وأعلنت سلطات الاحتلال آنذاك، بان سبب حملة الاعتقالات ومن ثم الإبعاد كانت اسر كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، للرقيب أول في حرس الحدود الإسرائيلي (نسيم توليدانو) بتاريخ 12-12-1992، وفي اليوم التالي شنت حكومة إسرائيل حملة اعتقالات استمرت حتى السادس عشر من الشهر نفسه، وردا على حملة الاعتقالات هذه، أعلنت كتائب القسام، عن إعدام توليدانو.
وتسارعت التطورات آنذاك، وتم إبعاد المعتقلين إلى جنوب لبنان، ومن بينهم الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الذي اغتالته إسرائيل خلال انتفاضة الأقصى، والذي برز كمتحدث باسم المبعدين، والدكتور عزيز الدويك، رئيس المجلس التشريعي الحالي الذي اختاره المبعدون ليكون ناطقا باسمهم أمام وسائل الإعلام الأجنبية.
وتتشابه حملة الاعتقالات التي نفذتها حكومة إسرائيل، فجر اليوم الخميس، مع ما جرى في ذلك اليوم الذي يبدو بعيدا، حيث تأتى هذه الحملة، بعد أيام من اسر كتائب القسام للمجند الإسرائيلي (جلعاد شليت) وإخفائه في قطاع غزة، مثلما حدث مع توليدانو.
وتتشابه أيضا الأسماء التي شملتها الحملتين، رغم أن كثيرا من الذين تم إبعادهم آنذاك قضوا في عمليات اغتيال بالصواريخ الاسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى مثل محمود أبو هنود، وعبد الله القواسمي، ونادر الجواريش، وعبد الرحمن حماد، وجمال منصور، ويوسف السركجي، ومالك ناصر الدين، وجمال سليم وغيرهم.
وقبل هذه الحملة فان عددا من الذين شملتهم الحملة السابقة عام 1992، ما زالوا في المعتقلات الإسرائيلية، ونجحوا في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة أو الانتخابات البلدية وهم في المعتقلات ومن بينهم: خالد طافش، ونزار رمضان، وعزام سلهب، وحاتم قفيشة وحسن يوسف واحمد مبارك، وفتحي القرعاوي، وجمال الطويل رئيس بلدية مدينة البيرة، وغيرهم.
وشملت الحملة التي نفذتها سلطات الاحتلال فجر اليوم، أشخاص كانوا ابعدوا إلى مرج الزهور، بعد اسر وقتل الرقيب الإسرائيلي توليدانو ومن بينهم: وزير الأوقاف نايف الرجوب، ووجيه قواس رئيس بلدية قلقيلية، والنائب وائل الحسيني، والنائب ياسر منصور، والنائب أنور زبون، والوزراء خالد أبو عرفة، ومحمد البرغوثي، ووصفي قبها وغيرهم.
|
وحسب مراقبين فان الحملة الأولى التي استهدفت حماس، كانت تهدف إلى إضعاف الحركة التي لم تكن تشكل ثقلا كبيرا في الساحة الفلسطينية آنذاك، وبدلا من أن تضعفها الحملة، أكسبت المبعدين تعاطفا عربيا ودوليا، وتمكن نشطاء الحركة بعد عودتهم من ترميم خلاياها، وتجنيد العشرات مستفيدين من الشعبية التي نالتها الحركة، كمنظمة مقاومة، ووجدت في الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية مخزنا لا ينضب أمدها بكوادر جديدة، مثلما فعلت هذه الجامعات طوال سنوات مع حركة فتح ومنظمات اليسار الفلسطيني.
وظهرت الحركة بعد اتفاقات أوسلو، كمدافعة عن الحقوق الوطنية الفلسطينية، وعزز مكانتها لدى الشارع الفلسطيني، ما وصف بالأخطاء التي ارتكبتها السلطة بقيادة فتح وحلفائها من قوى يسارية صغيرة مثل حزب الشعب (الشيوعي سابقا) وجبهة النضال بقيادة سيمر غوشة، وحزب فدا بقيادة ياسر عبد ربه، وبروز مسؤولي السلطة كأشخاص متهمين بالفساد.
وبعد 13 عاما فان إسرائيل تنفذ حملة أخرى واسعة ضد الحركة، بعد أن أصبحت لاعبا رئيسيا فلسطينيا وإقليميا. هل تستطيع إسرائيل هذه المرة من كسر شوكة الحركة؟ وتنجح فيما فشلت فيه سابقا؟ ربما الأسابيع المقبلة تحمل الإجابة.
التعليقات