نزاع متزايد، بسبب مطالب السيادة من ناحية، ولاهمية موقعها الإستراتيجي من ناحية اخرى الذي يشكل تاثيرا كبيرا على التجارةالعالمية وحركة الملاحة.
فمن ناحية الإستراتيجية العسكرية، يستطيع من يسيطر على الجزر عرقلة الملاحة في جنوب الخليج حيث يمر اكثر من خمس البترول الخام في طريقهللاسواق العالمية.
وفي العامين الاخيرين من حرب الخليج الاولى (العراق وايران) ازدادت هجمات الحرس الثوري الإيراني المسلح، بزوارق سريعة بعضها فرنسي الصنع،على ناقلات البترول الخام التي تحمل صادرات بترولية عراقية وكويتية واماراتية،انتقاما من هجمات الطيران العراقي على منشآت البترول الإيراني وناقلات البترول التي تحمل صادرات ايرانية، بصواريخ الاكزوسيت الفرنسية الصنع التي كانت تطلق من على بعد 20 كيلومتر.
وشهد عام 1987، ردا منالأسطولالأمريكيالذي هاجم مراكزالحرسالثوريالايراني بسبب تهديد حريةالملاحة فيالممراتالدولية. وكانت بريطانياارسلت دوريةارميلا للبحريةالملكية لحمايةالملاحة في مضايق هرمز؛ كمالاضطرتالكويتالى طلب حماية دولية منالاسطولينالسوفياتيوالامريكي لناقلات بترولها خشيةالتهديداتالايرانية من زوارقالحرسالثوري منالجزرالثلاث.
وادى التزايد العسكري الدولي في الخليج والهجمات على ناقلات البترول الى وقوع اشتباكات خارج الطرفين المتحاربين، حيث اسقطت المقاتلات السعودية طائرتين ايرانيتين عام 1986 بسبب تكراراختراق الطيران الإيراني للأجواء السعودية والإماراتية وتهديد منشآت البترول على الشاطيء الغربي للخليج.
كما ادى التوتر الىحوادث غير مقصودة وخسائر في الأرواح. ففي عام 1987 اطلق طيار عراقي صاروخ اكزوسيت على المدمرةالأمريكية quot; ستاركquot; ،التي اخطأها على شا شة الرادار في ناقلة ايرانية، مما تسبب في مصرع 20 بحارا اميركيا وجرح العشرات.
وفي عام 1988،اخطأ عامل الرادار على ظهر الطراد الامريكي فينسينس، طائرة ايرباص مدنية ايرانية قرب بندر عباس في طائرة عسكرية ظنها معادية، واطلقت فينسينسصاروخا اسقط الطائرة الايرانية متسببا في مصرع اكثر من مائة شخص. ولايزال بعض المؤرخين يعتقدان تفجيرالطائرة الأميركية بانام رحلة 103 فوق لوكربي في اسكتلندا نهاية عام 1988 ومصرع اكثر من 180 من الركاب ومن سكان لوكربي، كان بتدبير ايران انتقاما لإسقاط فينسينس لطائرة الركاب الإيرانية؛ وان كانت الرواية المقبولة رسميا هي مسؤولية ليبيا عن الحادثة.
وبسبب التوتر الحالي بين ايران في ناحية، واغلبية المجتمع الدولي ndash; خاصة بلدان الجامعة العربية واوروبا والولايات المتحدة- بشأن برنامجها النووي، يخشى الخبراء والمراقبون ان تعيد ايران الكرة وتستغل وجودها عسكريا في الجزر لتهديد الملاحة الدولية، خاصة صادرات البترول من الخليج، في حالة اتخاذ مجلس الأمن موقفا متشددا منها او فرض عقوبات عليها. وربما تكون النتائج اكثر سوءا اذا ما اتخذتحالف عالمي، بزعامةالولايات المتحدة،اجراءات عسكرية ضد، او حصارا اقتصاديا جغرافيا على ايران.
وبسبب تاريخ التوتر، قد تصبح الجزرالثلاث المتنازع عليها شرارة اشتباك عسكري بين الجانبين، وسببا في اندلاع حرب جديدة ستنجرالقوى العالمية اليها لامحالة في هذه الحالة، بسبب الأهمية الأستراتيجية لهذه الجزر ورفض العالم السماح لايران بالتحكم في حركة الملاحة وتعطيل تدفق البترول الى شرايين الطاقة والصناعة العالمية.
التعليقات