لندن: بعد ان انتهى مؤتمر روما حول الازمة الراهنة في لبنان دون ان يتوصل الى قرار حاسم حول كيفية حل النزاع المستعر بين اسرائيل وحزب الله، ما الذي يمكن ان يخبئه المستقبل. رأى مراقبون ان الأزمة في لبنان تحمل في طياتها 6 سيناريوهات بناء على الأحداث التي تحصل يوما تلو الآخر وفي ظل فشل مؤتمر روما.
حل ديبلوماسي
بموجب هذا السيناريو، تتفق الحكومة اللبنانية وحزب الله على تطبيق قرار مجلس الامن المرقم 1559 الصادر في سبتمبر ايلول 2004 والقاضي بحل كل الميليشيات المسلحة في لبنان وبسط سيادة الحكومة اللبنانية على كل البلاد. يتوجب على حزب الله بموجب هذا القرار اخلاء مواقعه في الجنوب لكي يحل محله الجيش اللبناني وبذا تتم ازالة بؤرة مهمة من بؤر الصراع.
بعد ذلك يتفق حزب الله مع اسرائيل على وقف اطلاق النار، وتتم المصادقة على الاتفاق ضمن قرار جديد يصدره مجلس الامن. عندذاك، يصار الى نشر قوة دولية في المنطقة الحدودية الفاصلة بين اسرائيل ولبنان لحين جهوزية الجيش اللبناني لتسلم المهام الامنية في المنطقة.
ولكن لن يكون من اليسير الحصول على اتفاق على صلاحيات هكذا قوة - التي من المفترض ان تأخذ مكان قوة المراقبة التابعة للامم المتحدة - او عددها او كيفية نشرها. ولذا، فمن المحتمل ان يفرض الاسرائيليون quot;منطقة عازلةquot; في الجنوب اللبناني لفترة من الزمن، ولكن اي اتفاق يجب ان يتضمن انسحابا اسرائيليا كاملا من الاراضي اللبنانية.
كما يجب ان يتوصل طرفا النزاع الى اتفاق حول القضية التي اتخذتها اسرائيل ذريعة لشن الحرب الدائرة رحاها حاليا، الا وهي احتجاز حزب الله لجنديين اسرائيليين. ففي الوقت الذي تطالب اسرائيل فيه باطلاق سراحهما دون قيد او شرط، يصر حزب الله على ان اطلاقهما لن يتم الا من خلال عملية تبادل شاملة.
كما يطالب لبنان بانسحاب اسرائيل من منطقة مزارع شبعا الواقعة على مشارف جبل الشيخ والتي تحتلها حاليا. ولكن الامم المتحدة تصر على ان مزارع شبعا اراض سورية يجب الاتفاق بصددها من خلال المفاوضات بين دمشق وتل ابيب.
طريق مسدود
بموجب هذا السيناريو، يخفق الجيش الاسرائيلي في ازاحة مقاتلي حزب الله من مواقعهم في الجنوب اللبناني، بينما يرفض الحزب التوصل الى اي اتفاق مع الحكومة اللبنانية. النتيجة: يستمر القتال.
من شأن هذا السيناريو ان يمنع اسرائيل من تحقيق اهدافها، مما يؤدي الى انعكاسات سياسية داخلية في اسرائيل التي عقدت على هذه المغامرة آمال كبيرة.
كما من شأن سيناريو الطريق المسدود أن يفسر على انه quot;اندحار لاسرائيلquot; حيث انها تفشل في تحقيق اهدافها. ومن الملاحظ في هذه الحرب ان الاسرائيليين يواجهون مصاعب لم يكونوا يتوقعونها، فتضاريس الجنوب اللبناني تعتبر بيئة مثالية لحرب العصابات، كما تمنع الطبيعة الوعرة الدروع الاسرائيلية من التقدم بيسر وسلاسة.
لذلك، فإنه من الممكن جدا ان يخفق الاسرائيليون في الفوز بالنصر الحاسم الذي يريدون. واذا ما حصل ذلك، فمن شأن القتال ان يستمر بوتائر مختلفة لفترة طويلة بما في ذلك مواصلة اسرائيل لقصفها الجوي محاولة منها في قطع طرق امدادات حزب الله الى الجنوب.
من جانبه، سيواصل حزب الله قصفه الصاروخي للمدن والبلدات الاسرائيلية من قواعده الى الشمال من اي منطقة عازلة قد تقرر اسرائيل احتلالها. يعني كل هذا ان معاناة المدنيين ستتواصل.
قد تقرر اسرائيل احتلال شريط من الارض اللبنانية في الجنوب وتعلنه quot;منطقة عازلةquot; من جانب واحد. وبوصول الازمة الى طريق مسدود، ستتواصل المناوشات والصدامات بين الجانبين مع احتمال تطورها الى حرب جديدة في أي وقت.
نصر اسرائيلي
تواصل اسرائيل ضغطها الى ان تعتقد انها حققت اهدافها. آنذاك، قد تعلن وقفا لاطلاق النار (او قد لا تعلن ذلك)، ولكنها في كل الاحوال ستسلم الجنوب اللبناني لقوة دولية وتنسحب. وبعد مدة، سيتم نشر الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية وتعلن اسرائيل انها انتصرت على حزب الله - ولو انه من غير المرجح ان تسترجع جندييها المحتجزين.
خفوت الحرب تدريجيا
من المحتمل ان يعلن الاسرائيليون في مرحلة ما عن انهم حققوا هدفهم الرئيسي في ازاحة حزب الله من المنطقة الحدودية. وقد لا يتم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار، ولكن القصف الاسرائيلي سيتوقف او يقل الى حد بعيد. وقد يرد حزب الله بالكف عن استهداف المواقع الاسرائيلية بالصواريخ، ولو ان بعض الصدامات المتقطعة قد تقع بين الوقت والآخر.
ولكن من شأن هذا السيناريو ان يترك المواضيع الخلافية الكبرى بين الجانبين دون حل، بما فيها موضوع الجنديين الاسرائيليين المحتجزين. فاسرائيل ترفض استبدالهما بسمير قنطار، السجين اللبناني الذي يصر حزب الله على اطلاق سراحه. ويصر الاسرائيليون على ان الوسيط الوحيد الذي يمكن ان يتفاوضوا معه في قضية استبدال الاسرى هو رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس.
غزو اسرائيلي واسع
قد تقرر اسرائيل توسيع نطاق هجماتها الارضية اذا قام حزب الله على سبيل المثال باستهداف مدن جديدة في العمق الاسرائيلي. ففي عام 1978، وصل الاسرائيليون الى نهر الليطاني الواقع على مسافة 20 كيلومترا شمالي الحدود بين البلدين، كما قاموا بحصار بيروت عام 1982. ولم ينسحب الاسرائيليون من لبنان الا في عام 2000.
وكان هدفهم في الحالتين ازاحة المقاومة الفلسطينية من لبنان، الامر الذي نجحوا فيه عام 1982. ولكن الذي حصل ان مقاتلي حزب الله اخذوا مكان المقاتلين الفلسطينيين.
من الممكن ان يقرر الاسرائيليون توسيع نطاق هجماتهم الارضية المحدودة الى عمليات واسعة كالتي رأيناها عام 1978، وقد يفكرون في احتلال صور التي يستخدمها حزب الله في اطلاق صواريخه على الاهداف الاسرائيلية.
ولكن من شأن هذا السيناريو ان يحمل اسرائيل اعباء احتلال جديد، ويضعها تحت طائلة الهجمات المستمرة، ولن يوفر الحل الدائم الذي يسعون اليه. وفي حالة انسحابهم، سيعود حزب الله الى مواقعه السابقة.
تصعيد
قد تتصاعد حدة القتال، وذلك بقيام حزب الله باستهداف مدن اسرائيلية لم يستهدفها الى الآن، مما سيؤدي بالاسرائيليين الى تصعيد قصفهم وعملياتهم الارضية. واذا ما حصل ذلك، فسترتفع حدة التوتر في المنطقة بشكل عام. فالحكومة اللبنانية التي تمكنت من الصمود الى الآن قد تنهار اذا لم يتم تخفيف الضغط المسلط عليها ولم يبد في الافق حل ما خصوصا فيما يخص المعاناة التي يتعرض لها المدنيون. اما حزب الله، فسيزداد قوة.
وقد يستحيل القتال الدائر في لبنان الى جبهة جهادية جديدة تستقطب المقاتلين الاسلامويين من مناطق اخرى في العالم، كما قد تمتد الحرب لتشمل سوريا وايران.
فسوريا التي خسرت نفوذها في لبنان في السنتين الاخيرتين قد تطمع في استعادة هذا النفوذ الزائل. كما سيكون من شأن التصعيد اعادة الملف النووي الايراني الى الواجهة ويحوله الى مواجهة دبلوماسية واقتصادية مع الغرب. فحل المعضلة النووية يحتاج الى تفهم وثقة - الامران اللذان تعرضا الى ضرر شديد في الازمة الحالية.
التعليقات